هل سألت نفسك يوما عن عدد المرات التي قمت فيها بالاستحمام منذ ولادتك؟ هل تستطيع حصر كم الملابس المتسخة التي قمت بغسلها؟ وهل تستطيع أن تتذكر عدد الملابس التي قمت بشرائها لتجميل مظهرك داخل وخارج منزلك؟
دعني أسألك سؤال مباشر، ما هو حجم الجهد الموازي الذي تبذله لتحسين أفكارك الداخلية؟ كم مرة وقفت بصحبتك تراجع تصرفاتك وردود أفعالك تجاه المواقف التي تعبرك؟ ما هو موقعك من فكرة تحسين الذات؟ وهل لديك بالفعل القدرة على التخلص من بعض الأفكار التي قد تكون أشد اتساخا من الملابس التي تعكف على تنظيفها كل يوم؟
يقول "علي الوردي" عالم الاجتماع العراقي: إن الأفكار مثل الأسلحة تتبدل بتبدل الأيام، والذي يريد أن يبقى على أفكاره العتيقة هو كمن يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة ابن شداد.
نحن ننفر بشدة من أصحاب الملابس المتسخة ذوو الرائحة الكريهة. أتعرف يا صديقي من هم أشد نفورا من هؤلاء، إنهم أصحاب الأفكار البالية الدائبين على الدفاع عن نفوس مليئة بالعوار، أصحاب النفوس الضعيفة التي تأبى التهذيب.
المبدع هو من يفتش عن الأشياء التي يعتقد الغالبية العظمى من الناس أنها أمر مسلم به. أما العبقري فهو من يقوم بتحديث كل ما هو مسلم به وفقا لرؤية الوقت الراهن.
لو اعتبرت جسدك مثل الصندوق، وأحببت أن تطور من ذاتك وتفكر خارج الصندوق فيجب أن تكون بالوعي الكافي الذي يمكنك من استخدام هذا الصندوق بطرق مختلفة.
الألم حتمي في مسيرة حياتك أما المعاناة فهي دوما من اختيارك!
يتوقف أغلب الناس عن تطوير أفكارهم وتهذيبها في وقت مبكر من حياتهم، ويعكفون بقية عمرهم مدافعين عن أفكارهم البالية ووضعها في شكل مقبول يصل بهم إلى مرحلة السواء النفسي. أغلبنا يفعل ذلك، لأن التغيير مؤلم وعنيد.
لو خُيّرت بين بعض أنواع الألم سأختار بلا تردد ألم التغيير، فالنمط المتحجر في شخصيات البشر هو المبعث الحقيقي للبؤس الذي يعتري دنياهم.
الأشخاص الناجحين هم من يمتلكون عادات ناجحة. أما الأشخاص السعداء فهم القادرون على تحويل العادات الناجحة إلى أسلوب حياة.
في كل مرة أكتب مقال أو أعكف على رواية أو قصة قصيرة، أقوم بعزل نفسي عن كل ما يحيط بي. أتجاهل متابعة الرسائل، أستمع لموسيقى ليست بها كلمات تعيد نفسها باستمرار، وأضع حواسي ومشاعري في خدمة ما أكتب حتى انتهي منه.
لقد دربت نفسي لأشهر وسنوات طويلة على تلك العزلة الاختيارية التي تمكنني من وضع أطروحتي مكتملة. أشد ما أبهرني أن ذلك كان ببساطة كل ما احتاجه للبحث عن ذاتي وتقييم أدائي للبدء في كل خطوات التغيير التي احتاجها.
يجب أن تعرف يا صديقي أن لكل منا نمط للتفكير وكلنا قادرون على التغيير، لكن لا أحد يعي أن تلك الوقفات البسيطة هي الكنز الذي تعدل به مسار تفكيرك ليفضي بك إلى حال أكثر جودة ودنيا ممتلئة رحبة لا يكفيك ساعات يومك لتنتهي من جمال تفاصيلها.
الأحمق هو الشخص الذي يُسْكِت ضميره بتصور أنه راض عن نفسه.
الكون كله في حركة مستمرة، وحده الإنسان المتحجر هو من يجد الوقت الكافي ليتساءل كم هو تعيس.
كل ما تخاف منه سيتم امتحانك فيه، لذا فالأفضل أن تستمر في بذل جهد التغيير حتى تجد إجابة صحيحة تكتبها في ورقتك.
منذ نعومة أظافري يؤرقني حلم واحد يتكرر بشدة في منامي إلى يومنا هذا. أجدني في إمتحان في المدرسة ولم اجتهد في المذاكرة وأجلس على ورقة الأسئلة وأنا أتذكر أني ضيعت شهور طويلة بلا دراسة واجتهاد، ثم ما ألبث عندما استيقظ أن أحمد الله أني حاصلة على درجة الدكتوراة وأعمل أستاذا مساعدا ولا حاجة لي للذهاب إلى المدرسة وخوض تلك الاختبارات السخيفة.
ولكن … هذا إن دل يدل على أن عقل الإنسان الباطن يستمر في محاسبتك كل يوم وأنت نائم، وأن بعض تلك الأحلام والرؤى في منامك ما هي إلا تذكِرة لك بأن أوان محاسبتك لنفسك عن أفعالها قد آن.
منذ يومين كنت أتحدث مع ابني الحبيب عن أبي الحبيب الطبيب الرحيم الذي افتقده بشدة. في عيادة هذا الطبيب النفسي، تحدثنا عن قدرته رحمه الله على شحذ الأمل في نفوس مرضاه وكيف كان الطبيب الطيب الذي يبث الثقة في نفوسهم، وكيف كنت أشعر بنبض كلماته الساندة تقيم ظهورهم المنحنية.
لقد تعلمت منه دروس إقامة النفس دون أن يتحدث، علمني أن أول شخص يجب أن يقيمني هو أنا، أول من يحاسبني هو أنا، ثم بالتبعية علمتني الحياة أن أكثر ما يجعلني مطمئنة هو أن أشعر طوال الوقت أني لست على الصواب، فيكون هذا الحافز الذي يؤرقني طوال الوقت هو الدافع الأوحد للتغير الذي أحتاجه لتعديل أفكاري إلى أخرى أكثر نضجا وتطورا.
في عيادتك الخاصة تحتاح على أوقات متقاربة إلى جلسة تنظيف وتهذيب للكثير من أفكارك التي تعتبرها أمر مسلم به، لتنعم بحياة أكثر هدوءا وإنتاجية وجمال.
التعليقات