ربما يهتم الكاتب وناشره بالإعلام عن الإصدارات المؤلفة، والمُترجمة، ولكن ماذا عن الكتب التي يشترك في وضعها أكثر من مؤلِّف؟
هنا سأتذكر فصولا لي ضمنتها كتب، سواء كانت في الأصل أوراقًا بحثية في مؤتمر، أو شهادة في منتدى، أو موضوعًا منشورًا رأى واضعو كتاب جديد تحت عنوان موحَّد أهمية في إعادة نشره ضمن باقة منتخبة، لأقلام متعددة.
والملاحظ فيما وجدته من مقالاتي التي غدت فصولا في كتب، أنها تمثل اهتماماتي الأدبية والفنية، وتعكس تجاربي في السفر كذلك، ولا تغفل السِّيَر التي أعدها لونا أدبيًا مهملا في تراثنا الأدبي، رغم وجود أيقونات تستحق التنويه والبحث، واكتشاف جديد في حياتها، كي تضاء هذه السيرة مجددا.
لعلي أشير بداية في هذا الملمح إلى فصل كتبته بعنوان (صالح العجيري، يقظة عالم فلَك) في الكتاب التكريمي الذي أصدرته دار سعاد الصباح للنشر (2013) عن عابر المجرات ، عميد علم الفلك، صالح محمد العجيري.
وفي سيرة كويتية أخرى تناولت ريادة الشاعر أحمد السقاف الإعلامية، وكيف مهّد مساره الصحفي لإصدار مجلة (العربي)، المطبوعة الثقافية الأشهر في النصف الثاني من القرن العشرين، ضمن ندوة وكتاب مجلة العربي في يوبيلها الذهبي.
تحت سماء الفن التشكيلي
وقد أوليت الفن التشكيلي جانبا من أوراقي البحثية، وأبرزها دراستي المعنونة (رسامو مصر، والرحلة الباريسية في القرن العشرين)، ضمن ندوة مجلة العربي (الغرب بعيون عربية)، ديسمبر 2003، والتي صدرت لاحقا في كتاب في سلسلة (كتاب العربي)، تناولت في سير عدلي رزق الله، جورج البهجوري، محمود مختار وأحمد صبري.
ففي سلسلة (كتاب العربي)، بعددها السبعين، صدرت أعمال الندوة السنوية للمجلة بعنوان (المجلات الثقافية: مهمة الإصلاح وسؤال المعرفة)، وفيه نشرت بحثي المعنون (مجلات الفن التشكيلي… ملامح الحضور وأسباب الغياب)، أكتوبر 2007، رصدت فيه الظاهرة المحبطة لها كمجالات قصيرة العمر، تفتقر إلى التمويل، في فضاء مجتمعي تغرقه الأمية البصرية، مع غياب للنقد التشكيلي الجاد، وغربة الفنون، وقلة أو ندرة ما ينشر من أدبيات الفن التشكيلي في التأليف والترجمة.
وفي فضاء الفن التشكيلي كذلك، جاءت مشاركتي في ملتقى صنعاء الدولي للفنون التشكيلية بالندوة الدولية الموازية، والتي صدرت في كتاب بعنوان (الحركة التشكيلية العربية - نصف قرن من الإنجاز والأسئلة)، مايو 2009، واستهل الكتاب بدراستي (الفن التشكيلي العربي المعاصر … حضور الفنان وغياب المتلقي)، وقد رأيت في ورقتي أن الإغراب، والتجريد غير الممنهج ، الذي يقفز إليه ضعاف الموهبة قد يكون سببا في غربة الفنون اليوم، وبعدها عن التناول الحياتي للواقع، وناديت القطاع الخاص، للاستثمار في المنتديات الفنية التشكيلية العربية ، وأن ، يساند إصدار دوريات أو كتب مصورة، ولنا في تجربة شركة (شل) التي توقفت أيضا، تذكرة، حينما أصدرت - في القاهرة - مجلة من مائتي صفحة أو أكثر عن الفن التشكيلي المعاصر. كما تطلعت في الوقت الذي تكثر فيه المسابقات - حتى أصبحت هناك مسابقة لكل مواطن - أن تنظم مسابقة متخصصة في مجال النقد التشكيلي ، تشترك فيها كافة الأجيال، وأن يتم التوصية بإدخال النقد التشكيلي ضمن مناهج التربية الفنية، بحيث تطبع كتب التاريخ الفن والفنانين عرباً وغرباً، تبدأ باليسير ، وتكبر مع تصاعد الأعوام الدراسية ، لتساند في رفد الثقافة التشكيلية للأجيال القادمة.دون أن أنسى أهمية إقامة أسواق للفن التشكيلي، ليس فقط للترويج للوحة الإطارية ، بل للإعلام عن حضور الفن في مناحي الحياة، من تشييد العمارة، إلى بناء المصانع، إلى تصميم الأدوات الحياتية، وبهذا ننقل الإدراك بكون الفن غير معني بالنخبة وحسب، بل بالحياة اليومية للجميع.
وحول (الفضائيات العربية ومتغيرات العصر)، نشرت المكتبة الإعلامية أعمال المؤتمر العلمي الأول للأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام، الذي أصدرته الدار المصرية اللبنانية، يناير 2005، وفيه بحثي المقدم للمؤتمر بعنوان (القيم الفنية في شعارات القنوات الفضائية العربية)، الذي خلصت فيه إلى فشل الفضائيات في تحديد القيم الفنية لهويتها، إلا نادرا، لعدم الإيمان بقوة الهوية التي تستمد أحد أسسها من الحرف العربي، وهو يعكس - ضمن ما يعكس - الفقر البصري لبعض التصميمات واستسهال التقليد والمحاكاة، فضلا عن الفشل في تثبيت الشعار، الذي نرى تحولاته والتغيير الذي يطاله، فضلا عن اختلاط الهويات في كل مناحي الحياة؛ لافتات الشوارع، أسماء البرامج، الألقاب، منحى قادنا لفساد الذوق وعدم وجود مدرسة عربية في التصميم.
الرحلات المصورة
مدونات الرحلة المصورة على طريق الحرير، كان عنوان بحثي الاستقصائي الذي شاركت به في ندوة مجلة العربي (الثقافة العربية على طريق الحرير)، ونشر في العدد 97 من سلسلة (كتاب العربي)، يوليو 2014. وعرض البحث شغفي بالمضي على طريق الحرير رحّالة وباحثا، فقدمت ما يخص خزانة ذلك الموضوع المتخمة بكنوز التصوير الفوتوغرافي ، والسينمائي والوثائقي، والروائي، وصولا إلى الإعلانات الترويجية، وقصص الأطفال وألعابهم الرقمية…
استطلاعاتي المنشورة في مجلة (العربي)، كان لها حظ الظهور في كتب مستقلة، مثل (نهرٌ على سفر)، و(قافلة حكايات مغربية)، و(أيام دمشقية)، و(سيرة مسافر)، ولكنها أيضا نشرت فصولا في كتاب مشترك ضم استطلاعات رحّالة العربي في القارة الصفراء، وجاء بعنوان (آسيا بعيون العربي)، وفيه رحلتي (تتارستان، كتاب البهجة والأشجان)…
أما (أيّامٌ في إيران)، فعنوان الكتاب الذي أصدرته المستشارية الثقافية لسفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في الكويت، واستهل فصله الأول باستطلاعي المنشور في مجلة العربي، أغسطس 2014، بعنوان (طهران … ثقافة الشهداء أو حضارة الأحياء)، وهو توثيق لرحلتي إلى العاصمة الإيرانية قبل عشر سنوات، وحضور معرضها الدولي للكتاب، والتوقيع على مختارات مجموعتي الشعرية الأولى باللغة الفارسية، قبل أن تقوم المترجمة نفسها، الدكتورة نسرين شكيبي ممتاز، بإنجاز ترجمتين صدرتا لاحقا…
وأخيرا، في كتاب (التبادل الثقافي بين الهند والعالم العربي على مر العصور)، الذي أصدرته في كيرالا، بالهند كلية روضة العلوم العربية، وقسم الماجستير والبحوث في اللغة العربية وآدابها، كلية فاروق، نشرت فصلا بعنوان (ثروت عكاشة في موسوعته العربية المصوّرة: الفن الهندي)، نوفمبر 2017.
وإذا كانت هذه الفصول بعضا مما نشر باللغة العربية، فهناك أخرى نشرت بالإنجليزية، ربما أجد الوقت لأعود إليها، معتذرا عن إغفال هذه وتلك من سيرتي المدونة.
التعليقات