في أحد بوستات الفيس بوك الأسبوع الماضي حكيت كيف تبنيت قطا في بيتي وذلك إكراما وحبا لإبنتي رغم أني كنت هذا الشخص الذي الذي لديه فوبيا من القطط والكلاب.
كان عندي تصور قبل أن أتبنى القط "بامبكن" أن القطط بِراوية أي "تاكل وتنكر".
خلق الله كل شيء لمنفعة الإنسان .. لنتعلم وندرس ونلاحظ. علمني قطي في أسبوع بعض الأساسيات التي استغرقت عمرا بأكمله أحاول اكتسابها.
القط يعرف جيدا كيف يستمتع بيومه، لديهم يقظة وانتباه عجيب، عندما يكون بجانبك تستيقظ حواسه بالكامل وينفتح قلبه بحب كأن اليوم آخر يوم يحبك أو يلقاك، بينما نحن البشر نفرط في النِعَم المحيطة بنا لسنوات أو عمر بأكمله ولا ننتبه أنها كانت نِعَم حقيقية إلا عندما تغادر أو نفقدها للأبد.
القط لا يضع نفسه تحت ضغط أبدا يهرب من أي محاولة تثير حفيظته بينما نبقى نحن سنوات تحت ضغط نجاور الأنذال ونصبر عليهم.
القط يذهب إليك في الوقت الذي يحب عندما يكون مزاجه يتحمل هذا وقادر على أن يعطيك ما تحتاج بأفضل وأيسر وأبسط الطرق، في حين أن البشر من حولك يغترفون قلبك كل يوم بلا رحمة او محبة.
لا يعرف الكثير من الناس عظمة وأجر تبني حيوان أليف في بيتك، أنت أمنته شر الذل والجوع والبرد والافتراس، حولته لحيوان معطاء قادر على إسعادك بسلوك طبيعي فطري، في حين أن البشر يحلبون روحك كل يوم دون مقابل ووقت أن يجف ضَرْعَك يذبحونك ليغتنموا المال من لحمك.
القط ينام فترات طويلة، ويصحوا بمزاج وقت يشاء، وأنت المسكين غير قادر على تنظيم حياتك أو وضع روحك في مقدمة الأشياء.
القط لا يبحث عن رضاك لا يتملقك، فقط غريزة الجوع ما تحركه فلا يأتيك إلا وعنده الرغبة في التدثر بحبك، يشعر بك في فرحك وحزنك وتلمع عينيه عندما يشعر بألمك، بينما بعض البشر يمتلكون قلوب خشبية في انتظار نيران الآخرة لتحرقها.
القطط لا تمتلك ذاكرة الجِمَال، عندما تدوس على ذيله أو قدمه بالخطأ لا يعلق لك المشانق، يهرب دقائق إلى أن يزول الألم ثم يعود ليستمتع معك بحياته، بينما بعض البشر لو أعطيته أحد عينيك يسرقك في الأخرى وأنت غافل.
القط يختارك، قطنا كان يأتي لابنتي يجلس على اللاب توب الخاص بها في الكافيه فأحبته واختارته بالتبعية، القط قادر على الحب بينما بعض البشر يمتلكون أقفاص صدرية خاوية من القلوب وأجساد خالية من الأرواح عاجزة عن الحب.
القط وقت يجوع يأتيك، وقت يحب أن يلعب معك ينكشك، وقت أن يقلق يختفي، القطط كائنات تعرف قدرها وقيمتها، بينما بعض البشر يتلقون تعاليم الحياة من غيرهم .. مغيبين القلوب والعقول والأرواح.
القط عبقري تكبير الدماغ بحق .. ياليتني كنت قطة!!
ينام في الضوضاء في الليل أو النهار ولا يأبه إليك إذا ناديته لو كان مزاجه لا يسمح بذلك، بينما بعض البشر قادرين على سحل روحك وراءهم وكأنك مربوط في ساقية لخدمتهم وإسعادهم.
القط لا ينتظر رأيك فيه هل تحبه أم تكرهه، ولا يسألك عن رأيك فيه هو يشعر بك وبترددات جسمك فيكون قادر بامتياز على تحديد من يحبه أو يتجاهله، وعليه فهو يتجاوز ذكاء بعض البشر في اختيار دائرة المحيطين سواء دائرة عاجزة كارهة للحياة والحب أم دائرة محبة للحياة وحسن التواجد فيها.
القط لا يبحث عن رضاك لكنه يعرف كيف يحبك، في حين أن بعض البشر يستل سيف البر في يده لقتلك أو ترضخ.
القدرة المذهلة للقطط تتجلى في كيفية وضع الحدود بينها وبينك، فهي تسمح لك بمداعبتها بشروطها، وعندما تخترق الشروط التي تضعها لك تعرف كيف تضربك أو تدافع عن نفسها ضد اختراقك، بينما بعض المساكين منا عندما يرغبون في وضع بعض الحدود بينهم وبين جيران السوء والأذى يوصفون بالعقوق والتفريط وسوء الخلق وغلظة القلب.
القطط تستطيع أن تقول لا وتصفعك إذا لزم الأمر!
يبدو أن القطط كائنات تعرف الكثير عن الاستقلالية، تعرف كيف تقضي وقت فراغها، وتستمتع بتواجدها وحيدة في المنزل عكس الكلاب أو حتى عكسنا نحن البشر، تأكل وتنام وتتبختر في البيت غير عابئة بوحدة بل تستمتع بها.
القط كائن واثق من نفسه طوال الوقت لا يعنيه كيف تراه.. بل يجبرك أن تراه كما يرى هو نفسه، في حين أن العقد النفسية التي تتجول داخل نفوس بعض الناس قادرة على إظلام النفس البشرية وحجب ضوء الشمس عن الأرض لسنوات.
يبدو أننا أصبنا بداء تجاهل النفس، أصبحت أرواحنا هينة في نظرنا نتركها بين براثن الأوغاد يفتكوا بأرواحنا عن عمد ونحن صاغرون.
نصف الثقة التي يتعامل بها القط في حياته تكفيك لتتغلب على الكثير من العقد النفسية المزروعة فيك، القط يمكن أن يكون مدرب تنمية بشرية دون أن يتحدث، لا يبحث عن سعادة حثيثة لثقته أنها ستأتي إليه في الوقت الذي يختاره الله.
يبدو أننا في حاجة لأن نفكر كقط ونتصرف كقط لأن البني آدم فقد مصداقيته كإنسان.
التعليقات