في رحلة الحياة، نصادف وجوها تزينها ابتسامات عريضة، ونسمع كلمات معسولة تطرب الآذان، وتلامس أوتار القلوب. ونبحر في بحر العلاقات الإنسانية، متكلين على مشاعر الصداقة والحب والعشرة، مؤمنين بقوة هذه المشاعر في صهر القلوب وإذابة جليد الأنانية.
لكن، سرعان ما تصطدم آمالنا بصخرة الواقع المرير، وتكشف لنا الحقيقة المؤلمة: *أن الإنسان كائن أناني بطبعه.*
ففي مواجهة التحديات والتهديدات، أو عند ظهور مصلحة شخصية، تتلاشى مشاعر النبل وتخفيها سحب الأنانية. لا تشفع الصداقة عن تضحيات جسام، ولا يغني الحب عن تنازلات قاسية.
فالإنسان لا يتغير إلا بوجود محفز قوي يهدد كيانه أو يلامس مصلحته الشخصية. قد يقدم بعض التنازلات الشكلية، أو يظهر بعض مشاعر التعاطف المتصنعة، لكن سرعان ما تذوب هذه المشاعر مع أول نسمة من رياح الأنانية.
فكم من صديق خان صديقه في لحظة ضعف أو طمع؟
وكم من حبيب جار على حبيبته بأبشع أنواع الظلم؟
وكم من ابن عاق والديه طمعا في المال أو السلطة؟
لتصبح مشاعر الحب والصداقة مجرد كلمات جوفاء لا تغير من سلوك مهما قويت. تنهار أمام أول تحدي يواجهه الفرد. مجرد زينة تزين سلوكه في بعض الأحيان، سرعان ما تتلاشى أمام أول عاصفة تواجهه.
ولكن يظهر هنا سؤال.. هل تصبح الأنانية سمة ملازمة للطبيعة البشرية؟ وهل من سبيل لكسر قيدها؟
إن الإجابة على هذين السؤالين معقدة وتحتاج إلى دراسة فلسفية عميقة. ولكن، من المؤكد أن التغيير رهينا بقرار واع من قبل الإنسان نفسه. فهل سيختار كسر قيد الأنانية والسعي وراء السعادة الحقيقية التي تكمن في العطاء والتضحية والسمو بالروح وتنقيتها؟ أم سيظل أسيرا لمصلحته الشخصية، يجره تيار الأنانية إلى هاوية التعاسة في الدنيا والاخره؟
التعليقات