يظل العندليب الأسمر الفنان عبد الحليم حافظ صاحب التراث الأكبر في الأغنيات الوطنية؛ بين الفنانين العرب؛ وما زالت أغنياته تتردد في كل المناسبات الوطنية العربية؛ فلم يكن حليم مطربا كباقي المطربين بل كان ظاهرة غنائية كبيرة ؛ وعقلية فنية متفردة
عرف عنه مطرب الثورة المصرية؛ فجاء ميلاده كمطرب مع عهد جديد تعيشه مصر ومجتمع يموج بالتحولات الاجتماعية ؛والسياسية والاقتصادية وتحول من مجرد مطرب عاطفي؛ الى رمز تعلق الناس به حينما غني “فدائي.. فدائي.. أهدي للعروبة دمائي”
ولد عبدالحليم على شبانة في 21 يونيو 1929 بقرية الحلوات محافظة الشرقية ؛وهو الابن الاصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية؛ توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عامه الأول توفى والده ليعيش بعدها هو إخوته في بيت خاله الذي نقلهم ليعيشوا معه في مدينة الزقازيق؛ وفى سن السادسة ألحقه خاله بالكتاب ثم بالمدرسة الابتدائية.
ومنذ طفولته المبكرة كان عبد الحليم شغوفا بالاغاني والأناشيد؛ وعندما استمع الى الموسيقى من فرقة موسيقى المطافئ بالزقازيق ؛وجد نفسه ليتعلم العزف على آلة الكلارنيت؛ على يد رئيس الفرقة الموسيقية هناك وكانت تلك أول آلة موسيقية يتعلم العزف عليها ؛وأكثر ما شجعه على ذلك شقيقه الأكبر إسماعيل الذى سبقه فى عالم الغتاء وحصل على دبلوم معهد الموسيقى العربية.
وفي 16 نوفمبر عام 1945؛ انتقل عبد الحليم حافظ الى القاهرة. والتحق بمعهد الموسيقى العربية وهناك التقي بالدفعة الذهبية التي كانت تضم كمال الطويل وأحمد فؤاد حسن وفايدة كامل وعلى إسماعيل.
وفي 25 مايو عام 1948؛ تخرج في المعهد وفور تخرجه عرض على عبد الحليم حافظ السفر في بعثة دراسية الى روسيا لكنه رفض.
وبدأ حياته العملية مدرساً للموسيقى بمدرسة طنطا الابتدائية. ثم انتقل الى مدرسة الزقازيق؛ وعاد بعدها الى القاهرة ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بفرقة موسيقى الإذاعة وبعد اعتماده كعازف أبوا بالفرقة في العاشر من يناير عام 1949 براتب شهري 35 جنيها وفي 16 مايو 1950 تأخر المطرب إبراهيم حمودة عن تسجيل اغنية لاحد اركان الإذاعة فتقدم عبدالحليم الى حافظ عبدالوهاب مراقب الموسيقى بالإذاعة في ذلك الوقت وعرض عليه أداء الأغنية بصوته؛ ولكن حضور إبراهيم حمودة في آخر لحظة اضاع الفرصة من عبد الحليم حافظ .
أول اغنية قدمها عبد الحليم حافظ قصيدة “لقاء” كلمات الشاعر صلاح عبدالصبور ؛ولحن كمال الطويل عام 1951. وفي عام 1952 قدم أغنية ” يا حلو يا أسمر” كلمات سمير محجوب؛ وألحان محمد الموجي وضمت لجنة اعتماده محمد عبدالوهاب وأم كلثوم واصبح حليم يؤدي اغنيات في اركان الإذاعة من تلحين أحمد صبرة؛ وخليل المصري وغيرهما واخذ اسم حافظ عبدالوهاب عرفانا وتقديراً له..
واشتهر باسم عبدالحليم حافظ : في 17 اغسطس عام 1952 ظهر عبدالحليم على لأول مرة للجمهور كمطرب جديد على المسرح القومي بالإسكندرية وخلفه 60 عازفاً.. وغني “صافيني مرة” كلمات سمير محجوب ولحن محمد الموجي.
ولكنه اعاد غناء “صافيني مرة” في 18 يونيو عام 1953 في الحفل الذي أقيم بحديقة الاندلس بمناسبة اعلان الجمهورية ؛وحضره ما يقرب من 13000 متفرج وقدمه الفنان الكبير يوسف وهبي قائلا: ونحن نحتفل بميلاد الجمهورية نحتفل أيضا بميلاد مطرب جديد سيكون له شأن كبير إن شاء الله في الغناء العربي ؛هو عبد الحليم حافظ؛ وتجاوب الجمهور مع الاغنية ثم بعد ذلك اذاعتها الإذاعة.
رصيده من الافلام 16 فيلماً وفي عام 1955 شهد عرض أربعة أفلام كاملة للعندليب؛ هي “لحن الوفاء” ؛وشاركه البطولة: شادية. حسين رياض و”أيامنا الحلوة” مع فاتن حمامة. عمر الشريف. أحمد رمزي و”ليالى الحب” وشاركه في البطولة؛ آمال فريد. عبدالسلام النابلسي و”أيام وليالي” مع إيمان وأحمد رمزي.
في عام 1957 قدم عبد الحليم حافظ ثلاثة أفلام هم: “بنات اليوم” وشاركه البطولة ماجدة وآمال فريد وأحمد رمزي و”الوسادة الخالية” أمام لبني عبدالعزيز و”فتي أحلامي” مع مني بدر وسهام.
وفي عام 1958 قدم عبدالحليم “فيلم شارع الحب” أمام صباح
وفي عام 1959 قدم “حكاية حب” ؛وشاركه البطولة مريم فخر الدين وعبدالسلام النابلسي ومحمود المليجي.
وعام 1960 قدم “البنات والصيف” مع سعاد حسني وزيزي البدراوي
وعام 1961 قدم “يوم من عمري” وشاركه البطولة زبيدة ثروت وعبدالسلام النابلسي ومحمود المليجي وسهير البابلي.
عام 1962 قدم “الخطايا” أمام نادية لطفي وعماد حمدي ومديحة يسري
عام 1967 قدم “معبودة الجماهير” وشاركه البطولة شادية وفؤاد المهندس؛ وفي عام 1969 جاء فيلمه السادس عشر والأخير “أبي فوق الشجرة” وشاركه البطولة ميرفت أمين ونادية لطفي وعماد حمدي.
وأغلب اغانيه في المرحلة الفنية الأولى غلبت عليها نبرة التفاؤل مثل: “الليل أنوار وسمر”. “نسيم الفجرية”. “ريح دمعك”. “اصحي وقوم”. “الدنيا كلها”؛ “ذلك عيدالندي”. “أقبل الصباح”. “مركب الأحلام”. “في سكون الليل”. “فرحتنا يا هنانا”. “العيون بتناجيك”. “غني.. غني”.
كما تحدثت بعض أغانيه في هذه المرحلة عن الطبيعة الجميلة. مثل: “هل الربيع”. “الأصيل الذهبي”. وفي أغان أخرى له نجد ذكر الطبيعة الجميلة في إطار عشق الإنسان لكل ما هو جميل مثل “القرنفل”. “ربما”. “في سكون الليل”. “صحبه الورد”. “ربيع شاعر”. الجدول”. هنا روض غرامنا”.
قدم عبدالحليم مختلف قوالب الاغنية ما بين الخفيفة والايقاعية القصيرة والدرامية الطويلة والاستعراضية واغنية الموقف ؛والقصة والاوبريت والموال والأغنية السينمائية كما قدم الاغنية الرومانسية والوطنية والدينية؛ والاجتماعية والوصفية والشعبية وأغنية المناسبة.
ويبلغ رصيده ما يقرب من 300 أغنية امتازت جميعها بالصدق والاحساس؛ والعاطفة ولو توقفنا عند اغانيه العاطفية على سبيل المثال منها “صافيني مرة” و”على قد الشوق” و”أنا لك على طول”؛ و”الحلو حياتي” و”هي دي هي” و”خدني معاك ياهوي” و”تخونوه” و”توبة” ؛و”في يوم في شهر في سنة” و”أنا كل ما أقول التوبة” و”جبار” و”الليالي” و”اهواك” و”زي الهوي” و”موعود” و”مداح القمر” و”أي دمعة حزن لا” و”فاتت جنبنا” و”نبتدي منين الحكاية”.و”حبيبها”. كلمات كامل الشناوي. لحن محمد الموجي و”لا تكذبي” كلمات كامل الشناوي والحان محمد عبدالوهاب و”لست ادري” للشاعر ايليا أبو ماضي. والحان محمد عبدالوهاب و”رسالة من تحت الماء” كلمات نزار قباني. والحان محمد الموجي.
واختتم مشواره بـ “قارئة الفنجان” عام 1976 وكانت اغنية “من غير ليه” كلمات مرسي جميل عزيز ولحن محمد عبدالوهاب هي آخر عمل كان يستعد لغنائه بعد العودة من رحلة مرضه الأخيرة؛ والتي لم تتم وأجري عليها بروفة فقط ولم يمهله القدر ليغنيها؛ ورحل العندليب فى 30 مارس عام 1977.
التعليقات