"إن كنا نحن من نعيش الدنيا، أم الدنيا من تعيش بنا" .... لا نعلم.
أصبحنا نسير جميعا على خطى ثابتة، نحو وجهة واحدة، فكل أسير لمسئولياته، فما هي حياة الصبي غير مراجعة دروسه وحفظ واجباته، وما هي حياة الشاب غير بناء مسيرته المهنية والتخطيط لأحلامه. لسنوات طوال لم تنتهِ إلا منذ سنوات قليلة، وهناك من لم تنتهِ لديهم حتى هذه اللحظة، ظلت الأحوال على هذا المنوال، بتسليم تام لحقيقة أنك في عمر السعي، إذا لا مجال للراحة أو لما هو غير مهم ماديا.
ولكن حتى نكون منصفين، يجب الاعتراف بأن هذا الروتين الثابت هو القادر الوحيد على تحقيق الأهداف، أن تقوم بما هو مطلوب في ساعات محددة من اليوم والأسبوع، يغنيك عن مشقة التفكير كل يوم في كيفية قضاء عمل اليوم، فأصبح الأمر عبارة عن ورد ثابت، ساعة من العمل، وساعة من القراءة، وساعة من تعلم لغة جديدة، وساعة من الاستغفار وقراءة القرآن، وساعة من الدراسة؛ فتستيقظ كل يوم وأنت تعلم ما عليك فعله، فتبدأ مباشرة، وتنتهي مما عليك مبكرا فتجد يومك طويلا متاحا لخلق العديد من التجارب، وتنمية العديد من المهارات، أو استغلاله من أجل الراحة، فأنت بالفعل قد أنهيت كل واجب.
ولكن بعد كثير من الروتين، يستحب أن تكسره ولو لمرة كل فترة، حتى تحمي نفسك من أي ملل أو فتور، ولا تخطط له، بل باغت به نفسك. استيقظ يوما وقل اليوم سأسافر، اليوم سأشاهد فيلما، أو قرر المكوث في المنزل طوال اليوم، في يوم بارد ممطر، فهذا أيضا من حقك، بل وأكثر من ذلك إنه لمن المفيد؛ حيث يعمل على عودتك في اليوم التالي قادرا على استكمال روتينك بكل طاقة وحماس، وكأنها عملية إعادة شحن البطارية.
وإذا نظرنا إلى فكرة الخروج عن المألوف من منظور أوسع، سنجد أنه من الضروري الخروج عن منطقة الراحة كل فترة، من أجل الاحتكاك بمتع الحياة الحقيقية. اختر أكثر ما يخيفك وقم به ولو لمرة، اختر مجالا تجده صعبا عليك وتعلمه، سافر وحدك وتحمل المسئولية، أي كن على ما تخاف أن تكون عليه، وشاهد النتيجة.
فاهتم بخلق روتينك الخاص، والتزم بالسير عليه، وبدورية كسره .... وتذكر أن أجمل ما في الروتين كسره.
التعليقات