لسنا بحاجة للحب قدر حاجتنا للإهتمام، لفُتات صغيرة من المحبة، للوِد الذي يقيم الحياة.
الحب مرآة لنقاء القلب، أما عن المودة والمحبة فهما مرآة المنشأ الذي أقمت عمرك فيه.
الحب يَجْبُر ويُقيم الحياة، هو الطائرة التي تحلق بك بعيدًا عن صخب الدنيا، لست أُعاني في الحب، أنا فقط أنفض غبار الحياة، أطَيّب ما أفسده الضعفاء في قلبي، لأسمو وارتقي.
علمتني الحياة أن المسافات خير ما يحفظ الود، هي السبيل الآمن لسوء الفهم. ابتعد بالقدر الذي يخفي عيوبك، ثم اقترب ثانية حتى تصبح متاحًا في أرقى صورك.
في رأيي المتواضع، لسنا بحاجة لعيد الحب. نحن نحتاج عيدًا للصدق، عيدًا للأمن، عيدًا لاستمرار الحياة بأمان.
فالحب وحده لا يكفي!!
النِعَم إذا أُهملت لا تدوم، قد يكون اللقاء قَدَر والصداقة اختيار والأولاد رزق، أما دوام هذه الخيرات فهو للأكثر صدقًا وحرصًا على بقائها، إلا أن نُختبر .
كن حاضرًا في قلبك.
في اللغة العربية الحب (إسم)، لكنه في حقيقة الأمر ليس إلا (فعل)؛ فعل مبني للمجهول.
يداك التي لا تراها وهي تحتضن، كتفك المُقام ليُستند عليه، وعين لا تنام عن رعاية من يؤول إليك مودته.
منذ عدة سنوات، كان لي زوجًا من الببغاوات، رزقوا بأربعة من الزغاليل. الأب والأم كانوا يتنافسون على رعاية صغارهم بأدوار مقسمة ببراعة. لا أحد ينتظر دعوة، يعملون في صمت ومحبة.
حدث أن نسيت باب القفص مفتوحًا، فخرجت الأم باحثة عن حريتها. سقط قلبي بين يدي، شعرت أني سأكون سببًا في وفاة الصغار، لم أدري ماذا أفعل، فقط جلست أراقب الموقف لساعات في صمت.
ويا لذهولي عندما وجدت الأب يُكْمِل الرُقاد على البيض، يطعم الصغار ويدفئهم، يرعاهم دون كلل أو ملل.
فقط من أجل ذلك خلق الحب ليبقى!
بقيت أراقب عن كثب حتى صباح اليوم التالى.
هل هربت الأم؟ يقتلني حقا تركها لصغارها، هل من سبيل لعودتها؟
المفارقة المذهلة، أنها عادت!
وَقَفْت على القفص من الخارج حتى أدخلتها بيدي.
الحب أن تبقى! أن تعود دومًا! أن تأتيك كل فرص الحرية والسعادة؛ لكنك تختار البقاء بإرادة مُحِب.
مَذَلّة الحب في الفقدِ، فلا تجعله بيدك عن عمدٍ واقتدار.
أن ترضخ لأقدارك بعد اجتهادك هو مدلول إيمانك الحقيقي، لكن جدف بقوة وإن بدا لك الشط بعيدًا.
الله قادرٌ على جعل أمواجك العاتية شطآن آمنة هادئة.
دافئة جدًا فكرة أن تجد من يذهب ويعود إليك بإرادته، وآمنة جدًا فكرة أنه لا يستطيع إلا أن يبقى.
الحب اختيارك أن تبقى أن تدوم أن تسعى بقوة، وأن يكون حضورك دومًا بهيّ.
لو أن لك أمنية واحدة سيُنظَر في تحقيقها بالإيجاب، ماذا تطلب؟
سنوات زيادة من العمر؟ الصحة؟ المال؟ الجمال؟ الأولاد؟ العمل؟ الأصحاب؟ الأهل؟ النفوذ؟
أما عني، فلي مطلب واحد من الله، أن أبقى ما أمد لي من العمر حيّة بهية حاضرة في قلب كل من أُحب.
التدثر في الحب متعة الحياة.
رغم التجارب الثقال التي مرت وستمر على أعمارنا جميعًا، لكني ما زلت أؤمن أن دفئ القلب اختيار.
الدنيا لن تقف على غادِر، القدور الفارغة تصدر ضجيجًا عندما تطرقها، أما القدور الممتلئة فستعرف وقت استخدامها لذة الطعام.
بشكل أو بآخر نحن لا ننثر الحب، قدر ما ينتزعه منا من يستحقونه رغمًا عنا؛ هؤلاء المستوطنون في خبايا أرواحنا دون استئذان.
يقولون أن الحزن يولد كبيرًا ويخبو بمرور الأيام، أما الحب فسنا وهجه إذا أضاء تتفتح داخلنا أزاهير الحياة.
أنا إما أن أُحبك أو إنني لا أراك، طيف قلبي يخلو من اللون الرمادي.
تبهرني فكرة أنني أستطيع استخدام يداك في تسبيحي، أن نشيب سويا، أن يدوم الحديث بيننا، أن تُصادقني وتُصَدّقني، وأن أصحو وأنام وأنا لا أخشى سوى أن أعيش الحياة وأنت لست فيها.
ومن أجل تلك الكلمات خلق الحب ليبقى.
التعليقات