بداية نذكر بقوله تعالى (ويحق الله الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين)
ونذكر بقوله تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
وأيضا قوله جل وعلا (ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله)
قالوا قولتهم لن نعترف بفلسطين، وجيشوا جيوشهم وأعلنوها صراحة للعالم في تصريحاتهم المتلفزة وفي بياناتهم العسكرية، وفي إعلامهم العبري النازي العنصري، لا مكان لأهل فلسطين فيها، ما هذا القول العجيب، المحتل الإسرائيلي، المستوطن مغتصب الأراضي، سارق البسمة من على شفاه الأطفال، حارق الأرض وهاتك الأعراض، يقول لا مكان لأهل فلسطين في بلادهم.
وراحت دبلوماسيتهم العفنة تجوب بلدان العالم مدولين ما أطلقوا عليه قضيتهم العادلة، موهمين العالم أنهم شعب الله المختار وأن فلسطين أرض ميعادهم هم وحدهم، وللأسف صدقتهم كثير من الحكومات، وراحوا يدافعون عنهم فى المحافل الدولية، من يستخدم حق النقض لدحض ودحر أي قرار في صالح فلسطين، ومنهم من رفع يده مؤيدهم.
إلى أن فضحتهم وفضحت شناعاتهم حرب السابع من أكتوبر من العام ألفان وخمس وعشرون، افتضح مخططهم التقسيمي الدنئ، وانكشف للعالم بأسره سر تمسكهم بإبادة غزة وتهجير أهلها منها قسرا، فغزة خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، حجر العثرة الذي يقف صامدا أمام تحقيق حلمهم الخبيث ففضلا عن المشروع الاستيطاني إلا أن حلم المنتجعات السياحية والمدن الإستثمارية وميناء غزة ومعاصر الزيتون، كل ذلك راود الطامعين.
لكن ثمة أسباب عديدة سأذكرها كان عليها المعول الرئيس في صحوة الحكومات الأوروبية فى الاعتراف بدولة فلسطين، وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
السبب الأول، ويتخلله عاملين رئيسين:
العامل الأول، ثبات المقاومة ممثلة فى الفصائل الفلسطينية من خلال تصديهم لهذا العدوان الغاشم الذي لم يجد حيلة أمامه إلا ضرب المدنيين العزل من السلاح.
العامل الثاني، ثبات المواطنين في غزة على أراضيهم وتمسكهم بها على الرغم من الحصار الخانق والتجويع إلا إنهم رفضوا ترك أراضيهم، حتى وإن نزحوا إلى أماكن خارجها نهارا إلا إنهم يعودون إليها ليلا مما أربك خطوط العدو.
فإذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر.
السبب الثاني، ويعد من أهم الأسباب، وهو ملف الأسرى، فهو الورقة الرابحة لدى المقاومة التي هم من بيدهم وحدهم القدرة على متى يستخدموها ومنى يمتنعون، متخذين من الحرب النفسيه ورقة ضغط من خلال هذا الملف، لأهالي الأسرى من الصهاينة.
أيضا مقدرة المقاومة الفائقة على التمويه في إخفائهم، بدرجة أن أحدث أجهزة التنصت الإسرائيلية فشلت في تعقبهم، فلا هي قادرة على استعادتهم ولا هي قادرة على قتلهم.
السبب الثالث، ذكاء فصائل المقاومة ووفودها المفاوضة وذكاء الوسطاء سواء من مصر أو قطر، فراحت المفاوضات ما بين الحديث عن هدنة تارة، والحديث عن إنهاء الحرب تارة أخرى، والحديث عن فشل المفاوضات تارة ثالثة، ثم الحديث عن إمكانية عودة المفاوضات، مما أربك الرأي العام فى الداخل الإسرائيلي وأدى ذلك إلى انقسامات داخل الكنيست وداخل الأحزاب السياسية في تل أبيب مما أربك القيادة السياسية التي زادت الطين بلل بفتح جبهات قتالية جديدة، كحربها مع إيران ومع اليمن وفي لبنان ومع حزب الله.
فضلا عن الزعر الذي أصابهم واربك حساباتهم عندما رأوا الحشود العسكرية المصرية تملأ سيناء.
السبب الرابع، فقدان أمريكا مصداقيتها أمام العالم، خصوصا في تدوينات ترامب المتكررة على حسابه الشخصي، من أن الحرب ستنتهي، ثم تهاجم إسرائيل، حرب إيران ستنتهي، ثم يضربون إيران، فضلا عن فرضة رسوم جمركية جديدة على كثير من الدول، مما أدى إلى خفض بعض الدول صادراتها إلى أمريكا مما أدى إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي الأمريكي.
السبب الخامس، وقد يكون سبب خفي عن البعض، وهو اللاءات المتكررة والانذارات المتعددة التي أطلقتها مصر العربية في كلماتها في ثلاثة قمم متتالية، قمة مصر، قمة بغداد، قمة قطر، قمة قطر وضعت النقاط على الحروف، وقلنا وقتها لا تعولوا على ما هو معلن فما خفي كان أعظم، والأعظم أتى الإعلان عنه من خارج الدول العربية، الاعتراف بدولة فلسطين، أليس هذا كان مطلبا رئيسا طالبت به الدولة المصرية.
السبب السادس، انطلاق الشعوب المتحررة إلى الشوارع في كل بلدان العالم تندد بجرائم الاحتلال شاهدنا في كبريات ولايات أمريكا، في لندن، فى الدنمار، فى السويد، في إسبانيا.
تجوب الشوارع ممسكة بالأعلام الفلسطينية منددة بأقصى عبارات التنديد حتى وصل الأمر إلى إحراق إعلام إسرائيلية ورفع لافتات تتهم قادة أوروبا ورئيس أمريكا بالعنصرية.
أليس هذا سبب رئيس لتحريك المياه الراكدة ويكون مدعاة لاعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين.
ونردد ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذا أرادت إسرائيل أن تحقق أمنها وسلامها واستقرارها فلترضى بحل الدولتين وتوافق على إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان
التعليقات