أولاد العم المغضوب عليهم الضالون يسعون بكل الطرق الشرّانية والوسائل الشيطانية إلى محو كافة الآراء المعارضة لهم والمناشدات الصارخة ضدهم، حتى لا يتعاطف المجتمع الدولى مع شعب غزة المنكوبة، بل يزيفون الحقائق لصالح أوضاعهم المحتلة، وحتى لا تغيب شمس اليقين وسط غيوم صواريخ وأدخنة قنابل العدو الجاحد.
إليكم هذا الخطاب النارى الذى قيل فى البرلمان الأيرلندى منذ يومين على لسان النائب مات كاثى، اقرؤوه جيدًا قبل أن يُحذف كغيره من الحقائق:
«دعونا أيها المجتمع الدولى نكون واضحين تمامًا.. بالفعل، انتهكت حماس القانون الدولى فى السابع من أكتوبر، واستهدفت المدنيين الأبرياء بأبشع الطرق اللاإنسانية، وتمت إدانة أفعالها بحق من قِبل أصحاب الضمائر الحية فى جميع أنحاء العالم.
لكن علينا أيضًا بالمثل أن نكون واضحين، لقد انتهكت إسرائيل القانون الدولى، ليس فقط منذ السابع من أكتوبر، بل تقريبًا فى كل يوم على مدار عقود.. إسرائيل تحتل الأراضى الفلسطينية بالمخالفة للقانون الدولى، وتحاصر أراضيها، وتبنى وتوسع المستوطنات غير الشرعية، وتفرض نظامًا عنصريًا يقيد حركة الفلسطينيين وتنتهك حقوقهم الأساسية، وتهاجم إسرائيل بانتظام وبشكل منهجى المدنيين الفلسطينيين وتقتلهم بالمخالفة للقانون الدولى.. لذلك فإن السؤال الذى يجب علينا جميعًا طرحه كساسة هو: كيف يرد العالم على الانتهاكات الصارخة للقانون الدولى؟.. فيما يتعلق بجرائم الحرب البشعة التى ارتكبتها حماس مؤخرًا، كانت استجابة العالم واضحة وثابتة. هبَّ زعماء العالم ليقولوا لإسرائيل «إن لها الحق فى الدفاع عن نفسها». وقد كُررت هذه العبارة من كبار الشخصيات بمن فى ذلك حكومتنا، وتكررت فى بيان بعد آخر وفى تغريدة بعد أخرى، رغم العلم التام بأن هذه الكلمات أصبحت ملوثة بدماء الأبرياء؛ لأن هذا يعنى عمليًا أن إسرائيل تأخذ هذا الحق كترخيص لقصف المدنيين وقصف المدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية، كما تأخذ هذا الحق كترخيص لفرض تهجير مليون شخص من الشمال إلى الجنوب، فى سجنٍ مفتوح، إضافة إلى حرمانهم من الغذاء والماء والطاقة والإمدادات الطبية، وفرض حصار كامل على السكان المدنيين لضمان موت الأطفال والمرضى وذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
بكل أسف، أصبحت عبارة «إن إسرائيل لها الحق فى الدفاع عن نفسها» غطاءً لحق إسرائيل فى ارتكاب الإبادة الجماعية أمام أعيننا.
دعونا نتساءل: لماذا لا نسمع أبدًا من المجتمع الدولى عبارة «إن لفلسطين الحق فى الدفاع عن نفسها؟».. هذه العبارة لا نسمعها عندما يواجه الأسطول الإنسانى الذى يحمل إمدادات أساسية إلى غزة هجومًا عسكريًا يسفر عن مقتل تسعة ناشطين عُزل من قبل إسرائيل.. ولا نسمعها عندما يواجه الفلسطينيون الذين يتظاهرون سلميًا ضد الحصار غير القانونى بهجوم عسكرى آخر واستشهاد 300 منهم، ولا حتى بعد «القصف الإسرائيلى اللامتناهى لغزة».. ولا أيضًا عندما استهدفت إسرائيل وقتلت أربعة أولاد فلسطينيين صغارًا يلعبون كرة القدم على الشاطئ، ولا عندما جُرّ سكان فلسطينيون من منازلهم وأجبروا على مشاهدة تدمير تلك المنازل لبناء مستوطنات إسرائيلية غير شرعية جديدة على أراضٍ محددة بوضوح فى القانون على أنها جزء من فلسطين.. ولا سمعنا صدى لهذه العبارة بعد الهجمات الإسرائيلية العدوانية ضد شعب غزة أو الضفة الغربية لأى شخص فى مجلس الأمن أو أى قائد غربى تشجع وقال عبارة «إن لفلسطين بعد كل هذا العدوان الحق فى الدفاع عن نفسها»!.
وبالمناسبة، لست أطلب منكم قول هذه العبارات، وفى الواقع من الأفضل ألا تقولوها؛ لأننا جميعا نعرف أنه لا يمكن لشعب فلسطين الدفاع عن نفسه ضد أحد أقوى جيوش العالم المدعوم بقوات عسكرية أكثر قوة.
الحقيقة أن شعب فلسطين مثل أبرياء إسرائيل، لا يحتاجون إلى المجتمع الدولى ليقول لقادتهم إن لديهم الحق فى شن المزيد من القصف والألم والمعاناة، بل يحتاجون من المجتمع الدولى أن يقول: توقفوا، أطلقوا الرهائن، أوقفوا القصف والحصار والمجزرة.. يحتاجون من المجتمع الدولى أن يأمر إسرائيل بوقف الحصار والفصل العنصرى وضم الأراضى والإبادة الجماعية.
ويحتاجون إلى دول تقود الطريق، ويجب أن تكون إيرلندا وغيرها من الدول المتحضرة هى التى تقود الطريق نحو الحق.. نحن نعرف الاستعمار، نعرف القهر، نعرف النزاعات، ولكننا نعرف أيضًا حل النزاعات، وبناء السلام، وبناء الأمة، وبسبب ما نعرفه وما علَّمنا إياه تاريخنا، يجب أن يكون نداؤنا اليوم واضحًا: «وقف إطلاق النار الفورى والكامل وغير المشروط.. وتدخل دولى حاسم يؤدى إلى مفاوضات.. وتسوية سلام عادلة ودائمة. وفى النهاية وإلى الأبد، ستبقى فلسطين حرة ومستقلة وذات سيادة رغم الحصار الظالم والعدوان الغاشم والقصف الحاصل ليل نهار».
التعليقات