كلما تهدأ ثأرتنا على أمر ما إلا إنه يظهر أمامنا أمور أخرى تؤرق مضاجعنا ، وتحرك سكينتنا ، وكأنه محكوم علينا ألا نهنأ بالراحة حتى لو سويعة من نهار.
فنجد أولئك المتشدقون بالحريات ، بعبارات مقززة تعافها النفس ولا يقبلها منطق العقل.
نحن أحرار ، نفعل ما نشاء ، عبارة علت بها الأصوات وخصوصا أصوات الشباب ، في بيوتنا ، في مدارسنا ، في جامعاتنا ، في شوارعنا.
قصات شعر في منتهى الغرابة ، ألفاظ خارجة نخجل حتى من سماعها ، ملابس مهلهلة ممزقة ، فضلا عن ما نشاهده ونحن فى الجامعة ، الطلاب يملأون سلالم المدرجات ، وبسؤالهم لما تجلسون هكذا ، لماذا لا تذهبون إلى محاضراتكم ، تجدوا الرد حاضرا ، هذه حرية شخصية ، يا بني يا بنيتي هذه ليست حرية وإنما هي الفوضى.
الحرية لابد أن تكون لها ضوابط، فالعامل الرئيس والمقوم الحقيقي للحرية هو المسؤولية، أما إذا كانت عبثية فوضوية، فستتحول إلى هوس وجنان ، ليس هذا فقط وسيصبح لها سدنة وحراس يدافعون عنها ، بل ويرتكبون الحماقات باسمها.
بل ويزيد الأمر حماقة وسوءا أن تجد دعاة هذه الحرية يعبثون بثوابتنا ، بقيمنا ، بأخلاقنا ، بأصولنا
فهيا أيها المهاويس اعبثوا ما شئتم لكن اجعلوا فوضويتكم المأجورة هذه بعيدا عن ثوابتنا وعن قيمنا وعن مقدراتنا، فليس هنا مجال للعبث والفوضي، أتدرون لماذا؟! لأن ثوابتنا وأهمها قرآننا وسنتنا خطوط حمراء فهي محفوظة من الرحمن (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، فالذي نزل الذكر الله والذي يحفظه الرحمن الرحيم.
وكذا الأمر بالنسبة للسنة المباركة فهي شرعها المعصوم صلى الله عليه وسلم وأتى بها متممة لجماع الأمر، والله تعالى حافظ رسوله وسنته (والله يعصمك من الناس) والله تعالى قالها للنبي (إنا كفيناك المستهزءين)
ولتنظروا أيها المتنطعون المتطاولون الذين تلبسون ثوب الباطل ثوب الحق وتزينوا بها أجسامكم فستكتوي بها أجسادكم، أنظروا كم من متنطع تنطع وتطاول وذهب إلى حيث ذهب، فكم من منكر أنكر ثوابت الدين وكم من متهكم تهكم على النبي صلى الله عليه وسلم، وذهبوا جميعا إلي حيث ذهبوا، إلي مزابل التاريخ وباءوا بغضب من الله، فباتت حياتهم ضنكا وأصبح عيشهم كدا كدا، هذا بالنسبة لعيشهم.
أما آخرتهم فأخبر عنها الله تعالى (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا، ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آيات ورسلي هزوا)
أنظروا خسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، لماذا أيها العابثون الفوضويون الهمجيون .لأنكم اتخذتم كتاب الله وآياته ورسله هزوا.(قل أبالله وآياته ورسله كنتم تستهزءون)
بون شاسع بين حرية الرأي والتعبير عن الرأي، والهجوم على الدين.
فالتعبير عن الرأي في موضوع ما شئ، والهجوم على الدين شئ آخر.، ولا أقصد دين بعينه بل كل الأديان.
فالتعبيرعن الرأي لابد أن يكون موضوعيا وممنهجا ويحتاج إلي الدليل اليقيني وإلا سيتحول إلى تعبير سفسطائي جدلي لا يؤدي إلي يقين، هذا بالنسبة لقضايانا المطروحة للمناقشة كتجديد الخطاب الديني مثلا فهل يعني مناقشة موضوع كهذا أن نتحرر من ثوابتنا ونلوي عنق النصوص من أجل مآرب دنيوية رخيصة، أي حرية في هذا، ونقول نحن نعبر عن رأينا، هذا لا يجوز فهذا عبث وقد يزعزع المعتقد وخصوصا عندما تناقش موضوعات كهذه أمام العوام، أو مثلا إنكار معلوم من الدين ثابت ثبوتا يقينيا قرآنا وسنة وإجماعا، ثم نطعن عليه، فهذا لا يجوز ومن يفعل ذلك آثم قلبه،وطبع الله على عقله وران على قلبه، وختم على فؤاده بخاتم الزيغ والتيه والضلال، لماذا لأنك يا من تفعل مثل هذه الافاعيل تضلل الناس.
أما الهجوم على الدين،-أيا كانت وسائله- فأوجه رسالتي إلى كل من تسول له نفسه الهجوم، اعرضوا المسألة على عقولكم إن كانت هناك بقية عقل عندكم، لماذا تفعلون ذلك، حقا صدق فيكم قول الله تعالى (إنا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا، فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا)
أقول لأمثال هؤلاء أفيقوا من غفلتكم واستيقظوا من سباتكم فلن تنفعكم أموالكم ولا جاهكم ولا سلطانكم ولا حتى عقولكم فاقدة الأهلية والهوية، فأنتم وعقولكم مثلكم كمثل الشيطان ومن أضلهم ، يأتون يوم القيامة ممسكون بتلابيه ، فيقول لهم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي، إني كفرت بما اشركتموني من قبل، إني أري ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين.
أفيقوا قبل فوات الأوان.
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان
التعليقات