نرى جيلا عشق دور الضحية، وارتاح به، اختاره ليعيش حياته مبررا لكل سقطاته وإخفاقاته، فالذنب ذنب الظروف، ولا ذنب لسواها.
إذا تحدثنا عن التربية، فهذا جيل خرج على أيدي آباء متعلمين، فلم يذوقوا مثل من سبقوهم مرارة الجهل.
وإذا تحدثنا عن الحرية، فهذا جيل حصل على حريته الكاملة في كل جوانب الحياة، ولو أنكر ذلك، فما تتحدث عنه الآن كحق من حقوقك كان يوما محرما، فاسأل ما كان مصير شاب أو فتاة حاول اختيار شريك حياته بداعي الحب.
وإذا تحدثنا عن الوعي والإدراك، فهذا جيل أدرك قبل أوانه، تجد طفلا لم يتجاوز عمره العشر سنوات، قادرا على التعامل مع أحدث الأجهزة والأنظمة الإلكترونية المعقدة.
وإذا تحدثنا عن الدين، تجد أن الجيل الجديد عرف تعاليم دينه واتبعها مبكرا، فأصبح الحجاب من السن الذي فرضه الله، وليس بعد الزواج، مثلما كان يحدث.
وإذا تحدثنا عن التقبل والفروق الاجتماعية، فالآن لا مجال للكذب أو التجمل، فلا يخجل أحد من فقره، ولا يخجل أحد من اختلاف خلقه الله عليه، بل أصبح التعليق على هذا الاختلاف جريمة يعاقب عليها القانون.
فإذا تحدثنا عن الإمكانيات، فأنت تملك كل شيء، تملك العلم والدين والحرية والقوة، أنت الحائز على أكثر النعم، فما هو مبرر عجزك؟! وكيف أصبح العيب بزماننا؟!
كيف تملكنا دور الضحية، ونسينا القضية؟! تركنا النعم التي حصلنا عليها، ونبرر الفشل بالتلوث وقسوة وسرعة العالم، ونقول أن من سبقنا استهلك كل الخيرات.
ونحن ولو ادعينا غير ذلك، إن لم نحقق المستحيلات لكان العيب فينا، ولا عيب لسوانا.
"نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا."
التعليقات