جاءتنى رسالة هامة وعاجلة من صديقة مخلصة، تسرد لى فيها فجاعة المناخ المحيط بمستشفى الجذام والحالة المتردية للمرضى المقيمين فيه، ولهذا فالأمانة الإنسانية والمهنية معاً تقتضى أن أنشر هذه الاستغاثة على الملأ، متمنية أن تحظى بعظيم الاهتمام من قِبَل الدولة مع سرعة التدخل للإنقاذ.. وهذا نص الرسالة..
«بعد السلامات والتحيات والسؤال عن الحال والأحوال تعلمين أن والدى يعمل فى مجال صيانة التكييفات، ومن يومين تحديداً جاء إليه زبون لغرض الصيانة وكانت المأمورية تخص مستشفى الجذام، وكانت هذه هى المرة الأولى التى أسمع فيها عن هذا المرض أو هذا المستشفى.
وذهب والدى إلى منطقة أبوزعبل حيث موقع الصيانة، وكانت المفاجأة فى مساحة المستشفى، فهى أكبر مساحة على مستوى العالم، أكبر من مستشفى الدمرداش ومستشفى 57، مساحة رهيبة حوالى 15 ألف فدان، لكن المكان مرعبا وكئيبا، عبارة عن 3 مبان، مبنى للسيدات ومبنى للرجال ومبنى للعاملين فى المستشفى.
والصدمة الأكبر كانت من الوضع داخل المستشفى نفسه، والبيئة غير الصحية وغير الآدمية على الإطلاق، المرضى لا يأكلون ومُهملون جداً ولا أحد يسأل فيهم أو عليهم، ضعاف البنية والجسم والروح وكأنهم جثث تمشى على الأرض.
ومن هنا قرر والدى أن تكون زكاته وصدقته هناك لأنهم الأولى بالمعروف والرعاية، وبالفعل كانت زكاة الحبوب عبارة عن رز ومكرونة ولحمة وفراخ وبيض ولبن والحقيقة والدى كان بيكلم طوب الأرض عشان يجمع لهم الأكل والشرب والملبس لأن حالتهم فعلاً تصعب على الكافر، ولما نجح فى حشد المتبرعين وكثرت المساعدات، ذهب يوم الأربعاء الماضى وقام بتوزيع السلع الغذائية عليهم وبكى من ردة فعلهم.
تصورى أن السيدات زغرطت من الفرحة والرجال سجدوا شكراً لله وكأنهم ما صدقوا أن بنى آدم يحن عليهم فى ظروفهم القاسية وينتشلهم من الجوع وقلة العناية وانعدام الاهتمام والرحمة، والحقيقة من فرط الفرحة الغامرة التى انتشرت مرة واحدة فى الأجواء قال لى والدى أنا شامم ريحة الجنة فى سعادة هؤلاء المرضى ودعائهم لنا.
فأرجوكِ أن تكتبى عنهم مقالة فى جريدتك ونشارك جميعاً فى إرسال معونات إليهم بأى صورة سواء كانت سلعا غذائية أو مساعدات مادية أو حتى دعما إنسانيا وننشر هذه الفكرة على جميع جروبات مواقع التواصل الاجتماعى، وبالمناسبة رقم المستشفى كالتالى 0246232063 ورقم المدير 0246232102 وجزاكم الله كل خير».
وإلى هنا انتهت الرسالة وبقى أن نعرف بعض المعلومات عن مستشفى مصر لعلاج الجذام والذى يسمى مستعمرات الجذام وكأنهم أسرى حرب، أما عن مرض الجذام فهو مرض بكتيرى يصيب الشخص ويؤدى إلى تشوهات فى الوجه والعينين مع تآكل للأطراف ويضطر المريض كلما انتشر المرض فى جسمه أن يبتر الجزء المتآكل سواء كان إصبع أو أذنا أو أنفا، ومع الأسف لخطورة المرض الذى لا أمل فى الشفاء منه.
وبالتالى يخاف الناس من الاقتراب والعدوى بأى وسيلة، فالمرضى المصابون به منبوذون تماماً من المجتمع وفوق كل هذا هناك نقص شديد فى الأدوية والمسكنات مع عدم وجود أطباء بصفة يومية، وهذه العزلة النفسية والاجتماعية تضاعف عليهم الألم البدنى بشكل يصعب السيطرة عليه، ولأن الإهمال المجتمعى هو سيد الموقف، والمرضى يعيشون حياة العصور الحجرية بلا طعام ولا علاج ولا أجهزة معيشية أو طبية.
فلابد من تكاتف كل من الدولة والجمعيات الخيرية والأهلية لدعم وتلبية احتياجاتهم المشروعة من توفير سخانات مياه وشعلة وثلاجات وغسالات وتكييفات مركزية وسلع غذائية وأدوية ومعاش شهرى لكل مريض يعينه على العزلة الإجبارية التى فرضت عليه، فكونوا رحماء بهم على الأرض حتى يلطف بكم الله فى السماء.
التعليقات