خَلق الله الإنسان جزء من هذا الكون الرحيب. وهذا الكون على رحابته بمكوناته من جمادات وكائنات على اختلافها و تنوعها إنما سخرها الله من أجل إسعاده وما عليه هو إلا أن يتدبر هذه العطاءات الكريمة ويستشعر تلك المنن العظيمة متوجها إلى موجدها بالشكر الكبير والحمد الكثير، شكر يتخطى اللسان ويتعداه إلى القلب والجوارح، لا تطغيه نعمة مُنحت ولا تشقيه إن هي حُجبت، فهو بين الشكر والرضا يتقلب، وقد أيقن أنه عز وجل ما خلق خلقا صغيرا أم كبيرا، نافعا أم ضارا إلا لحكمة بالغة مآلها في النهاية إلى خير البشرية.
ولا تمر الأحداث بحلوها ومرها إلا لدرس نتعلمه وخبرة نكتسبها ويقين يترسخ في الفؤاد، فهكذا الحياة خلقها الله ليكابدها الإنسان ويتمرس على كل ظروفها ويختبر قوة تحمله وقدرته على تخطي الصعاب وحل المشاكل فيورَث الثقة في حسن تدبير الخالق ثم الثقة بنفسه.
ونحن وقد علمنا أن الله لم يخلق شيئا عبثا بل خُلق لفائدة وحكمة..
فلم يُخلق المرض إلا لاكتشاف الدواء ولم يوجد الفقر إلا لتربية النفس على الصبر و تذوق لذة العطاء.
والنوازل كالزلازل مهما بلغت خطورتها ما جُعلت إلا لتخرج الأرض كنوزها ولتنمي في الإنسان القدرة على التأقلم و الابتكار
وعظَمه الجبل بما فيه من معادن ونفائس وقوة تستقر به الأرض ومن عليها لهي جزء من نظرة أوسع وتدبر أعمق فهو معلم للإنسان كيف يكون الشموخ والثبات على المبدأ ومواجهة كل التقلبات من حوله بكل صبر وجلد في سبيل الاستمرار في أداء مهمته التي خلق من أجلها والأمانة التي ارتضى هو حملها.
وهذه القوة والعظمة كما أودعها الله في المخلوق الضخم نعلم أنه لم يحرم منها أصغر مخلوقاته وأضعفها
فهم جميعا من صنع الخالق العظيم.
فقد تقتل الذبابة فيلا وقد تفتت قطرات المطر الصخور الصلبة ويحتاج البشر لأصغر الكائنات بل وللجماد لتستمر حياته.
والنملة على ضعفها قد تطأها بقدميك ولا تبالي لكنها تملك قدرة عظيمة على استشعار الخطر وحمل ما يفوق أضعاف وزنها وهو ما لا يقدر عليه البشر، ولها من القدرة على التعاون والانضباط والتخطيط والاقتصاد ما نجده في أرقى الأكاديميات العلمية
لذلك للتدبر ثمرة عظيمة قد تجنبنا ويلات الحروب التي أفنت البشر وضيعت مواردهم فقط لو تيقنا أن كل مخلوق خُلق ورزقه مقرون به وجعل الله الجميع متساويين في الرزق وخزائنه لا تنفد.
هيا نعلنها دعوة للتدبر من أجل إنسانية أرقى تنبذ البغض و الأحقاد وتزرع الحب والرحمة وتعلم أن الكون يتسع للجميع.
التعليقات