حبة الغلة ... صاحبة الصدى الأوسع في صفحات الحوادث، فنظريا هي حبة يستخدمها المزارعون لحفظ حبوب الغلة حيث تمنعها من التسوس أو التلف؛ وهذا يرجع إلى احتوائها على سم قوي يقتل أي حشرة تحاول الاقتراب.
وعلميا فهي "فوسفيد الألمونيوم" المعروف بالقاتل الصامت، حيث يتفاعل بمجرد وصوله إلى المعدة وينتج غاز الفوسفين السام، حيث لا وجود لمضاد أو ترياق له، فتكون الوفاة هي النتيجة المنتظرة والحتمية، ولذلك تُستخدم حبة الغلة من قبل الكثيرين الذين أقبلوا على إنهاء حياتهم فكانت تجربتهم وحيدة ونتيجتها مضمونة.
وعمليا فهي الوسيلة الأشهر التي يستخدمها الأطفال رغبة في إثارة خوف أهلهم وإجبارهم على الخضوع لرغباتهم بعد إنقاذهم، وهم على جهل تام بأن لا رجوع من تناول حبة الغلة إلى وقتنا هذا، فيخسرون حياتهم هباءً بسبب رغبات طفولية مجنونة.
لتتشابه حبة الغلة مع الديناميت في كثير من الأوجه، فكلاهما خُلقا لخدمة البشرية، وكلاهما استخدما في تدميرها، ولكن الديناميت الموجود في الأسلحة والمتفجرات يخرج مقيدا بقوانين التداول، بينما تُباع حبة الغلة في محلات القرية الصغيرة، يبيعها أطفال ويشتريها أطفال بسعر في متناول الجميع.
احتضنوا أبناءكم فهم أمانة من الله (سبحانه وتعالى)، أودعها عندكم ويستردها إذا وجد منكم إهمالا في رعايتها يصل إلى إرهاقهم نفسيا حتى أصبحوا أسرى البحث عن أي وسيلة لكسب عطفكم وإن كان بالألم الشديد.
فالانتحار محرم لكونه تصرف في مصير ما لا نملك، فالنفس ملك الخالق وحده يفعل بها ما يشاء، ولكنه ذنب سنظل نسمع عن ارتكابه، فلو كان ذنبا منتهيا وبعيدا عن النفس البشرية، لما اعتنى الدين بتحريم قتل النفس.
فحبة الغلة وسيلة مؤكدة للانتحار، ولكن في حالة الأطفال فبالتأكيد هناك الكثير من الطرق لإشعال خوف الأهل غير الموت.
ابكوا واعتصموا، وليسمح والداكم بقليل من السيطرة لبكائكم على الموقف، فالحفاظ على حياة من حولنا واجب ما استطعنا إليه سبيلا.
التعليقات