لم يصبح أدبنا العربي جزرًا منعزلة، بل أصبح أكثر اقترابًا من بعضه البعض، فقد ظهرت أسماء أدبية في العالم العربي مهمة نتابعها ونقرأ لها ونفرح بها وبإبداعها، وتفوز هذه الأسماء بجوائز أدبية رفيعة المستوى، وتُعقد دورات بأسمائها في مصر وخارجها، مثل دورة عبدالرحمن منيف ودورة الطيب صالح.
كما نأخذ أسماء مهمة خارج مصر حققت وجودًا كبيرًا بإبداعها الروائي الذي نتواصل معه من أمثال إبراهيم الكوني في ليبيا، وواسيني الأعرج والطاهر وطار وعزالدين جلاوجي في الجزائر، ومحمد شكري ومحمد أنقار ومحمد برادة في المغرب، وصلاح الدين بوجاه والحبيب السالمي وفتحية الهاشمي وفاطمة بن محمود في تونس، وإبراهيم نصر الله وليلى الأطرش وجلال برجس وصبحي فحماوي وهيا صالح وهزاع البراري في الأردن، ومحمد الغربي عمران وعلي المقري في اليمن، وإسماعيل فهد إسماعيل وليلى العثمان وطالب الرفاعي في الكويت، وغازي القصيبي وخالد اليوسف وعبدالعزيز الصقعبي ويوسف المحيميد عبده خال في السعودية. وغيرهم الكثير والكثير، في كل بلد عربي، وكل هذا الإبداع الروائي يصب في مجرى الأدب العربي المعاصر ليشكل نهرا متدفقا على الدوام.
وقد أسهمت سلسلة "آفاق عربية" التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة على سبيل المثال في تقريب بعض الإبداعات العربية لدينا في مصر.
ربما كانت هناك فترة من الفترات مرت علينا في مصر لم نكن نعرف فيها سوى صوت أدبائنا، وكان المبدعون العرب يعتبون علينا في ذلك، وأتذكر سؤالا وجهه الكاتب التونسي رشيد الزوادي لكاتبنا الكبير توفيق الحكيم، عن رأيه في الأدب التونسي، فأجاب الحكيم بصراحته الجارحة أنه لم يعرف شيئا عن هذا الأدب، على الرغم من أن طه حسين كتب مقدمة رواية "السد" للكاتب التونسي محمود المسعدي.
وأعتقد الآن أننا نعرف عن الأدب العربي خارج مصر الكثير مما كانت تعرفه الأجيال السابقة، وبالتالي لم يعد أدبنا العربي يعيش في جزر معزولة حتى لو نُسب كل أدب عربي لبلده، وهذا شيء طبيعي ولا غبار عليه.
وقد لعبت المؤتمرات والملتقيات (وخاصة مؤتمرات وملتقيات المجلس الأعلى للثقافة في الرواية والشعر، في السنوات الأخيرة) والأسابيع الثقافية التي تعقد كل فترة وغيرها، دورا مهما في التقريب بين هذه الجزر المعزولة، أيضا تبادل الزيارات والسفر الذي أصبح أكثر يسرا من سنوات الستينيات والسبعينيات مثلا، فضلا عن أهم وسيلة موجودة الآن للتقريب بين المسافات بل إلغاء المسافات، وهي شبكة الإنترنت، وما تحققه من نسفٍ لتلك الجزر وإلغائها في الواقع الافتراضي، لنعرف أكثر وأكثر عن أدبنا العربي في كل قطر عربي، وفي كل موجة من موجاته المتتالية. فنقول إن هناك أدبًا عربيًّا في كل قطر عربي نتواصل معه ونعرف بعض أسمائه ونتواصل معها مرة في العالم الافتراضي ومرة في العالم الطبيعي أو الواقعي.
التعليقات