من داخل قرية (إحدى) من قرى وادي الطائيين الواقعة بشرقية سلطنة عمان، بين جبال شماء تمتاز بصفاء الجو والطقس اللطيف وطهارة البيئة، تتخللها أودية وجبال وعيون متدفقة، بالمياه ترى بها بساتين النخيل والأشجار المثمرة،
كان لنا لقاء أحد (معمرون سلطنة عمان) يدعى سالم بن سليم البطاشى الذي يبلغ من العمر 130 عاما لم يلعن الدهر، ولم يندب حظه لكنه مفعم بالأمل مطمئن بإيمان الله سبحانه وتعالى مزود بالعزيمة.
استهل حديثه قائلا: بدأت رحلتي بالعمل كمزارع منذ عشرات السنين، حيث كانت البداية صعبة، في ذلك الوقت لصعوبة المواصلات، حيث وجدنا أنفسنا في ذلك الوقت أمام تحد كبير ولقمة العيش، أجبرتنا عليه والحمد لله صبرنا واستطعنا التغلب على تلك الظروف بالعزيمة والإرادة والإصرار .
تزوجت على مدار عمري مرتين (الزوجة الأولى) توفت منذ عشرات السنيين، أما (الزوجة الثانية) تم طلاقها وكانت بنت عمى وأتذكر وفاة والدي منذ 60 عام .
فوجودي بقريتي (إحدى) خلق لدي نوع من الألفة والعشق، لهذا المكان فالذكريات جميلة، دائما أينما يحل الإنسان وتبقى رسما جميل في خياله يسترجعها كلما احتاج لها ومازلت أحفظ أجزاء من القرآن الكريم، وأداوم على الصلاة في أوقاتها.
وما أتذكره أيضا وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، في بداية السبعينات وكنت حزين جدا على رحيله، وكنت في ذلك الوقت أعمل في دولة البحرين.
ومن أحب المأكولات إلى قلبي التمر والقهوة، والفاكهة والأسماك، وعن البرنامج اليومي لحياتنا في ذلك الوقت، يقول: بعد تناول الإفطار في الصباح الباكر، ننطلق إلى حيث مواقع العمل سواء في أملاكهم ومزارعهم أو للعمل مع الآخرين وتستمر فترة العمل الأولى إلى حوالي الساعة العاشرة بالتوقيت الحالي.
يتم بعد ذلك أخذ قسط من الراحة لتناول القهوة، بالرطب أو التمر والفاكهة، ويستمر بعد ذلك العمل إلى قبيل صلاة الظهر، وتسمى فترة العمل الرسمية ،التي تنتهي رسميا قبل صلاة الظهر بقليل وعليها يقاس الأجر اليومي، للعمل ويختلف الأجر باختلاف نوع العمل وصعوبته.
بعد ذلك يتوجه الجميع لتناول وجبة الغذاء والقيلولة وتبادل الزيارات ثم الذهاب إلى المجالس العامة ومواقع النسيج وحضور حلقات العلم .
وأضاف محدثي قائلا: نود أن نشير بكل اهتمام إلي إقبال المواطن العماني على المهن التقليدية من خلال القرية التراثية التي قام عليها مجتمعنا قديما لما لها أهمية قصوى في تنمية اقتصاديات البلاد وموارد طيبة أنعم الله بها علينا .
ويعتبر الحفر على الخشب في عمان ،حفرا بديعا ويعتبر لمسة أساسية في كل مدينة وقرية بالسلطنة.
حيث اشتهرت عمان منذ أقدم العصور، باستخراج معدن النحاس والحديد والفضة حتى عرفت بأرض النحاس .
وقد اشتهرت المصنوعات النحاسية العمانية، بدقة صناعتها وجمال أشكالها، وتناسق أجزائها وقد استخدمت المنتجات النحاسية، في كثير من الأدوات وبخاصة المنزلية، كالمباخر والطشوت والأباريق والدلل والمراجل والمغاريف والملاعق.
والقرية التراثية تعتبر من أهم الروافد التراثية، المستوحاة من واقع طبيعة عمان، وتعد ركيزة أساسية في المجتمع العماني، والعمانيون منذ القدم عرفوا صناعة الغزل والنسيج، لوفرة الخامات الطبيعية، وسخر المواطن استخدامها في صناعات متعددة مثل السيح والمناسيل محلقات الزينة والحقائب.
وتتميز هذه الصناعة عن غيرها بمزاولتها في معظم مناطق السلطنة، وتعد سوقا نشطا وعائدا اقتصاديا مربحا للأسر المنتجة، ويعود الإقبال المتزايد لجمال المنتجات وتناسق ألوانها، وتعبيراشكالها من وحي البيئة العمانية، والعمل على عناية الحرف الوطنية التقليدية والحفاظ عليها.
والصناعات اليدوية من الحرف التي ارتبطت بالإنسان العماني، ارتباطا وثيقا واستعملها في حفظ وتخزين المواد الغذائية ، في المناطق البدوية بما يتناسب متطلبات الاحتياجات اليومية .
والقرية التراثية تعتبر من المهارات القديمة، التي تنتقل بشكل معتاد من الأب للابن ومن الأم للبنت، وهي رمزا للتراث القديم للسلطنة وهويتها الثقافية.
التعليقات