أيا لغتنا الجميلة ماذا حدث لك ، لم كل هذه الانتهاكات الصارخة التي تتعرضين لها ، ما واقعك هذا الذي تحييه ، لم كل هذا التغول والسطو عليك وإهدار جوهرك ومحاولة طمس معالم هويتك.
ما الأسباب التي أدت إلى هذا الإنهيار ، هل هذا الانهيار مقصود من أجل محو هويتنا العربية وتغريبنا عن أصولنا وفكرنا.
هل هذا الانحطاط للغتنا لأنها لم تجد من يدافع عنها معتمدا على إنها لغة القرآن ومحفوظة ولن يصيبها أذى لأن الله حافظها.
ما هذه السلبية واللامبالاة ، نعم حفظ الله تعالى القرآن وحفظه لغته ، لكننا وكلاء الله فى الأرض ، ومن ثم فعلينا دور لا يمكن تجاهله تجاه الحفاظ على لغتنا العربية الأصيلة.
فماذا نحن فاعلون ، وهذا هو المأمول الذي نأمل تحققه لعودة الصدارة والسيادة لهذه اللغة.
فإنه حتى يتحقق ما نصبو إليه ، ضرورة ملحة أن نشخص الداء ، ثم نحاول جل استطاعتنا أن نقدم الدواء.
اللغة العربية لغة القرآن الكريم،(قرآنا عربيا غير ذي عوج)، وقوله تعالي(إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)،وقوله جل وعلا (بلسان عربي مبين)
اللغة العربية وأدابها لغة البيان، لغة الإفهام، لغة التبيين والتبيان.
لغة الأوزان والعروض والقافية، لغة المحسنات البديعية.
أنعم بها من لغة، وأكرم بكل من أتقنها وتفنن في الحفاظ عليها.
في كل عام يقام يوم عالمي للاحتفال باللغة العربية، وتتسابق مجامع اللغة العربية في كل البلدان الناطقة بها، تتسابق للاحتفال بها.
الكل يتباري ويتسابق في إلقاء الكلمات، من مقالة مكتوبة، من أشعار مسموعة، من سرد جزء من قصة قصيرة كتبها صاحبها.
وهذا جد محمود غير مرزول ويحسب لهم ، وقد كان لي شرف المشاركة من ذي قبل في ندوة قسم اللغة العربية في اليوم العالمي لللغة العربية، بكلمة وضحت فيها مكانة اللغة العربية،واستشهدت بآيات من القرآن على أهمية اللغة العربية.
وشاركت بالأمس في ندوة أقيمت في مقر رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، شاركت بأكثر من مداخلة وضحا فيهم الخلل الذي أصاب اللغة العربية ، لا اللغة كلغة وإنما ما أصاب للناطقين بها والمنسوبين إليها.
السؤال الملح، هل نحتفي ونحتفل بلغتنا الجميلة بمجرد الكلمات والخطب الرنانة، ويفض المولد ونعود إلي حيث بدأنا، عود علي بدء.
إن اهتمامنا باللغة العربية،لغتنا الرئيسة هي مسألة حفاظ علي هويتنا العربية، كما ذكرت.
حفاظ على ذاتنا المفكرة من الاغتراب والوقوع في براثن التبعية البغيضة التي دوما ما أرفضها، بمعني، نحن نتحدث اللغة العربية ولساننا عربي.
هل المعاصرة والمواكبة تفرض علينا محو هويتنا العربية والذوبان في الآخر الغربي، نحن في بلد عربي، ما الدافع إلي استبدال لغتنا في موضوع التحية، تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيرد عليك أو ترد عليك بلغة الكوكاكولا، والبرجر، وبلكنة غريبة بكلمة هاي أو باي ، بإشارة سخيفة لا يفهم المقصود منها بالضبط.
لماذا هذا التغريب عن هويتنا العربية، نحن لانرفض الحداثة والمعاصرة، لا نرفض التحول الرقمي والتقدم التقني والثورة المعلوماتية، لكن نحافظ علي تراثنا اللغوي وحصيلتنا اللغوية، لا نرفض الذكاء الاصطناعي.
لكن في نفس الوقت لا نجعل هذه الأمور سببا في محو هويتنا العربية ، وإهدار لغتنا الجميلة الجليلة.
كثير من مفكرينا وعلمائنا ،سافروا إلى بلاد الغرب، وتعلموا أكثر من لغة، لكن عندما عادوا عادوا محملين بتراث الغرب في جانبه المشرق المنير طارحين وراء ظهورهم، كل ما يتنافى مع قيمنا وتقالدينا والمحافظة على الشخصانية العربية، ولنا في الشيخ الطهطاوي،محمد عبده، مصطفى عبد الرازق ، أحمد الطيب القدوة والمثل، عادوا كل في مكانه بلسانه العربي المبين.
فمنهم من كتب فى الصحافة ومنهم من حاضر في الجامعة بلغته العربية الفصحي لم يحيدوا ولم يميدوا عن خطهم المستقيم الذي رسموه لأنفسهم.
في قلوب كل من هو غيور على لغته غصة مما يرونه ونراه على شاشات التلفزيون، وفي الإذاعة، وحتى في الصحف الورقية، تجن سافر علي اللغة العربية، والحجة، أنا لست متخصصا.
المسألة ليست تخصص فنحن لانطلب منك المستحيل،لم نطلب منك قراءة سيبويه ولا الزجاج، وإنما كل مانطلبه أن تراعو اللسان العربي، فبدلا من ركاكة العبارة، وسوء التعبير،نأخذ حتى دورة في تعلم قواعد اللغة العربية.
والطامة الكبري أن هناك بعض الأساتذة في الجامعات لا يستطيعون أن يفقطوا الدرجات باللغة العربية،لعدم معرفتهم التمييز والعدد.
انظروا إلى المسلسلات التاريخية ألم تكتب باللغة العربية،والذين يشخصونها ألم يكونوا على دراية باللغة العربية.
ألم نكن نجلس أمام التلفاز مستمتعين مستمتعين، ولو أعيدت مرات ومرات ما فقدت رونقها وبريقها.
تغير الحال الآن،أصبح الغث مسيطرا علي الموقف،أصبحت اللغة الممقوتة هى لغة المسلسلات والأفلام، وعندما تتحدث، يردوا عليك، هي لغة العصر، أنا لا أعمم الأحكام، ولكن أقول إلا ما رحم ربي.
ومن هذا المنطلق أضحي النهوض والمحافظة على لغتنا العربية أمر جد، كل في مكانه مجمع اللغة العربية عليه المعول الأكبر، في الضبط والمراجعة، والتصدي للخروقات التي تحدث.
الأزهر الشريف كما تصدي قديما لمحاولات العبث باللغة العربية،والحملة التي قادها الاستعمار الإنجليزي لإفساد اللغة العربية والاستعاضة عنها بما أطلق عليه لغة القاهرة.
الجامعات المصرية،أقسام اللغة العربية وأدابها، والمراكز المتخصصة شددوا علي اللغة فكما تعطون شهادات فى اللغة الانجليزية(تويفل)،اعطوا شهادة اجتياز دورات اللغة العربية،واجعلوها شرطا للحصول علي التسجيل والحصول علي الدرجات العلمية.
الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية اعقدوا دورات وندوات للوعاظ والخطباء الذين باتت لغتهم ركيكة إلا ما رحم ربي، هل يجوز أيها الأئمة، أن تعتلوا المنابر وتخطبوا في الناس وتنصبوا الفاعل وترفعوا المفعول، هل يجوز أن تصلوا بالناس، وتتلون كتاب الله بأخطاء لغوية رهيبة تصل بك إلى اللحن الجلي تارة واللحن الخفي تارة أخرى.
أدعوكم إلى مراجعة أنفسكم مراجعة دقيقة، لماذا لأنكم أنتم الذين يأخذ منكم العلم الشرعي،فهل يصح (يا معشر القراء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد)
المسألة ليست بالصعوبة البالغة، فمن الممكن من خلال مطالعتك للقرآن الكريم من خلال تخصيص ورد يومي لك ستجد نفسك متفوقا في اللغة العربية، أو حتي إذا لم تستطع القراءة والكتابة ردد خلف مشايخنا الأكارم وتوجد ولله الحمد ختمة مرتلة كل أسبوع على شبكة إذاعة القرآن الكريم .
نردد ونتعلم لغتنا العربية الحبيبة اللغة العربية.
ففي تعلمها الحفاظ علي هويتنا العربية والإسلامية.
أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان
التعليقات