في قلب مصر، حيث ينبض الأدب والشعر، وُلد شاعر النيل حافظ إبراهيم، الذي ترك بصماته العميقة في تاريخ الأدب العربي. عُرف بقوته اللغوية وحفظه الدقيق للقصائد والكتب، ليصبح أحد أعلام مدرسة الإحياء الشعري. حياته كانت مليئة بالتحديات والانتصارات، بدءًا من نشأته اليتمية وحتى وصوله إلى قمة الشعر والأدب.
النشأة والتعليم
ولد محمد حافظ إبراهيم فهمي المهندس، المعروف بـ"حافظ إبراهيم"، في 24 فبراير 1872 بمركز ديروط التابع لمحافظة أسيوط. هو ابن لأب مصري وأم ذات أصول تركية. توفي والده عندما كان في الرابعة من عمره، ووالدته بعد ذلك بسنوات قليلة، تاركينه يتيما في رعاية خاله.
نشأ حافظ إبراهيم في القاهرة تحت كفالة خاله، وبعد وفاة والدته انتقل مع خاله إلى مدينة طنطا. درس في المدرسة الخيرية بالقلعة ثم في مدرسة المبتديان والخديوية الثانوية. مع انتقال خاله إلى طنطا، انقطع عن دراسته النظامية وبدأ الدراسة بالجامع الأحمدي حيث حفظ القرآن الكريم ودرس الأدب والشعر.
الحياة العملية
بعد إكمال دراسته في الجامع الأحمدي، التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية عام 1888 وتخرج فيها عام 1891 برتبة ملازم ثانٍ في الجيش المصري. ومع ذلك، لم تدم مسيرته العسكرية طويلاً، إذ تأثر بعلاقته المضطربة مع خاله مما دفعه لترك المنزل. عمل بعد ذلك في مكتب المحامي محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919، مما أتاح له الاطلاع على الكثير من كتب الأدب والشعر.
إسهاماته الأدبية
ترك حافظ إبراهيم العمل في المحاماة وانتقل للعمل في وزارة الداخلية، ثم أُرسل إلى السودان مع الحملة المصرية عام 1896. لم يمكث طويلاً هناك، وعاد إلى مصر حيث عُين رئيساً للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية عام 1911. حصل على لقب "بك" عام 1912 وظل يعمل في دار الكتب حتى أحيل إلى المعاش عام 1932.
كان حافظ إبراهيم قارئاً نهماً بذاكرة قوية، ما مكّنه من حفظ آلاف القصائد العربية ومئات الكتب. بدأ اهتمامه بالشعر والأدب خلال دراسته في الجامع الأحمدي، وواصل تطوير موهبته من خلال لقاءاته مع كبار الأدباء والشعراء في مجالس الإمام محمد عبده. تميز شعره بالجزالة والعمق، وعُرف بمواقفه الوطنية الرافضة للاستعمار والداعمة للغة العربية.
أبرز أعماله
من أبرز أعمال حافظ إبراهيم الشعرية: "قصيدة العام الهجري"، "الأم المثالية"، "مصر تتحدث عن نفسها"، "خمريات"، و"سجن الفضائل". كما أصدر كتاب "ليالي سطيح" في النقد الاجتماعي، وترجم "البؤساء" لفيكتور هوغو، وشارك في تأليف كتاب "الموجز في علم الاقتصاد" مع خليل مطران. كما ترك ديوان شعر من جزأين لم يُطبع في حياته.
الوفاة والإرث الأدبي
توفي حافظ إبراهيم في 21 يونيو 1932 ودُفن في مقابر السيدة نفيسة بالقاهرة. لا يزال شعره يُدرس ويُقرأ حتى اليوم، ويُعد من أعمدة الأدب العربي الكلاسيكي، مما يجعله خالداً في ذاكرة الأجيال كأحد أبرز شعراء العربية في العصر الحديث.
التعليقات