تقول الكاتبة الأرجنتينيّة: ماغالي إيتشيبارنا
الكتابةُ هي المكان الذي يمكنني من خلاله"
الانتقام من الحياة".
عفوًا سيدتي ...
أنا أكتب لأتصالح مع الحياة، أكتب لأتقبل فكرة أن هناك أحد ما لا يتمنى لي الخير، أكتب لأتخلص من الألم والوجع وأحيانا الوحدة.
أكتب لأتخلص من حساسية قلبي، لأُبقي على الإنسان بداخلي، أسجل في ذاكرة الزمان ما لا استطيع البوح به.
الكلمات كائن حي يسبح في روحي مانحا لقلبي أيام أكثر سلامًا وتَلأَلُؤا.
الكلمة رغبة صادقة متدثرة أو رجاء أو وجع مستتر.
اعطني قلما واتركني وسأكون دوما بخير.
يعطي الله كل البشر ومن فيض عظيم، أما أجمل عطاياه أن تكون قادرا على صياغة المشاعر وتوظيفها في خدمة الإنسان الذي يسكنك.
الكلمات شفاء للنفوس، ترويض للغضب، وإحكام على القلب لتهذيبه وإحساس بنبض الحياة.
بدأت أكتب وأنا على أعتاب الخمسين ويالها من منحة ربانية!
أن تكتب تعني القدرة على قول لا ولو كان الجميع يدفعك لتقول نعم.
اللا المستترة تُبقي داخلي الكثير من السواء النفسي داخل روح معترضة حبيسة الظروف والذكريات الحلوة والمؤلمة.
كل الصدوع النفسية علاجها القراءة أو الكتابة، فهما يمنحانك الحيز الرحب في كل ما تود البقاء داخله.
لذلك كانت أول آيات القرآن الكريم
"إقرأ".
كانت أولى كتاباتي رواية "ركن ليلى"، في ظرف إستثنائي لجائحة كورونا. لم أكن أعرف وقتها أن مشيئة الله اختارت راحتي النفسية وعزلتي بين طيات كلمات أقامت بداخلي الكثير والكثير من الحياة الرغيدة الرشيدة.
عندما أحيط يدي بالهاتف واستمع لأنغام الموسيقى اعتزل الدنيا في لحظات علاجية تُبقي بداخلي أنفاس تكفيني حتى موعد كتاباتي القادمة.
ألتقي من خلال كلماتي بكل من أحب، شاجبة وشاكية، سعيدة وهنية، معترضة وممتعضة.
الكلمة هي الفعل الآمن الذي احتمي به من صقيع وجفاف القلوب.
أكتب كثيرا عن الحب المفقود، النفوس الحائرة والقلوب الضالة وعن جودة إقامة الحياة.
اكتب لأَبْقَى داخل الطاقات الإيجابية، اكتب ليظل قلبي نابضا، ليظل فنجان قهوتي ساخنا، اكتب لتسيل عن روحي كلاليب الدنيا، اكتب لأتجاوز لأشعر وحتى يستمر القلب في ضخ الحياة.
الكلمات ليست انتقام بل دواء آمن طيب يشفي ويعافي أرواح تكاد تختنق.
أفضل الإحسان بنفسك أن تمسك قلبك عن الانتقام ثم تشرع في تسجيل الكلمات لتشعر أن ما تبقى من العمر هو شاغلك المستحق عن ما دون ذلك.
من المفارقة أن الأفكار يمكنها أن تقتلك وتأد السعادة بداخلك؛ الكتابة الطيبة هي التفريغ الآمن لمشاعر حبيسة قلب يرتجيك لمعاودة الحياة.
أي انتقام تفعله تلك الكلمة سوى درجة ممكنة من النضج تُبقي في مزهريتك بعض الماء الذي تَسقي به سخيمة روحك.
أحببت حياتي بعد الخمسين أكثر من قبلها، لأني تعرفت وقتها على الشخص الذي يسكنني.
توقفت سنوات الصراع، لتبدأ سنوات المعرفة والنضج. سنوات تكون أنت الفاعل صاحب البستان وساقيه.
وكأن الخمسين عاما السابقة أشبه بدار بستانه مفتوح لكل من يزرع الورد والود أو الشوك والخذلان، دون أن يمنحك وقتا للسقيا أو حرية قبول الزرع.
سنوات والحشائش الموسمية تنمو في داري، تتغذى على أسمدة العمر حتى كاد الزَهْرِ أن ينطفيء.
نسيج الكلمات هي ما لملمت به وحدة نفسي، الدستور الذي صيغت به قوانين السنوات القادمة، البذور المنتقاة التي أذنت نفسي باستنباتها، والأدب الأنيق الذي جمّلت به سنوات جديدة أضافت لعمري الحُسن الآمن والرخاء.
لدينا جميعا القدرة على رؤية الأشياء من كل اتجاه، قد تكون رؤية شاحبة مثل خيوط الليل الأسمر أو تكون رؤية بديلة لنور بزوغ النهار.
يتوقف وهج لون روحك على المنظور الذي ترى من خلاله رزقك في الدنيا وترضى به.
صديقي لقد اخترت أن أتقدم في دنيتي مطمئنة، لعل السنوات القليلة المتبقية تكون لي حسن الختام.
أؤمن بشدة أن نحن من نمنح لأنفسنا السعادة، وأؤمن أيضا أن لكل من سعادته، غاية ما في الأمر أن أحدنا مشغول بسعادته، وآخر تعيس مشغول بحجب السعادة عن الآخرين.
من الخير أن تدرك أن الأشياء المفقودة لا تعود … لا تعود أبدا، لكن القدير دوما يمنحك أنفاس بديلة.
تلك المنح الربانية قد تغفل عن رؤيتها لأنك تجتهد في العبث بمكتسبات الغير عوضا عن تنمية مكتسباتك وفرصك الوفيرة لحياة أقل شقاءًا.
اكتب، اقرأ، تحدث عن نفسك بصوت مسموع، تعافى، تشافى، صادق نفسك عاود التنفس رغبة منك في المزيد من معسول دنيتك البهية وليس انتقاما لنفسك أبدا.
التعليقات