ليست هناك قصيدة معينة أعجبتُ بها أو فضَّلتها على مدى سنوات العمر، ولكن لكل فترة قصيدة مفضلة عندي، فعندما كنتُ في المرحلة الثانوية على سبيل المثال كانت القصيدة المفضلة هي قصيدة "العودة" لإبراهيم ناجي، وكانت مقررة علينا في المنهج، والتي يقولها فيها:
هذه الكعبةُ كنت طائفيها ** والمصلين صباحا ومساء
كم سجدنا وعبدنا الحسنَ فيها ** كيف بالله رجعنا غرباء
دارُ أحلامي وحبِّي لقيتنا ** في جمود مثلما تلقى الجديدْ
أنكرتْنا وهْي كانتْ إن رأتْنا ** يضحك النورُ إلينا من بعيدْ
رفْرَفَ القلبُ بجنبي كالذبيحْ ** وأنا أهتفُ: يا قلبُ اتَّئدْ
فيجيب الدمعُ والماضي الجريحْ ** لِمَ عُدنا؟ ليت أنَّا لم نعد!
ثم كانت قصيدتي المفضلة بعد ذلك هي قصيدة "الرسم بالكلمات" لنزار قباني، والتي يقول فيها:
لا تطلبي مني حساب حياتي ** إن الحديث يطول مولاتي
كل العصور أنا بها .. فكأنما ** عمري ملايينٌ من السنواتِ
تعبتْ من السفرِ الطويلِ حقائبي ** وتعبتُ من خيلي ومن غزواتي
وعندما بدأت اقرأ في الشعر التفعيلي كانت قصيدة "الحزن" لصلاح عبدالصبور هي قصيدتي المفضلة والتي يقول فيها:
يا صاحبي، إني حزين
طلع الصباح، فما ابتسمت، ولم ينر وجهي الصباح
في غرفتي دلف المساء
والحزن يولد في المساء لأنه حزن ضرير
حزن طويل كالطريق من الجحيم إلى الجحيم
حزن صموتْ
والصمت لا يعني الرضاء بأن أمنية تموت
وبأن أيامًا تفوت
وبأن مرفقنا وَهَنْ
ثم كانت قصيدة "مرثية لاعب سيرك" لأحمد عبدالمعطي حجازي، والتي يقول فيها:
فى العالم المملوء أخطاءَ
مطالبٌ وحدك ألا تُخطئا
لأن جسمَك النحيل
لو مرة أسرع أو أبطأ
هوى وغطى الأرض أشلاءَ!
ثم كانت قصيدة "لا تصالح" لأمل دنقل بعد ذلك، وقد كتبتُ عنها دراسة طويلة، أودعتُها كتابي "جسر درويش ووصايا أمل"، ويقول فيها:
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
- كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر - بين يديك - بقلب مُنكَّس؟
ثم كانت قصيدتي المفضلة بعد ذلك قصيدة "الخيول" لأمل دنقل التي يقول فيها:
الفتوحاتُ - في الأرضِ - مكتوبةٌ بدماء الخيول
وحدود الممالكْ
رسمتها السنابكْ
والركابانِ: ميزانُ عدلٍ يميلُ مع السيفِ ..
حيث يميلْ !
أركضي أو قفي الآن .. أيتها الخيلُ:
لستِ المغيراتِ صُبحا
ولا العاديات ـ كما قيل ـ ضَبْحا
ولا خضرة في طريقك تمحى
ولا طفل أضحى
إذا ما مررت به .. يتنحى.
وأحيانا أحنُّ لقصائدي القديمة لأجدني أختار قصيدة "إلى فتاة اسمها الإسكندرية" التي كتبتها في السبعينيات، وأقول في مطلعها:
رسمتُكِ بين خطوط يدي
فكنتِ غدي
وكنتِ نهارًا لشمسي
وكنتِ صلاةً لنفسي
وكنتِ ضميرَ البحار
أحبكِ ..
تسألُ عنّا الكبائنُ والأبنية
وذبذبةُ النجمِ في ليلةٍ صافية.
التعليقات