عدت توا من رحلة عمل سريعة في دولة الإمارات الشقيقة
ذهبت إلى دبي وأبوظبي بعد تقريبا 10 سنوات منذ آخر زيارة لى هناك..
ذهبت وقد شرفت بمنحي الإقامة الذهبية..
وأنا في طريقي من المطار إلى قلب دبي ظلت عيناي تحدق فى كل شىء من حولي.. وبعد فترة صمت ألتفت لزوجتى قائلا بشكل لا إرادي:
"أكيد اللى شغالين فى تنسيق كل شىء من حولنا مش مجرد موظفين!"
فسألتنى زوجتي باستفهام:
"تقصد ايه؟"
جاوبت بنفس التلقائية:
"اللى عمل كل دا أكيد ناس "مؤمنة بحب بلدها"
فترة صمت طويلة استغرقتنا انا وزوجتى للتأمل..
وإذا بحوار بداخلى يبدأ لا نهائي وأنا أتذكر كل رحلاتي التي تقريبا قد زرت فيها معظم بلاد العالم من شمالها لغربها لشرقها على مدار حياتي..
"أنا لم أرى مثل هذا التناسق الهادىء فى نيويورك ولا لندن ولا حتى باريس.. ربما فى بيرن بسويسرا..
وتذكرت هنا مدى علاقة مفهوم الإنسانية واعتناق مبادئها في بيرن
وهنا لمحت فكرة المقارنة أمام عيني..
نعم "مبادىء الإنسانية" هذا ما بنيت عليه دولة الإمارات..
المبادىء التى نسيها العالم وزهدها بقوة الحروب
والكيل بمكيالين وغض البصر عن ضياع الدول وهدمها..
ولكني سرعان ماعدت لأوقظ نفسي:
"عادل .. أنت فى بلد عربي... اصحى.. ولا تأخذ بالشكل"
وعاد عقلى من جديد لأسأل..
"كيف يعيش ويعمل ما يقرب من 138 جنسية فى هذه البلاد؟!"
وصلت إلى الفندق.. وقمت بالروتين الذى يسبق يوم عمل جديد وشاق لأحضر نفسى لكمية من مواعيد العمل الطائله كعادة سفرياتي.. وكان يتخللها مشاوير حكومية
لإنهاء أوراق إقامتي الذهبية..
ولا أخفيكم القول أن أسوأ شىء لي في حياتي سبب لي "تروما " نفسية معقدة هو مجرد فكرة موعد اتمام أوراق حكومية سواء فى مصر أو فرنسا أو حتى الولايات المتحدة..
ذهبت سريعا بصحبة زوجتي والتى دائما ترافقنى فى تلك المشاوير الحكومية لمعرفتها العميقة بما قد يبدر منى من غضب وضيق و... الخ ...
على مدار يومين قمت بثلاث مشاوير فقط.. لم يستغرق أيا منهم أكثر من 8 دقائق.. معظمهم كان لشق الطريق إلى المسئول او السؤال عن ماهى الخطوات !!!!
"يعنى كدا خلاص؟!! أمشى؟!! أروح يعني؟!
طب فكر كدا مش عاوزين أى حاجه تانى؟!!"
كانت تلك كلماتى كل مرة أنهى تعاملي مع الموظف...
وكان الرد وبلهجة تقليد للغة المصرية وبابتسامه طيبة:
"شرفتنا ... كدا تمام"
وهنا نظرت لزوجتى وكأنى قد ذهب عنى رهاب مرض الأوراق الحكومية.. وابتسمت بسخرية وثقة مبالغ فيها:
"شوفتى خلصت كل حاجة.. ماكانش لازم تيجي معايا"
ابتسمت زوجتى بدورها.. فهى تعلم مدى يسر هذه المعاملات هنا فلقد جاءت من قبلى بشهر وأتمت معاملتها بنفس اليسر..
ولكنها لم ترد أن تضيع فرحتى وحالة التباهي التى كنت عليها...
أتميت عدة مواعيد عمل مكثفة.. وأنتهت رحلتى بسرعة البرق..
وها أنا عائد فى التاكسي من جديد إلى المطار..
وها أنا أسرح من جديد...
وإذا بالكلمات تخرج من فمي بعفوية بعد فترة صمت وتأمل وحسرة هذه المرة على مغادرتي..
"أكيد الناس هنا .. ربنا ح يكرمهم ...لأن اللى بيسر أمر على إنسان
أكيد ربنا ح يسر له كل أمور حياته..
دى رحمة من عند ربنا..
عمار يا إمارات الخير..
التعليقات