" تسوقني الثواني ...... في موكب الزمان
ولست أدري شاني ... في معرض الوري
فلا القضا ينبيني ........ ولا الرجا يهديني
ولا السما تعطيني ....... نورا لكي أرى "
تأتي لحظة لا يعود أي شيء بعدها لطبيعته .... حتى أنت تتغير ... تتحول .... هيئتك .... طريقة تفكيرك .... ردود أفعالك .... مقدار تحملك لأهون الأمور ....
هذه اللحظة في العادة تمثلها صدمة .... صدمة تجعلك تفقد إيمانك بأهم مبادئك وقناعاتك .... تمشي في الدنيا متباهيا بأن الحياة عادلة وبأنك ستحصل على ما تريد طالما بذلت الجهد اللازم لذلك .... تري الحياة وردية لأبعد حد وبأن الجميع مسالمون .... ثم تتعرض لظلم كبير .... ظلم يودي بك إلى أقسى شعور عرفته البشرية وهو العجز وقلة الحيلة حتى عن دفع هذا الظلم عن نفسك .... فتبقى تحته طوال تلك اللحظة .... التي تمر عليك وكأنها عمر كامل .... تنهض من تحته جريحا متآكلا يحتاج تضميدك لسنوات .... مع بقاء ندبة تذكرك بهذا الظلم طوال حياتك ....
نظرتك للأمور ستتغير .... حكمك على الأشخاص سيتغير .... أحلامك ستتغير .... ستعيد النظر في دفاترك القديمة وستلوم نفسك على ما كنت عليه من براءة وسذاجة .... ستلوم الظروف التي جعلت منك في البداية إنسانا طيبا بريئا .... ستعيش دور الضحية المغلوب على أمره .... ستري أنك ضحية الجميع .... ضحية القوانين .... ضحية الفساد .... ضحية المجتمع .... ضحية البشر .... ستغضب .... ستكره .... ستثور على الدنيا بما فيها ومن فيها ....
حلقة جهنمية تكرر نفسها .... ستسلم نفسك لها بمجرد تعرضك للظلم وشعورك بأنك ضحية .... سينصحك الجميع بالتخلص من هذا الشعور .... وبالنظر بموضوعية فهم محقون .... فالشعور بأنك ضحية هو طريقة للهروب من مواجهة مشاكلك وبالتالي عدم حلها .... يعمل عمل أدوية الاكتئاب لا تعالج ولكنها تعطيك ردة فعل باردة لأي موقف صعب ..... فأنا ضحية!! ....
ولكنك أيضا محق في التفكير بأنك ضحية ولا يجب أن تلام على ذلك .... فأنت الذي تعرضت للظلم وأنت الذي جرحت وأنت الذي كبرت مئة عام على عمرك لأنك أنت من نمت باكي القلب قبل العين ....
اغضب وثر فمن حقك الغضب فالذنب ذنب من ظلمك وليس ذنبك أنت فلا تلم نفسك على صدق مشاعرك .... ولكن اعلم أنه " لابد من يوم معلوم ترد فيه المظالم."
" أخالقي رحماكا ..... بما برت يداكا!
إن لم أكن صداكا ..... فصوت من أنا؟
ربي، ألا تراني ...... أساق كالحملان
ربي، أما كفاني ..... عماي والوني؟ "
ميخائيل نعيمة
التعليقات