الطيبة والتغاضي قوتان لا تقدر قيمتهما إلا عندما يتم تطبيقهما بصدق واستمرارية. فهما يعكسان نضج الشخصية والقوة الداخلية، ولا يستطيع الاستفادة منهما إلا من هم في ذروة القوة الروحية والعقلية. إنهما سمتان تتطلب تفكيرا عميقا وإدراكا دقيقا للعواقب والتأثيرات الإيجابية التي يمكن أن تخلفها.
الطيبة، على نحو عام، تتجلى في معاملة الآخرين بلطف واحترام، وتقديم الدعم والمساعدة دون انتظار مقابل. إنها قدرة على رؤية الخير في الآخرين والعمل بنية حسنة، حتى في الوجهة الصعبة. الشخص الذي يمتلك الطيبة يستطيع تحويل البيئة من حوله إلى مكان أكثر إيجابية وإنسانية، وهذا لا يأتي إلا من شخص يملك توازنا داخليا وثقة في نفسه.
على الرغم من أن البعض قد يعتقد أن الطيبة ترتبط بالضعف، إلا أن هذا الاعتقاد لا يعكس الحقيقة بشكل صحيح. الشخص الذي يتصرف بلطف ويظهر تعاطف تجاه الآخرين ليس بالضرورة ضعيفا. بل على العكس، يحتاج الشخص إلى قوة داخلية كبيرة ليظل صبورًا ولطيفا في وجه التحديات والصعاب التي قد تواجهه. ولا يمكن لأي شخص أن يكون حق طيب ما لم يكن لديه هذه القوة الداخلية.
مع التأكيد على ان من لا يملك القوة لا يملك الطيبة... بمعنى أنه ليطلق عليك طيبًا فإنه عليك أن تملك القوة. فتمتلك العفو والتسامح،. لكن في حالة الضعف وقلة الحيلة فأنت لا تملك القوة وبالتالي لست طيبًا... أنت مغلوب على أمرك ومضطر للتسامح... لا تخدع نفسك لست طيبُا... الطيبة قوة عظمى...
ومن ناحيةٍ اخرى، إذا كان هناك شخص لا يستطيع اتخاذ موقف أو التصرف بلطف في مواقف صعبة، فقد يكون هذا دليلا على ضعف داخلي وعدم وجود توازن عاطفي.
القوة الحقيقية تكمن في القدرة على التحكم في الانفعالات السلبية وتوجيهها نحو تحقيق التغيير الإيجابي.
أما التغاضي، فيعبر عن قدرة الشخص على تجاوز الصغائر و الإهتمام بالأمور الأهم. إنه قرار متعمد بعدم التفكير بالسلبيات الصغيرة أو التعلق بالأمور التافهة. يعكس التغاضي تحكمًا عقليًا واستراتيجية لتحقيق الهدف الأكبر، وهو مهم جدا في تفادي الصراعات العقيمة والمواجهات غير المجدية.
لكن القوة الحقيقية لا تكمن فقط في مجرد ممارسة الطيبة والتغاضي، بل في قدرة الشخص على تطبيقهما في اللحظات الصعبة وعندما تكون المؤثرات الخارجية قاسية. إذا كنت في منتهى القوة الروحية والعقلية، ستكون قادرا على التحكم في ردود أفعالك واستخدام الطيبة لتحويل العداء إلى صداقة وتقديم الدعم للآخرين حتى في ظروف صعبة. ستكون قادرا على التغاضي عن الإساءات والتركيز على ما هو أهم وأبعد النظر عن الصغائر.
في النهاية، الطيبة والتغاضي قوتان داخليتان تنميان الشخصية وتزيدان من قدرتك على التأثير الإيجابي على العالم من حولك.
التعليقات