فى شهر رمضان الكريم تحققت انتصارات إسلامية اتسمت بالعزة والكرامة والانتصارات والفتوحات بداية غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة خرج المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان، ولكن أبا سفيان غير طريقه إلى الساحل واستنفر أهل مكة، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في بدر في السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة.
ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم فقد كانوا ثلاثمائة وسبعة عشر وكان المشركون أكثر من ألف وأثمرت نتائج النصر ثمارا كثيرة.
فقد ارتفعت معنويات المسلمين وعلت مكانتهم عند القبائل التي لم تسلم بعد، وكانت تلك الغزوة عرسا حقيقيا في رمضان وفرحا صادقا للمسلمين
وفي رمضان في السنة الثامنة للهجرة تحقق أكبر فتح للمسلمين وهو فتح مكة فقد نقضت قريش الصلح الذي عقدته مع المسلمين في الحديبية ؛ حيث ساعدت قبيلة بكر في حربها ضد خزاعة، وأحست قريش بخيانتها، فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة؛ ليقوم بتجديد الصلح مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويزيد في مدّته، ولكنه فشل في ذلك، وعاد إلى مكة خائبا.
ثم خرج ثانية عندما اقترب الجيش من مكة، ولم يستطع أن يفعل شيئا، فأسلم وعاد إلى مكة ليحذر قريشا من مقاومة المسلمين.
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عزم على فتح مكة؛ فأخذ يعد العدة لذلك في سرية وخفاء.
وفي اليوم العاشر من شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة تحرك عشرة آلاف صحابي تحت قيادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفتح مكة؛وخرجوا من المدينة وهم صائمون، وفى الطريق إلى مكة، قابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمه العباس مهاجرا مع أهله إلى المدينة، فصحب العباس رسول الله في سيره إلى مكة، بينما تابع أهله طريقهم إلى المدينة.
وفى مر الظهران نزل الجيش المسلم، وكان الليل قد دخل، فأمر رسول الله بإيقاد النار، فأوقد الجيش نارا عظيمة، مما أدخل الرعب في قلوب المشركين.
وتحرك الجيش، ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة، واتجه إلى ذي طوى، وخر ساجدا شكرا لله -سبحانه وتعالى- على ما أكرمه به من العزة وذل الكافرين.
وفي ذي طوى قسم رسول الله الجند، فسار الزبير بن العوام بجزء من الجيش، وانطلق سعد بن عبادة بقسم آخر، ثم أخذ علي بن أبي طالب الراية، ودخل خالد بن الوليد مكة من جانب آخر، وسار أبو عبيدة بن الجراح بين يدي رسول الله حتى نزل أعلى مكة.
ولم يلق المسلمون أية مقاومة تذكر أثناء دخولهم مكة سوى بعض المناوشات بين خالد بن الوليد وبعض رجال قريش هرب المشركون بعدها، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بألا يقاتلوا إلا من قاتلهم.
وبعد أن هدأت أوضاع الناس دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد الحرام وحوله الأنصار والمهاجرون، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فأخذ يطعنها بالقوس، ويقول: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إِن الباطل كان زهوقا).
وأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة، وفتحها ثم دخلها، فرأى صورا فمحاها، وحطم الأصنام، ثم صلى في داخلها، وخرج فوجد المسجد قد امتلأ بأهل مكة ينتظرون مصيرهم، فخطب فيهم.
ثم قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم"؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: "فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم. اذهبوا فأنتم الطلقاء". ثم أعطى رسول الله مفتاح الكعبة لعثمان بن طلحة.
وتم فتح مكة، وكان لهذا الفتح أثر كبير في تاريخ البشرية، فقد قضى على الأوثان والشرك في مكة تماما، وتسابقت الشعوب والقبائل إلى الدخول في الإسلام، قال تعالى عن نتيجة الفتح : ( اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا ) .
ودخلت الجزيرة العربية بأكملها في دين الله، وبدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بعث الرسل إلى البلاد المجاورة.
ووضع النبي -صلى الله عليه وسلم- الأسس الخالدة التي قامت عليها الفتوحات الإسلامية، مثل عدم الاعتداء على المدنيين، وعدم قطع شيء من النبات بلا فائدة، والعفو والصفح عند المقدرة.
التعليقات