اعتاد الشعراءُ أن يجمعوا قصائدَهم في دواوينَ شعرية. والأدباءُ يضمُّون قصصَهم في مجموعاتٍ قصصية. كما يؤلف الصحفيون من مقالاتِهم في صحفِهم كتبًا تحليلية. والآن بعد الفيسبوك - الذى يهتمُّ به كلُ هؤلاء- لماذا لا يقومُ كلٌ منا بما فينا القرّاء بجمع ما نكتب على هذا المنبر الجديد وإصداره في كتاب؟!."
محمد شعير
قرأت اليوم كتابا بعنوان "شغل فيس" للكاتب الصحفى الأستاذ محمد شعير بعد أن ابتعدت لسنوات عن كتاب هذا العصر لسبب ما ... ناقشه الكاتب في قصة بطل حكايته الأولى في هذا الكتاب "زاب ثروت" ؛ حيث ظننت جهلا منى أن اللغة اندثرت و أن الركاكة استشرت في العقول و كتبت في الكتب الأكثر مبيعا اليوم .
و لكن حقا إن بعض الظن إثم . لقد عادت ثقتي اليوم بأن الله سيحفظ لغة كتابه الكريم ما دامت الحياة.
ظهرت فكرة الكتاب الأساسية فيما اقتبسته منه في بداية المقال حيث أن لا تعارض بين الثقافة و مواكبة العصر بل يجب على الكاتب خاصة مواكبة عصره.
يعد الكتاب دعوة عامة لكل كاتب و مفكر بأن يجمع منشوراته على الفيسبوك في كتاب ليعيش أبد الدهر. بل لكل شخص يود أن تعيش أفكاره و كتاباته لنفع البشرية لا لجنى المزيد من الإعجاب و المال.
حيث أن الفيسبوك متجدد و لن يحتفظ بمنشوراتك لسنوات ، و لكن كما يقول المثل الإنجليزي "بدون كلمات ، بدون كتابة ، بدون كتب ، لن يكون هناك تاريخ ، و لا يمكن أن يكون هناك مفهوم للإنسانية".
ومن جهة أخرى فإن الإعلام بوجه عام - سواء المكتوب كالصحافة أو المسموع و المرئي كالإذاعة و التليفزيون – له قواعد و شروط منها الموضوعية و المصداقية فلا مجال للإشاعات و الأخبار الكاذبة على خلاف الفيسبوك.
وجدنا اليوم من يرسل مشاكله لشخصية شهيرة على الفيسبوك ليقوم بتحليلها و الرد عليها على الرغم من كونها غير مؤهلة لذلك . بعد أن كنا نرى ذلك في صورة برنامج إذاعي مثل برنامج "لو كنت مكاني" للأستاذ ضياء الدين بيبرس ، أو في بريد الجمعة بجريدة الأهرام ، و من أشهر من أداروه هو الأستاذ الكبير عبدالوهاب مطاوع بطل الحكاية الثانية بهذا الكتاب و خير دليل على حكمته و لباقته في الردود على مشاكل القراء هو كتاب له بعنوان " أقنعة الحب السبعة ".
إذا فخلاصة الفكرة هي ضرورة الموازنة بين الجديد و القديم ؛ فالجديد يريد من ينخرط به و لكن القديم لا يستحق أن يترك.
ومع قوة لغة الكاتب التي ظهرت أكثر في النصف الثاني من الكتاب إلا أنه اختار في البداية أسلوب بسيط جذاب لتوصيل فكرته لجميع القراء.
لأن انشغال الكاتب بإظهار قوة لغته في بعض الأحيان يحد من جمهوره و ينسيه فن التأثير بالقراء فلكل مقام مقال.
حاولت كثيرا أن ألم بمضمون الكتاب في عدة سطور و لكنى تيقنت أنه من الصعب ذلك ؛ فالفكرة لأنها جديدة يطول شرحها و إثبات صحتها ، و لكن الكتاب حقا استوفى ما تتطلبه.
وبعد انتهاء الكاتب من ذلك صمم نموذجا لفكرته حيث نشر منشورات له من الفيسبوك على مدار أربع سنوات. فمنها آراء و فكر يستحق القراءة ، و مواقف له مع عظماء أمثال الأستاذ عبدالوهاب مطاوع الذى تتلمذ الكاتب على يده ، و منها رثاء لكبار الكتاب الصحفيين مثل الأستاذة صفاء حجازي.
وكلها لا يمل من قراءتها، لأنه استخدم في كتابتها لغة – مثلما عبر عنها الكاتب – لا هي متقعرة كالزمخشري و لا سطحية مثل زاب ثروت.
"دقات قلب المرء قائلة له:
إن الحياة دقائق و ثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني.
أحمد شوقي
التعليقات