فى مصر فرص كثيرة للاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى لتحسين الأداء الاقتصادى ورفع مستوى معيشة المواطنين، حيث شهدت الدولة تحسنا على مستوى الجاهزية والاستعداد وفقا للمؤشرات الدولية ذات الصلة، ومن ثم يمكنها أن تقود الشرق الاوسط فى هذا المجال بخاصة أنه من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعى فى اقتصاد المنطقة بنحو 320 مليار دولار بحلول 2030.
ومن المتوقع أن تسهم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بواقع 135.2 مليار دولار، ما يمثل 12.4٪ من الناتج المحلى الإجمالى للسعودية، مقابل 42.7 مليار، ما يوازى 7٫7٪ من الناتج المحلى فى مصر، بحسب مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز للاستشارات والأبحاث. ولكن لدى مصر إمكانات تؤهلها لتحقيق عوائد أكبر، وهناك متطلبات لتحقيق ذلك، كثير منها تم بالفعل على مستوى البنية التحتية الإلكترونية وإعداد فرق العمل والكوادر المؤهلة حيث تبذل وزارة الاتصالات مجهودا ملحوظا للعمل على تسريع وتيرة التحول الرقمى، فقد رصد تقرير مؤشر «جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي» الصادر عن مؤسسة «أكسفورد إنسايت» ومركز أبحاث التنمية الدولية، تقدم ترتيب مصر فى المؤشر العام لتصبح فى المركز الـ 56 عالميًا بين 172 دولة، مقابل المركز 111 بين 194 دولة 2019 .
وأطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى فى يوليو 2021، كما تم فى أبريل الماضى إطلاق الميثاق المصرى للذكاء الاصطناعى المسئول، عن بلورة الأطر التنظيمية للاستخدام الأخلاقى لتقنيات الذكاء الاصطناعى بالدولة، ويستهدف الميثاق تفعيل 5 مبادئ رئيسية، هى البشرية كمقصد، والشفافية، وقابلية التفسير، والعدالة، والمساءلة، والأمن والأمان، ويتضمن مبادئ توجيهية تنطبق على أى جهة تقوم بتطوير أو نشر أو إدارة نظام ذكاء اصطناعي.
ولكن لا تزال هناك تحديات ومتطلبات أخرى يجب تنفيذها لتعظيم الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى بلادنا، من أبرزها: عقد اتفاقيات حكومية مع كبرى شركات التكنولوجيا العملاقة لتدريب وتأهيل خبرات مصرية متقدمة فى تطبيقات الذكاء الصطناعى وتشجيع الشركات الناشئة على العمل بهذا المجال وتقديم حوافز إضافية لها، مثل سرعة الإفراج الجمركى عن المنتجات اللازمة لتشغيل التطبيقات، ومنحها إعفاءات ضريبية. وتشجيع المستثمرين على ضخ أموال فى هذا الميدان، ومنحهم حوافز على غرار المانيا وامريكا و شرق أوروبا.
وتوعية الطلبة للالتحاق بهذا التخصص العلمى خاصة أن فى مصر حاليا 12 كلية للذكاء الاصطناعى، وتشجيع الباحثين على إنجاز بحوث وابتكارات فى هذا المجال وتكثيف النشر عن المسابقات والمبادرات الخاصة به. وسن التشريعات لتشجيع الاستثمار فى تطبيقات الذكاء الاصطناعى، وحوكمة استخداماته مثل إصدار قانون حماية البيانات الشخصية.
ولعل من أبرز الجوانب التى يمكن لمصر استخدام الذكاء الاصطناعى فيها هو تعزيز القطاع الصناعي. فمثلا، يمكن استخدام الروبوتات الذكية فى عمليات التصنيع لتسريع العمل وتقليل الهدر، مما يؤدى إلى زيادة إنتاجية المصانع وتوفير فرص عمل جديدة.
كما أن دمج التطبيقات الذكية فى بعض التخصصات، كالزراعة والرى، يسهم فى تقليل المياه المهدرة واعادة توزيع مياه الرى على المحاصيل بشكل مناسب. ويمكن للذكاء الاصطناعى تحسين قطاع الصحة بمصر من خلال استخدامه فى تحليل البيانات الطبية وتشخيص الأمراض بدقة عالية، استخدام الروبوتات للمساعدة فى العمليات الجراحية وتقليل المخاطر، مما يساعد فى زيادة فرص الشفاء. ويمكن أيضا تعزيز التعليم وتحسين جودته.
وتطوير برامج تعليمية مبتكرة، وتقييم أداء الطلاب وتقديم المشورة اللازمة لهم لتحسين أدائهم وتعزيز مهاراتهم، مما يجعل عملية التعلم أكثر متعة وفاعلية للطلاب.
كما يمكن استخدام التحليلات الذكية فى توجيه السياسات الحكومية وتحسين إدارة الموارد العامة، ومساعدة الجهات الحكومية على جمع البيانات وإتاحتها بشكل أسهل ومن ثم تعظيم الاستفادة منها. باستغلال الفرص التى يوفرها الذكاء الاصطناعى، يمكن لمصر أن تتقدم فى مجال التكنولوجيا والابتكار وتصبح قوة مؤثرة فى المنطقة. ومع مضى الوقت، ستتحسن الاستفادة من الذكاء الاصطناعى وتتطور التقنيات، مما يفتح الأبواب لإمكانات لا حصر لها فى تحسين الحياة. ولكن قد يحتاج ذلك أن تضع كل جهة خططها وتحدد المجالات التى يمكنها من الاستفادة من التقنيات الذكية، واتفاقات مع المؤسسات العلمية للتنفيذ.
التعليقات