حقق الفيلم الروائى (بلوغ) درجة حضور عالية ولافتة بمهرجان القاهرة، انتقل بعدها مباشرة إلى (البحر الأحمر) ليواصل حضوره.
قبل أقل من أسبوعين افتتح به قسم (آفاق) نقطة انطلاق رائعة، لها ما يبررها، ليس لكونهن نساء، ولكن لأننا بصدد فيلم سينمائى له حضوره وبه قدر لا ينكر من الإبداع. (البلوغ) ليس فقط سنا يصل إليها الإنسان، ولكن هناك أيضا هدفا ما ترنو إليه.
حضور المرأة فى مهرجان (البحر الأحمر) مع افتتاح دورته الأولى أراه هو العنوان، التكريمات الثلاثة لـ«الفرنسية كاترين دينيف والمصرية ليلى علوى والسعودية هيفاء المنصور» أضفى هذا الطابع.. ناهيك عن لجان التحكيم والعاملين بالمهرجان، وفى كل الفعاليات الموازية ستلمح أن للمرأة النصيب الأكبر. حرصت ليلى فى كلمتها على تأكيد عمق العلاقات المصرية السعودية، وعلى كل المستويات.
وتظل الثقافة بمثابة العمق الاستراتيجى بين الدولتين، ويأتى (البحر الأحمر) ليؤكد بهذا الحضور الفنى والصحفى والإعلامى تميز الوفد عدديًا، فهو الأكبر، ورغم أن هذا كثيرا ما يتكرر فى أغلب الدول العربية، إلا أن الحضور المصرى هذه المرة كان له ثقله، البعض بين الحين والآخر قد يلقى بكلمة عشوائية، إلا أن العمق الوجدانى سريعا ما يتجاوز مثل هذه الصغائر.
لا أميل فى الإبداع الفنى إلى التقسيم بين فريقين: نساء ورجال، رغم أن المرأة فى العالم كله وخاصة فى مجال السينما تشكو من التهميش والمعاناة، لو حسبتها رقميا تكتشف مثلا أن جائزة (الأوسكار)، وهى الأشهر عالميا، لم تقتنصها المرأة بعد 93 دورة سوى مرتين، العام الماضى الصينية (كلوى تشاو) عن (أرض الرحل) وقبلها بعشرة أعوام (كاثرين بيجولو) الأمريكية عن (خزانة الآلام).. حتى الأجور، تعانى النجمة الأمريكية من هبوط الأجر عن الرجل إلا فيما ندر، إلا أنه فى جائزة التمثيل لم يتفوق أى ممثل على ميريل ستريب فى عدد جوائز (الأوسكار) التى حصلت عليها، ولا (الجولدن جلوب)، ولا أيضا الترشيحات.
المهرجانات باتت تتباهى بنسبة المخرجات النساء، وأكثر المهرجانات التى تقدم مثل هذه الرسائل الاجتماعية (برلين).. بينما (كان) ليست لديه هذه الاستراتيجية، وكثيرا ما حوصر قصر المهرجان باحتجاجات نسائية تتهمه بالذكورية.
(البحر الأحمر) أكد أن نسبة الـ 37 فى المائة للنساء.. وهى قطعا رسالة واضحة، تحمل فى عمقها الكثير من الظلال الإيجابية، ليس فقط فيما يتعلق بالسينما، ولكن يوجد تغيير جذرى داخل المجتمع عبر عنه هذا المهرجان الوليد بالعديد من التنويعات السينمائية.
أبرز وجه سينمائى نسائى سعودى، المخرجة هيفاء المنصور، وكان فيلمها (وجدة) 2012 الحاصل على جائزة (المُهر الذهبى) من مهرجان (دبى) أول فيلم سعودى يحقق تلك المكانة.
ومع تَتابُع مسيرة المرأة، نصل لآخر العنقود، مخرجات فيلم (بلوغ): سارة مسفر وفاطمة البنوى وواهر العامرى وهند الفهاد ونور الأمير.. الفيلم القصير ليس تكثيفا لفيلم طويل، ولكنه حالة إبداعية طرحت نفسها، وهو ما رأيناه بعيون المخرجات الخمس على الشاشة.
قبل بضع سنوات، كانت كل دور العرض مغلقة.. الآن، انفتحت الشاشات، ورأيت دار عرض واحدة فى (الرياض) لديها 25 شاشة. عاد الجمهور للتزاحم، وأكد مهرجان (البحر الأحمر) أن قطار التغيير يتسارع بأكثر حتى مما كان متوقعا، لأنه يعبر عن إرادة اجتماعية تحميه إرادة سياسية.
التعليقات