في الرابع من فبراير عام ٢٠٠٠، وفي وسط احتفالات الألفية الجديدة، كانت الوفود العالمية تتوافد على العاصمة الفرنسية باريس والوجوه يعلوها الجدية والاهتمام والانشغال الشديد.
كانت هذه الوفود متجهة لحضور حدث هام هو القمة العالمية لمكافحة السرطان فى الألفية الجديدة، وكان الجميع مهتمين بالمناسبة المميزة خلال القمة وهى التوقيع على ميثاق باريس لمكافحة السرطان.
وفي التحضيرات التي سبقت هذه القمة، تفتقت الأذهان أيضا عن فكرة بديعة، لماذا لا يكون يوم الرابع من فبراير كل عام يوما عالميا لمكافحة السرطان ؟ و لماذا لا يكون مناسبة سنوية ثابتة لنشر الوعي وشحذ الهمم لمكافحة هذا المرض الخطير؟.
وتواصلت المناقشات وأختمرت الفكرة وتم الاتفاق بالفعل خلال القمة على ان تجرى فى مثل هذا اليوم فعاليات اليوم العالمي لمكافحة السرطان.
ومرض السرطان يكفي ليدرك المرء مدى فداحته ومدى خطورته أن يلقي نظرة واحدة على الاحصائيات والبيانات، فمثلا في عام 2020 نجد أنه قد تسبب في وفاة قرابة العشرة ملايين وحده على مستوى العالم، وأنه في نفس هذا العام بلغ عدد الحالات الجديدة المصابة حوالى ثمانية عشر مليون شخص عالميا، لذلك فإن إختيار يوم عالمي لمكافحة هذا المرض يمثل فكرة رائعة وفرصة لزيادة الجهد لمحاربة هذا المرض الخطير.
ففي هذا اليوم، تنطلق الفعاليات المتعلقة بمرض السرطان في مختلف انحاء العالم، وتتكثف حملات التوعية بخطورة المرض وبعوامل الخطر والإصابة وبطرق الوقاية والعلاج وبأهمية الفحص الدوري والتشخيص المبكر.
ومع مرض كالسرطان، فإن مثل هذه المعلومات قد يكون لها أثر بالغ في حياة فرد و مصير أسرة من حوله، فمن ينظر لأهمية التشخيص المبكر مثلا وأهمية التلقي المبكر للدواء في مسار العلاج والاستشفاء، يدرك بحق كيف تلعب زيادة الوعي دورا بالغ الأهمية في دفع المريض لإتخاذ القرارات الهامة المتعلقة بعمل الفحوصات وبداية العلاج في الوقت المناسب وقبل استفحال الداء.
وفي العام الحالى، يتواصل رفع شعار (سد فجوة الرعاية) كشعار وموضوع اساسي للفعاليات هذا العام، حيث يتم التركيز على الدعوة إلى إزالة كافة الحواجز والمعوقات التي تمنع وصول الجميع للرعاية الصحية المطلوبة لمكافحة السرطان وذلك بجميع انحاء العالم.
ومن اهم الحواجز هو حاجز نقص الوعي وقلة المعرفة التي قد تؤدي للغفلة عن اجراءات مبكرة بسيطة ولكنها مهمة للغاية في مسار الوقاية والعلاج.
ومن هنا يتواصل التأكيد على اهمية البعد عن مسببات وعوامل الإصابة بهذا المرض الخطير، كما يتواصل التأكيد على اهمية الفحوصات الدورية ومحاولة الاكتشاف المبكر للمرض خصوصا للأفراد الأكثر عرضة لعوامل الاصابة بهذا المرض.
إن زيادة الاهتمام بهذا اليوم وزيادة الفعاليات المقامة يحمل في طياته فرصة لزيادة الوعى وزيادة اتباع الاجراءات البسيطة المبكرة التي قد توفر الكثير من الآلام والكثير من المعاناة والكثير من العبء الإقتصادي على الفرد والمجتمع بإذن الله.
وبعد توالي هذه السنوات على قمة العام 2000، لازال كل المهتمين وكل العاملين في مواجهة هذا المرض يترقبون كل عام قدوم شهر فبراير وقدوم اليوم الرابع فيه ليحتفوا بكل شغف وبكل اهتمام بيومهم، اليوم العالمي لمكافحة السرطان.
د.محمد يحيى
(مدرس الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة جامعة مدينة السادات)
نُشر طبقاً لبروتوكول النشر الدولي المشترك مع مجلة "آسيا إن"
التعليقات