عندما سئل الدكتور مصطفى محمود عن سبب ارتفاع نسبة الطلاق بين الشباب من وجهة نظره .... قال: "لأنهم يظنون أن الحب يدوم .... والحب لا يدوم وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها .... استمرار الزواج يتوقف على أمور أخري وأنا أري أنها الخير الموجود في الناس ...."
علاقة الزواج ليست العلاقة الوحيدة المهددة بالفشل باستمرار في العصر الحالي .... بل كل العلاقات .... فعندما فشل الشباب في استكمال زيجاتهم بنجاح اتهمهم الكبار بالاندفاع وعدم الانضباط .... وعندما فشلوا في تكوين صداقات حقيقة .... قالوا هذا ليس بزمن الصداقة فأنتم حتى لا تعرفونها .... وعندما ترك الابن أهله لسنوات غير سائل عن أهله قالوا ولد عاق .... وعندما ترك الرجل أسرته قالوا رجل مستهتر .... علاقات تبدأ وتنتهي كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة .... حتى وجدنا إخوة تنتهي علاقتهم في صراع لحظي لسبب كبير أو صغير فغي النهاية تمكن من تكسير علاقة دم كبري ....
أسهل ما لدينا هو الرحيل .... نقول الحياة قصيرة ونترك ونذهب في طريقنا غير ناظرين لخلفنا ولو للحظة .... أصبح هناك أدلة وشهود تؤكد حقيقة فشل الجيل الحالي في إبقاء علاقاته صامدة .... ولكن ماذا فعل من قبلنا حتى نجحوا في حياتهم ولم يصل إلينا؟؟؟
لنكن متفقين من البداية .... علاقات الأمس لم تكن سوية بالدرجة التي وصلت إلينا .... فلم يستمر زواج أجدادنا لبقاء الحب كما نظن ولم تستمر علاقة الصداقة حتى الممات لبقاء الحب .... ولم تكن العلاقات الأسرية قوية كما تظهر لوجود الحب والدفء بين أفرادها ....
ولكنهم لم يتوصلوا إلى فكرة الرحيل .... كانوا على اعتقاد بأن لا حياة لهم خارج حدودهم الضيقة .... وكان أفقهم ضيقا فلا يصل إلى خارج قريتهم .... لم تعلم المرأة أن بإمكانها إيجاد السعادة التي فقدتها في زيجة فاشلة بالخارج .... كانت الحياة بالخارج جحيما بالنسبة لها .... والرجل كان يفضل البقاء حزينا على خروجه من منطقة الراحة وارتكاب تصرف يلفت نظر الناس إليه .... كان الصديق يظن بأنه إذا فقد صديقه سيعيش وحيدا حتى الممات ....
ولكن "رب ضارة نافعة" .... حيث نتج عن جهلهم بالعالم الخارجي وما يدور فيه بعدد من فيه ممن يصلحون لهم أزواجا وأصدقاء .... رغبة مستميتة في الإبقاء على علاقاتهم .... وأظن أن هذا هو الخير الذي تحدث عنه الدكتور مصطفى محمود .... انشغلوا بإصلاح مشاكلهم وكلهم يقين ورغبة في الإصلاح فكانت العلاقات تبقى والبيوت تعمر والحياة تستمر .....
العلاقات تحتاج إلى عناية واهتمام .... تحتاج إلى مجهود يُبذل .... ليس اهتمام روتيني كالمتعارف عليه مثل هل أكلت؟ كيف كان يومك؟ هل نمت قدرا كافيا؟ .... بل اهتمام من نوع آخر اهتمام بتغذية العلاقة .... بأن تعمل على تجديد الحب في العلاقة .... أن تفعل كل يوم أو كل شهر على حسب دورة حياة علاقتك .... شيء تعلم أن من أمامك يحبه .... تفعله ليُعجب بك مرة أخري .... ليتجدد الحب .... لتشفي العلاقات .... وإياك والكتمان .... فكتمان الغضب في لحظة الحزن وخيبة الأمل يكون كالنقر على زر تشغيل عداد نهاية العلاقة .... اغضبوا وثوروا بدون إهانة لأن الإهانة لا تُنسى .... ثم اهدئوا وتصالحوا .... واعلموا أن النية الصحيحة بالبقاء تكن بعقد الالتزام والاحترام ....
اعملوا على بقاء علاقاتكم لأنكم تستحقون .... الحياة قصيرة لا تسع لتكوين علاقات بصورة يومية .... فيوجد علاقات لا تستحق النهاية .... جددوا الحب بينكم وبين أمهاتكم وآبائكم وإخوتكم وأصدقائكم وأحبتكم .... فلا وجود لعلاقات بدون ناس ولا حب بدون علاقات ولا سعادة بدون حب ولا حياة بدون سعادة ..... فهي سلسلة مترابطة اللآلئ .... فسر على خطاها مع من تحب ....
التعليقات