كلنا نحلم بحياةِ كالحياة، حياة خالية من طقوس الخوف، حياة غنية بكلمات دافئة، بالطبطبة، حياة مرادفاتها تتأجج بالكثير من الوجد، حياة يرتاح خلالها وتين قلوبنا.
كنت أظن أنه يكفي أن تكون مثالي معطاء لتتلقى المثل الذي يناسب روحك. بمرور العمر بدا لي أن هذا لا يكفي مطلقا…
صديقي أرجوك … صدق قلبك!
أهم ضوء يمر من خلال عينيك .. هو الضوء الذي لا تراه.
الضوء الذي يرتاح خلاله قلبك، الضوء الذي تتعرى معه وتظل مستورا، الضوء الذي تنكشف من خلاله على أكثر جوانب روحك سلبية رغم ذلك تظل بخير، الضوء الذي لا يسبب لك المخاض العسير.
احتجت منذ بضع سنوات قليلة إنزال وزني لأسباب تتعلق بالصحة وآلام الظهر، كان تغيير طريقة ونوعية الطعام وعدد الوجبات هي الأساس الذي قام بإنجاز تلك المهمة بنجاح.
اعتمدت عدم الشبع في الوجبات، قطعة جبن في نصف رغيف قامت مقام أمهر أطباء التغذية.
كلمتان في نصف رغيف قد يعنون لنا الكثير من يُسر الحياة.
سيدي … كل ما يحوم حول قلبك قلقا تجنبه.
آفة قلوبنا أننا نكمل دائما في طرق لا يرتاح لها قلبنا، نكمل حبا، نكمل لأننا يجب أن نكمل، نلتحف شظفا، نكتمل ونمتلئ بشقف القصاري عوضا عن التربة الغنية التي تغذي جذور أرواحنا.
صدق قلبك عندما يخبرك بما لا تراه، هذا الشعور المؤلم بسهام غير مرئية تخترق صدرك لا يجب أن تتجاهلها.
كلنا نعرف قرصة القلب الناتجة عن كلمات العابرين والمقيمين، كلنا نعرف أن تجاهل هذا الشعور يفضي بنا إلى طرق شوكية إبرية تدمي قدمينا وأرواحنا … وكلنا لا نعرف لماذا نكمل.
عليك أن تستخدم عينيك وقلبك وروحك في ذات الوقت، عليك أن تنظر في نوعية الغموس التي توضع في صحن طعامك، وعليك ألا تأكل كل ما يُقَدَم لك .. فقط ما يعجبك مذاقه ويصِح به بدنك.
ربما بعض ما يقدم لك يصيبك بتخمة الروح، فتتثاقل خطواتك الواثقة بجوار الحاقدين والمغرضين.
القلب مسجد يجب أن يظل طاهرا برّاقا. صلاتك في صالة للموبقات باطلة، أنت تقامر بقلب مغيب، تقامر على روح ممتعضة حبيسة داخل صدرك.
الصورة الذهنية التي ترى عليها الأشخاص ليست حقيقية.
في الماضي وقبل الكاميرات الديجيتال، كنا نستخدم الفيلم لالتقاط الصور وعندما تقوم بتصوير ال ٣٦ صورة تذهب بالفيلم للتحميض، وبعد الطباعة ترى الصور التي التقطتها كاميرتك.
هذا بالضبط ما يحتاجه قلبك، أن تضبط كادر الصورة وتنتظر تحميض القلوب قبل أن تحكم على الأرواح أهي جيدة أم زائفة مهزوزة … غير ذلك تكون عينيك هي الكاميرا الخفية تسجل المشاهد المضحكة لتسلية الناس وتكون أنت أول المتألمين.
العين هي عدسة الكاميرا أما القلب يحتاج التحميض والتمحيص الذي يعطي العمق لما تراه في الغير وتحسه من زفرات أنفاسهم.
بضع أشخاص صادقين في نصف رغيف يشبعون جوع الروح ويملئون فراغ روح أتعبها تخمة المحيطين.
عيب بعض الناس أنه يضع لك الإطار الذي يحب أن تراه عليه، يجبرك على النظر من زاوية واحدة، يفتح لك شُرّاعة على ما يود أن تضطلع عليه، ثم يخفي عن عمد ظلام قلبه وحقد روحه.
هذا ما يفعله الكثير وأحيانا قد أقبله، ما يجعلني في ذهول بحق هو القدرة النادرة لأحدهم على إقناعك بلسانه وقلبه وبكل ما يملك أن صاحب الشُرّاعة على خير وأن محاولاتك لفتح شيش قلبه آثمة وأنك أنت صاحب عوار القلب.
يقول العزيز الحكيم في سورة النساء: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9).
من أسباب اطمئنانك على من خلفك لسانك، قول الحق ولو أوجعك. ضعف ذريتك مبني على قلب غير تقيّ، هؤلاء لا تبقى في رحلتهم.
لا تكن متاح للجميع ففي الإتاحة المستمرة عزلة للقلب عن أمانه وضماده.
ما أحببت دارا إلا بساكنيها، وما ارتحلت عن دارا إلا لظلام قلوب قاتنيها… واحتجت عمرا بأكمله لأعي واعمل بتلك الكلمات.
القلب الحنون .. النفس الشَبِعة .. الاقتراب بود .. اللطف .. الأمان .. صون الجميل .. السند المتين .. الوفاء .. ثم الوفاء .. ثم الوفاء .. ثم اليد التي تُربِي بجمال .. هي لنا غموس الحياة.
تلك الكلمات هي وجبتي المفضلة التي أضعها في نصف رغيف، وجبة تملأ روحي شبعا واطمئنانا، وجبة تجعل قلبي في مأمن بجوار صانعي المحبة وأصحاب الأمانات الذين أترك نفسي تنبت إلى جوارهم وأنا مطمئنة.
فقط على تلك الكلمات أدعوك صديقي أن شاركني عيشي ومِلحي ومحبتي.
التعليقات