ما السر في أن سينما فى بلد يفتقر إلى عناصر الصناعة يصبح حاضرا فى أهم التظاهرات العالمية، بينما بلد تاريخه السينمائي يفوق المئة والعشرين عاما تقريبا غير قادر على التمثيل المشرف بفيلم واحد، أتحدث هنا عن السودان الذى يشارك هذا العام فى أهم مهرجان دولي وهو "كان السينمائي 76"بفيلم "وداعا جوليا"فى مسابقة نظرة ما،ومن ثم سيصبح حديث السينمائيين والنقاد فى الدورة التى تقام فى الفترة من 16-27مايو الجاري، "وداعًا جوليا" باكورة الأعمال الروائية الطويلة للمخرج السوداني محمّد كردفاني، يصوّر حكاية منى، مغنية متقاعدة من شمال السودان، تتستّر على جريمة قتل، قبل أن تحاول إصلاح حياتها مستضيفةً جوليا، وهي أرملة قتيل من جنوب السودان، في منزلها.
وسيكون الفيلم أيضا ضمن اختيارات مهرجان الجونة السينمائي فى دورته السادسة بحسب مدير المهرجان انتشال التميمي الذى قال: عرض "وداعًا جوليا" في الجونة هذا العام يغمرنا بالسعادة. محمّد كردفاني مخرج موهوب وقد أنجز فيلمًا قويًا يدعو إلى التفكير، سيتردد صداه إلى المشاهدين في جميع أنحاء العالم. يسعدنا أن نعرضه لجمهورنا ونكون جزءًا من رحلته.
إذن تهتم المهرجانات الدولية بما تنتجه السينما السودانية، وهي بالطبع ليست المرة الأولى، إذ شهدت السنوات القليلة الماضية تجارب مبهرة فى مقدمتها فيلم المخرج أمجد أبوالعلاء "ستموت فى العشرين" الذى شارك فى أكثر من ثلاثين مهرجانا عربيا وأجنبيا، وكان له صدى كبيراد، وبالمناسبة أمجد أبوالعلاء واحد من أهم المخرجين الشباب وهو منتج فيلم "وداعًا جوليا"، وفائز بجائزة "أسد المستقبل" في مهرجان البندقية 2019 عن فيلمه "ستموت في العشرين".ويطرح كأحد الأسماء الفاعلة فى المشهد السينمائي العربي.
السينما السودانية طرحت مجموعة من التجارب خلال السنوات الخمس الماضية كان لها صدى كبير منها أفلام "الحديث عن الأشجار" لصهيب عبدالبارئ، و"الست" لسوزانا ميرغني.
فى ظل ظروف صعبة ينقصها التمويل، والممثلون، والمناخ، وحتى معظم مفردات صناعة سينما بمقاييس تدفع المهرجانات العالمية للبحث عنها وقبولها ومشاركتها فى مسابقات مهمة مثل "نظرة ما"، فى مثل هذه الظروف تنطلق مواهب صاعدة وبأفكار محلية ومن الواقع السوداني كما هو الحال فى أفلام ستموت فى العشرين الذى قدم فيلما عن عادات وتقاليد قديمة فى السودان، وتقريبا هى عادات موجودة فى ريف مصر، وفيلم "وداعا جوليا" من الواقع السوداني الجنوبي، كلها أعمال ليست مقتبسة ولا مفتكسة، ولا منقولة، ولا تجارية بحتة كما هو الحال فى أفلام عربية فى مصر وفى دول أخرى..هنا نطرح سؤالا مهما..ماذا لو شاركت مثلا مصر بفيلم فى قسم "نظرة ما" هذا العام، إن كان حدث لاحتفلنا وهللنا، لكننا بعيدون كل البعد عن المشاركة الروائية، بينما تشارك تونس بفيلم "بنات ألفة" بطولة هند صبري،تأليف وإخراج كوثر بن هنية، فى المسابقة الرسمية التى غبنا عنها، ولم نعد حتى قادرين على أن نجد فيلما نرشحه لمسابقة الأوسكار وحدث العام الماضى..ناهيك عن مشاركة المغرب بفيلمين"أم الأكاذيب" و"القطعان" لكمال الأزرق والأردن "إن شاالله ولد"،ويذكر اسم مصر لمشاركة الممثل "أمير المصري" فى فيلم "نادى صفر" للمخرجة جيسيكا هاوسنر.
التعليقات