تُحدثنا الأم (مصر) بلغة بسيطة تعبر عن بعض مشاعرها، تحدثنا عن ابنها البطل شفيق متري سدراك، تقول:
ابني البطل اللى هاحكي لكم عنه النهارده هو قائد عسكري من قادة حرب أكتوبر عام 1973م وكان أول شهيد من الرتب الكبرى. وبالمناسبة: حرب أكتوبر من أكتر الحروب اللى استشهد وأصيب فيها كتير من الضباط والقادة من الرتب العليا.
كان ميلاد ابني البطل شفيق متري سدراك سنة 1921 في قرية المطيعة بمحافظة أسيوط واتنقل والده لمحافظة البحيرة واستقر هناك في قرية يوسف حنا بمركز شبراخيت، كان بيشتغل مدرس، ولما خلص شفيق دراسته الثانوية اتقدم لكلية التجارة.. وأيامها كان بيقولي: دراستي في كلية التجارة مش هي طموحي.. أنا .. أنا أملي ألتحق بالجيش المصري.
وعشان كدا .. وهو في سنة تانية من كلية التجارة.. سابها واتنقل للكلية الحربية.. واتخرج من الكلية الحربية سنة 48 والتحق بسلاح المشاة برتبة ملازم تاني.. وفى البداية .. خدم في السودان.
ابني البطل شفيق متري سدراك من أوائل اللى حصلوا على شهادة أركان حرب وهو برتبة رائد وكان أصغر الخريجين سنا، وكمان حصل علي شهادة أكاديمية ناصر العليا بتفوق ساحق، وكان معروف عنه إنه بيجيد فن القتال بالدبابات في الصحراء.. وكان دائما يتقدم قواته عشان يبث في نفوسهم الشجاعة والإقدام ويرفع من روحهم المعنوية.
وشارك شفيق سدراك في حرب السويس وقت العدوان الثلاثي علي مصر سنة 1956م وشارك كمان في حرب الخامس من شهر يونيو سنة 67 ،وفى الحرب دي كان بطل الكل أتكلم عنه بعد اللى عمله في معركة موقع أبو عجيلة واللي كانت من أهم المعارك في حرب 67 عشان كدا رقاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ترقيته استثنائية تكريما له، وعشان نبوغه وتفوقه تم تعيينه ضمن هيئة التدريس بالكلية الحربية.. كان بيدرس مادة التكتيك وفن القتال خاصة للطلبة الوافدين باللغة الإنجليزية.
وبعد حرب 67 شارك بطلنا العميد سدراك في حرب الاستنزاف، كان بيعدي هو ورجالته لسيناء من بورسعيد والدفرسوار والفردان.. يقاتلوا العدو في معارك الكمائن، والحقيقة ضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة والجسارة ، وعلى دا الحال لغالية ما جه يوم الكرامة .. يوم 6 أكتوبر سنة73 .. في اليوم دا عَبر ابني البطل شفيق متري سدراك إلى شرق القناة مع أول موجة للعبور، عبر كقائد للواء الثالث مشاة ميكانيكي.. التابع للفرقة 16 مشاة من الجيش الثاني الميداني، وقتها .. وقبل لحظة العبور وقف يتكلم مع الجنود، يشجعهم .. وكانت كلماته إلى أفراد وضباط لوائه "إن أبناء مصر من عهد مينا إلى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باسم وقد آن الأوان أن ترفرف أعلام مصر على أرض سيناء الحبيبة، وأنا أعدكم أن كل علم سوف يرفع فوق إحدى مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء سيكون موضع إعزاز وتقدير من أبناء مصر وقادتها وكل من ساهم في رفع هذه الأعلام، وختاما أذكركم بقوله تعالى ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) صدق الله العظيم".
وهكذا خاطب القائد المسيحي جنوده بآيات من القرآن الكريم مما يدل علي وحدة نسيج هذه الأمة التي اختلطت دماء أبنائها مسلمين ومسيحيين ببعضها البعض وهي بتروي أرض سيناء وتحررها .. ولما تم الإعلان عن ساعة الصفر .. ساعة العبور اندفع شفيق متقدما قواته يعبر القناة.. ويتقدم نحو الممرات ويتمركز فوق الأرض الأسيرة بعد تحريرها ويحافظ عليها.. وحقق أمجد المعارك الهجومية اللي زلزلت دفاعات العدو وكبدته خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وبدأوا يتوغلوا داخل سيناء لمدة 48 ساعة وفى يوم 8 أكتوبر بدأ العدو الإسرائيلي في شن هجماته المضادة علي فرق المشاة اللي عبرت القناة، وكان منها الهجوم المضاد اللى قام به لواء مدرع إسرائيلي علي الفرقة 16 مشاة اللي تمكنت من صده وأرغمته علي الانسحاب، وفى اليوم دا ضرب اللواء عادل يسري أروع البطولات .. وابني البطل عادل يسري .. أكيد هاتكلم عنه في يوم تاني.. المهم .. في يوم تسعه أكتوبر وبداية من الساعة سته ونص صباحا شن العدو الإسرائيلي هجوم مضاد آخر علي الفرقة 16 مشاة وركز علي اللواء الثالث المشاة الميكانيكي وهو لواء منتصف الفرقة واللى كان بيقوده العميد شفيق مترى سدراك ووجه نحوه كتيبتين مدرعتين وذلك بهدف اختراق رأس كوبرى الفرقة وإحداث خلل في النظام الدفاعي في القطاع الشمالي للجبهة وعلي الرغم من صد هذا الهجوم وتكبيد العدو خسائر جسيمة وتدمير عدد كبير من دباباته القائمة بالهجوم فقد واصل العدو محاولاته التي بلغت 4 محاولات خلال 4 ساعات فقط. وفي أثناء صد اللواء الثالث المشاة الميكانيكي للهجمات المضادة أصدر العميد شفيق مترى سدراك أوامره لقائد كتيبة مقدمة اللواء بتطوير الهجوم شرقا ليتمشى وضع اللواء مع النسق العام لألوية الفرقة واتوغل هو ورجالته لعمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلو مترا في أرض سيناء يقتلون ويأسرون جنود العدو .. وكان بيتقدمهم البطل سدراك بمسافة كيلومتر ليبث في نفوسهم الشجاعة والإقدام ويحمسهم للقتال.. وفجأة أصابت سيارته دانة مدفع إسرائيلي قبل وصوله إلى منطقة الممرات لترتقي روح الشهيد المسيحي الصائم مثل جنوده لملاقاة ربه برفقة 5 أبطال آخرين كانوا معه في المركبة.
وكان ابني البطل شفيق متري سدراك هو أول شهيد من الضباط حسب إشارات التبليغ من الوحدات الفرعية ويوميات القتال. وكان برضه هو أول بطل يقوم بتكريمه رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب صباح يوم 19 فبراير عام 1974م واللى فيها تم منحه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى تقديرا لما أظهر من أعمال ممتازة تدل على التضحية والشجاعة في ميدان القتال أثناء حرب يوم العاشر من شهر رمضان وهو أعلى وسام عسكري مصري وكمان تم إطلاق اسمه على الدفعة 75 حربية.
التعليقات