الشيخ سيد النقشبندى، يرتبط صوته وأعماله ارتباطا وثيقا بشهر رمضان؛ فهو من مواليد عام 1920 ؛بقرية ديميرة بمحافظة الدقهلية؛ عام 1920م؛ ثم انتقل مع أسرته إلي طهطا بالصعيد؛ وفيها حفظ القرآن صغيرا .
وتعلم الإنشاد الديني من خلال حلقات الذكر للطريقة النقشبندية؛ التي ينتمي نسب جده محمد بهاء الدين النقشبندي إليها وهو الذي قد نزح من بخاره بولاية أذربيجان إلي مصر؛ للالتحاق بالأزهر.
يعتبر والد الشيخ سيد من علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية، وكان الشيخ سيد النقشبندي؛ محبا للموالد الدينية وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض ؛وفي عام 1955 عاد إلي مدينة طنطا طوال حياته وانتشرت شهرته فى مصر والوطن العربى ؛ وتوفى فى عام 1976.
ومن أعمال الشيخ النقشبندى المميزة، والذى يزيدنا إحساسا بروحانيات شهر رمضان الكريم؛مولاى إنى ببابك".. كتب كلماتها الشاعر عبد الفتاح مصطفى والموسيقار بليغ حمدى هو من قام بتلحين هذا الابتهال فى أول تعاون بينه وبين الشيخ سيد النقشبندى.
يرجع للرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى بدأت علاقته فى وقت مبكر مع الشيخ سيد النقشبندى، حين كان رئيسا لمجلس الأمة وقبل أن يصبح رئيسا للجمهورية عن طريق الدكتور محمود جامع أحد أصدقاء السادات المقربين ؛وكان السادات عاشقا للإنشاد الدينى.
زادت شهرة النقشبندى بعد إحيائه عدة ليال فى الحسين بالقاهرة؛وفي عام 1966 التقي بمسجد الحسين بالإذاعي الكبير أحمد فراج الذي قام بتسجيل بعض البرامج له بموافقة رئيس الإذاعة محمد محمود شعبان في هذا الوقت ومنها برنامج في رحاب الله عام 1967.
وبرنامج دعاء الذي كان يذاع يوميا عقب آذان المغرب، ثم البرنامج الإذاعي ' الباحث عن الحقيقة سليمان الفارسي، ثم بدأ بالاشتراك في العديد من الأدعية ؛ والابتهالات الدينية بالإذاعة والتليفزيون؛وأهمها كان بشهر رمضان ؛ فلقب بالكروان.
ولما كان الإنشاد الدينى فقرة أساسية يفتتح بها السادات كل احتفالاته فى ميت أبو الكوم قبل توليه الرئاسة، كان النقشبندى حاضرا فى كل هذه الاحتفالات، وكذلك بعد أن أصبح السادات رئيسا.
فى عام 1972 كان السادات يحتفل بخطبة إحدى بناته فى القناطر الخيرية، وكان النقشبندى موجودا فى الاحتفال، حيث كان له فقرة رئيسية فى الاحتفال الذى كان يحضره الملحن بليغ حمدى.
قال السادات لبليغ حمدى: عاوز أسمعك مع النقشبندى ، وكلف الاعلامى توفيق الحكيم بفتح استديو الإذاعة لهما، وعندما سمع النقشبندى ذلك وافق محرجا .
وتحدث مع الحكيم بعدها قائلا: "ماينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة"، حيث كان النقشبندى قد تعود على الابتهال بما يعرفه من المقامات الموسيقية، دون أن يكون هناك ملحن.
وكان فى اعتقاد الشيخ أن اللحن سيفسد حالة الخشوع التى تصاحب الابتهال، ولذلك كان رد الشيخ: على آخر الزمن يا وجدى "هاغنى"؟ فى إشارة إلى أن الابتهال الملحن يجعل من الأنشودة الدينية أغنية.
طلب الشيخ الجليل من الحكيم الاعتذار لبليغ، ولكن استطاع الحكيم أن يقنعه بأن يستمع إلى ألحان بليغ، واصطحبه إلى استديو الإذاعة واتفق معه على أن يتركه مع بليغ لمدة نصف ساعة وأن تكون بينهما إشارة يعرف منها الحكيم إن كانت ألحان بليغ أعجبت النقشبندى أم لا.
يقول الحكيم: اتفقنا أن أدخل عليهما بعد نصف ساعة فإذا وجدت النقشبندى خلع عمامته فإن هذا يعنى أنه أعجب بألحان بليغ .
وإن وجدته ما زال يرتديها فيعنى ذلك أنها لم تعجبه ؛وأتحجج بأن هناك عطل فى الاستديو؛ لأنهى اللقاء ونفكر بعدها فى كيفية الاعتذار لبليغ.
ويضحك وجدى الحكيم قائلا: دخلت فإذا بالنقشبندى قد خلع العمامة والجبة والقفطان. وقال لى: " ياوجدى بليغ ده جن ".
وفى هذا اللقاء انتهى بليغ من تلحين "مولاى انى ببابك" التى كانت بداية التعاون بين بليغ والنقشبندى.
أسفر بعد ذلك عن أعمال وابتهالات عديدة هى أشرق المعصوم، اقول أمتى، أى سلوى وعزاء، أنغام الروح، رباه يا من أناجى، ربنا إنا جنودك، يارب أنا أمة، يا ليلة فى الدهر / ليلة القدر، دار الأرقم، إخوة الحق، أيها الساهر، ذكرى بدر.
وفى نفس هذا اللقاء الأول الذى نتج عنه تلحين أغنية
"مولاى" لحن بليغ للنقشبندى 5 ابتهالات أخرى ليكون حصيلة هذا اللقاء 6 ابتهالات، من بين مجموعة الابتهالات التى قدمها للنقشبندى.
منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي، ارتبط قدوم شهر رمضان بمظاهر احتفالية كثيرة كان من أهمها سماع الابتهالات والأدعية الدينية من خلال البرنامج العام بالإذاعة المصرية بعد آذان المغرب مباشرة.
وقد بدأ لعدة سنوات بعرض ابتهال سبحانك ربي سبحانك لشهر رمضان ثم عاد للإذاعة بابتهال آخر جميل ارتبط بشهر رمضان هو ' الله يا الله '.
وظل هذا الابتهال الديني مرتبط بالإذاعة وشهر رمضان إلي وقتنا هذا ولا يمكن لنا ولكل الأجيال ؛إلا أن ترتبط بهذا المبتهل الجليل الذي يندر أن يجود الزمان بمثله.
وقد لحن له العديد من أشهر الملحنين؛ في مصر في حينه ومنهم محمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي وحلمي أمين ثم بليغ حمدي ؛الذي لحن له ابتهال مولاي يا مولاي وهو من أشهر الألحان؛ويعتبر أستاذ المداحين وسيد المبتهلين وكبار المنشدين بمصر بسبب صوته الأخاذ وتجلياته العلية ونغمات مقامات صوته .
وقد ارتبط اسمه بالشهر الكريم عندما كان يصافح قلوب الصائمين لحظة الإفطار وما تبثه الإذاعة المصرية من ابتهالاته التي كانت تنبع من قلبه قبل حنجرته فتدخل الخير والبهجة والبركة علي الكبار والصغار.
التعليقات