شاركت مصر بتفاعل قوي خلال أعمال القمة الأمريكية الإفريقية الثانية المنعقدة في العاصمة الأمريكية واشنطن؛ وشارك بها أكثر من 50 قائدا وزعيما إفريقيا يتقدمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ناقشت القمة "الأمريكية – الإفريقية" عددا من القضايا التي تتعلق بأزمات عانت منها القارة السمراء، وكان أبرزها "الفقر، ونقص الغذاء، وأزمة الطاقة، والأوبئة، والمياه".
وموضوعات أخرى تتعلق بالنمو الاقتصادي، وتعزيز السلام والأمن، وتعزيز الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، بالإضافة إلى الدعوة إلى العمل بشكل تعاوني لتعزيز كل من الأمن الصحي الإقليمي والعالمي، والأمن الغذائي، وأزمة المناخ، والتعليم والقيادة الشبابية
وجدول أعمال القمة تنوع ما بين الموضوعات السياسية والاقتصادية والأمنية الخاصة بالقارة الأفريقية، خاصة في ظل تصاعد اهتمام الولايات المتحدة بالقارة؛ نظرا إلى إمكاناتها الاقتصادية والديموجرافية التي باتت محط أنظار جميع الدول حول العالم.
اليوم الأول للقمة الأمريكية الافريقية شهد انعقاد منتدى القادة الشباب الأفارقة والشتات، ومنتدى المجتمع المدني،واجتماع وزاري للتجارة بشأن قانون النمو والفرص في إفريقيا، ومنتدى الفضاء الأمريكي- الأفريقي، ومنتدى السلام والأمن والحكم، وشراكة من أجل تعاون صحي مستدام، وعقد مباحثات حول والتكيف مع المناخ والانتقال العادل للطاقة.
أما اليوم الثاني ناقش “منتدى الأعمال الأمريكي- الأفريقي” باستضافة وزارة التجارة الأمريكية وغرفة التجارة الأمريكية ومجلس الشركات في إفريقيا.
ليتألف من الجلسات مستقبل العلاقات التجارية والاستثمار بين الولايات المتحدة وأفريقيا، وعقد شراكات لتمويل البنية التحتية الأفريقية وتحول الطاقة، وكذلك شراكات لتعزيز الأمن الغذائي وسلسلة القيمة، وتعزيز الاتصال الرقمي عن طريق بناء شراكات لتمكين النمو الشامل من خلال التكنولوجيا.
وناقش اليوم الثالث والأخير القادة موضوعات تخص الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون، والحفاظ على الأمن والسلام الأفريقي، وتحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة، وتعزيز الأمن الغذائي ومرونة النظم الغذائية.
وتاتى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن، في إطار دعم مسيرة العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين على نحو بناء وإيجابي، مؤكداً التزام الإدارة الأمريكية بتعزيز أطر التعاون المشترك مع مصر في مختلف المجالات، ودعم جهود مصر الحثيثة في السعي نحو تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
القمة الأمريكية الافريقية توقيتها جيد للغاية بعد الظروف التي مر بها العالم ككل من جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية، وامريكا ترغب في تغيير استراتيجيتها تجاه الدول الافريقية ؛والاهتمام بالجوانب الاقتصادية ونواحي الامن الغذائي وتداعيات الحرب وعجز موارد الطاقة.
القمة الأمريكية الافريقية شملت الحديث عن زيادة التبادل التجاري، وأعلنت الولايات المتحدة، منح توجهها للدول الافريقية بما يعادل حوالي 55 مليار دولار.
تدرك الولايات المتحدة قوة العلاقات الاقتصادية القائمة منذ سنوات بين الصين ودول القارة الأفريقية، حيث تعتبر بكين الشريك التجاري الأول للقارة.
وتتنوع استثماراتها الممتدة في القارة ما بين الزراعة والصناعة والموانئ والبنية التحتية، ومحاولات الصين لترسيخ الروابط الاجتماعية بالقارة وزيادة المساعدات التنموية الموجهة إليها، ولذلك تحاول الولايات المتحدة أن تواجه هذا النفوذ بعقد شراكات اقتصادية طويلة الأجل.
القمة الأمريكية الافريقية الحالية توجهها مختلف بعد فترة طويلة من عدم انعقادها منذ عهد الرئيس الأمريكي باراك اوباما.
ومصر لا تكل عن التفاوض بشأن الدول الافريقية في قمم كثيرة ودورها سيمتد خلال القمة الأمريكية الافريقية، خاصة ان مصر من اكثر الدول الجاذبة للاستثمار في افريقيا خاصة على مستوى التطور التكنولوجي والتحول للاقتصاد الأخضر.
وما عرضه الرئيس الأمريكي بايدن بالسعي لوجود مقعد دائم لافريقيا في مجلس الأمن وتمثيل الدول الافريقية في المنظمات والمبادرات الدولية نقطة هامة للغاية.
الهدف غير المعلن من هذه القمة هو سعى الولايات المتحدة لاحتواء النفوذ الصيني والأوربي والروسي في القارة السمراء، والذي تضاعف حجمه بعد تراجع دور الولايات المتحدة في القارة مع بداية حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.
الأمر الذي يعكس أهمية وحيوية القارة السمراء بالنسبة لهذه الدول التي تسعى لتقوية علاقتها معها، باعتبار أن إفريقيا تمتلك العديد من الفرص الاقتصادية والاستثمارية الواعدة والموارد البشرية والطبيعية الضخمة.
وتحقق العديد من دولها معدلات نمو مرتفعة فى ظل سوق واسعة تضم 1٫3 مليار نسمة، بما يؤهلها لأن تحتل مكانة بارزة على الخريطة الاقتصادية العالمية.
الدور المصري في هذه القمة، باعتبار مصر أحد حلفاء الولايات المتحدة في القارة الأفريقية، وقد شهدت الفترة الماضية تقارب كبير بين الطرفين، وهو ما ظهر بوضوح خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى شرم الشيخ خلال مشاركته في فاعليات قمة المناخ cop27.
الرئيس عبد الفتاح السيسي كان حريصا منذ توليه مهمة قيادة مصر على عرض مشاكل وهموم القارة السمراء في جميع المحافل الدولية من أجل وضع الدول الكبري أمام مسؤوليتها، والرئيس السيسى نجح في إعادة مصر إلى دورها التاريخي الذي غابت عنه لسنوات.
ووقع الرئيس بايدن خلال القمة الأمريكية الأفريقية المنعقدة في واشنطن، مذكرة تفاهم تاريخية لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية.
وقال بايدن افريقيا ستكون واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم بإجمالي 3.4 تريليون دولار، وتفتح المجال لفرص جديدة في التجارة والاستثمار، والتقريب بين الولايات المتحدة وأفريقيا أكثر من أي وقت مضى.
القمة الأمريكية الإفريقية الثانية تم انعقادها بعد ثماني سنوات، وهذا يؤكد رغبة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في تقليل تواجد الجانب الصيني داخل القارة الإفريقية، وأيضا كان ذلك بسبب ملاحظتهم أن جميع الدول الإفريقية اتخذت جانبا محايدا تجاه الدولة الروسية، فالولايات المتحدة الأمريكية كانت غائبة عن القارة الإفريقية لفترة طويلة، لأن هناك ثماني سنوات بين القمتين.
وهذا الوقت ليس قليلا، وهذه الفترة كان بها شبه إهمال من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للقارة السمراء في ظل فترة الرئيس الأمريكي السابق ترامب.
التعليقات