كثيرا ما نسمع عن انبهار الناس بالتوقيت الذي يأتي فيه شهر رمضان المبارك كل عام، على الرغم من ثبات موعده كل عام، فهو الشهر التاسع في ترتيب الشهور الهجرية. نفرح بقدومه ونرحب به وسرعان ما ينقضي، لنبدأ في رحلة انتظاره من جديد، إذا لِمَ الانبهار؟
الحج فريضة يهواها القلب ويتمناها ولكن النفس ليست في حاجة ملحة إليها، يمكن أن تتشوق نفسك إلى زيارة بيت الله الحرام والمسجد النبوي وهذا جائز ومستحب، فهذه من المساجد الثلاثة التي يُشد إليها الرحال، بجانب المسجد الأقصى ... وفي تأدية فريضة الحج مشقة لا يقدر عليها الجميع، ولأن الله هو الأعلم بخلقه، ولأن سيدنا محمد (ص) هو الأرحم بقومه، لم يوجب الله فريضة الحج كل عام، بل جعلها مرة واحدة في العمر ولمن استطاع وليس للجميع، وعندما سُئل سيدنا محمد (ص) عن تأدية فريضة الحج "أفي كل عام يا رسول الله؟" فسكت قليلا ثم قال: "لا، ولو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم"، ولم يحج سيدنا محمد (ص) في حياته إلا مرة واحدة حتى لا يُؤخذ الحج أكثر من مرة سنة من بعده.
وعندما نأتي إلى شهر رمضان، نجد الأنفس تتلهف ويزداد شوقها يوما بعد يوم حتى تبلغ ذروتها قبل حلول رمضان بأيام، ولأن الله هو الأعلم بعباده، وسيدنا محمد (ص) هو الأرحم بقومه، جعل الله شهر رمضان هبة مترددة كل عام وأوجب صيامه مع تعظيم أجر جميع الأعمال فيه، من صلاة وصدقة وقراءة القرآن وتعمير المساجد، وأتمها سيدنا محمد (ص) بسنته الطيبة فيه حيث صلاة التراويح ذات مفعول السحر في ترويض النفس والترويح عنها في آن واحد، إلى جانب الأسلوب الذي أعانه على الصيام، من سحور مبكر وإفطار على التمر أولا.
ويأتي رمضان ويمر ولكننا نتغير، وجميعنا نتغير بالإيجاب باختلاف نسبة الاستفادة، فكلما زاد وعيك ثم سعيك في شهر رمضان كلما خرجت منه بأكبر استفادة وكنت الأكثر اتزانا.
ولأن الدعاء يجب أن يمتلك نصيب الأسد من حياتنا في شهر رمضان، ولأن لدينا إخوة يتم تعذيبهم وإبادتهم بأكثر الطرق وحشية، ولأن الأمر قد طال عليهم، حتى امتلأت أرض فلسطين بالأطفال اليتامى محاطين بدماء وأشلاء ذويهم، لأجل الإخوة ولأجل الإنسانية كثفوا دعاءكم في هذا الشهر الكريم، ادعوا لهم بالخلاص من نكبتهم التي طالت وصعبت عليهم ثم علينا، ولعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا.
التعليقات