الفقد شعور داخلي مسيطر عميق لا يترجم إلى كلمات . ولا تكفيه سطور أو صفحات . يقف العقل أمامه عاجزًا عن الاستيعاب , لتنعدم القدرة على البوح أو حتى السرد كحكايات. شعور دفين في القلب غير قابل للمشاركة أو الانتقال بين الناس..
تجربة من أقصى التجارب التي حق على الإنسان أن يعيشها . اختبار مكرر مرَّ على جميع البشر , لنراهم يتجرعون جميعًا كؤوس الألم . ولكن ادراكها الحقيقي يكون لحظة دخلونا نحن هذا الإختبار. فعندما نفقد شخصاً عزيزاً علينا سواء بالوفاة أو الإنفصال أو البعد .
تجد الألم يأكل في قلوبنا , شعور حقيقي جدًا، جزء لا يتجزأ من الحياة البشرية . حقًا علينا قضاء وقدر.
اعلم أن الأماكن بلا أحبتنا تفتقد الروح، ولا تُسَوَّى جناح بعوضة وهي خالية منهم . مع الاستمرار في الحنين إلى أشياء تلاشت، واختفت , ليفترس الألم أرواحنا .ولا يبقى معنا سوى عطر ما افتقدناه يملأ ذاكرتنا .
اعلموا يا أعزائي أن التأقلم بعد الفقد هو التحدي، إما البقاء والاستمرار والقبول والتجاوز، أو التنازل عن الدور الإنساني والاستسلام للآلام .وكِلا الحلين صعيب وقاتل، ولكنَّ احدهما هو كالحياة والآخر كمن دفن حيًا...
قد يجد الطالب للتقبل ومحاولة التجاوز صعوبة في التأقلم مع العالم من حوله بعد الفقد، فالذكريات تلاحقه صحوًا ونومًا ..فتجده يواجه صعوبة في الثقة بالآخرين أو إقامة علاقات جديدة. تراه مشتت هل ما زالت مفاهيم الحب كما هي بداخله أم تغيرت.. قد يعاني من الذنب أو الشعور بالتقصير فيما يتعلق بالشخص الذي فقده، وقد يشعر بعدم القدرة على التعبير عن شعوره والحزن علانية. ولكن عليه إغماض عينيه قليلا وتجاهل كل الأصوات التي تملأه الآن ليعبر فوق نفسه، ويرفعها معه من هوة الفقد..
فلتأخذ طريق التحدي لنفسك .املأ فراغك واملأ عقلك بكل ما هو متاح مباح . املأه بكل ما أوتيت من قوة . فلا قوة على الأرض تستطيع محو آلامك سواك أنت .
إياك إن تترك نفسك لنفسك يلتهمك آلمك وذكريات تأبى أن تعود ..مهما كان مؤلما ادراك انه كان .. عليك أن تترك ما كان لما كان وتعيش في الآن ..وهنا نقطة التحول بين ماضٍ متيقن عدم عودته ..وبين حاضر تكرهه لرغبتك في الاستمرار في ما ذهب .
فلن تستطع الهروب من نفسك مهما حاولت . فالتواجه روحك المتألمة، وعليك بالتالي إقناعها بضرورة إزالة ما عبثت به الدنيا داخلك .. ولكن ضع صوب عينيك ما تبقى منك ، هل ستسمح له بالزوال هو أيضا أم مازال هناك البقية التي ولا بد من الاستمرار بعزيمة وإصرار..
الحزن قدر ولكن الخروج منه واجب ومحتم ..او على الأقل إزاحته جانبا قليلا لتستطع التنفس..
أدرك جيدا آلام الحنين وافتقاد الماضي . لكن يجب أن لا نستمر في العيش فيه.
يكفينا أن نحافظ على ذكرياته الجميلة في قلوبنا نحتضنها بين جنباتنا . و نواصل بناء حاضر لعله يعوض جزء مما كان..
علينا أن نتقبل التغيير، ونتمسك بالأمل والإيمان فإن الأيام الجميلة ستعود بفضل الله.
وظني فيك يا رب جميل..فهل يا سيدي فرج قريب..
التعليقات