أنا زوجة شابة، وجميلة، ومن عائلة ثرية، وحاصلة على مؤهل جامعي، ولم أعش قبل الزواج قصة حب، بل لم يدق قلبي لأحد، لأنني كنت أهتم بنفسي ومظهري ودراستي، ولم أشعر أنني بحاجة للطرف الآخر، لأنني كنت أعيش في أسرة متحابة ويسودها التفاهم والود، صغيرها يحترم كبيرها، وكبيرها يحنو على صغيرها.
وبعد تخرجي في الجامعة تقدم إلى شاب من نفس مستواي الاجتماعي والمادي والثقافي، وتمت الخطبة بطريقة تقليدية، إذ كنت في البداية لا أشعر تجاهه بأي مشاعر،ولكن مع مرور الوقت أحببته..
كان ولا يزال يغار على جداً، ولا يتركني أتحرك بمفردي، يتابعني في كل حركاتي وسكناتي، ويعرف عني الصغيرة قبل الكبيرة، وتزوجنا في إحدى شقق عمارته التي يمتلكها في أرقى أحياء القاهرة، وأمرني بالحجاب، ورفض أن أعمل، مع العلم أنه كان داير على حل شعره قبل الزواج!
وبالرغم من كل الحب الذي شعرت به تجاهه، وبالرغم من غيرته العمياء، وخوفه على، كنت أشعر بتوجس وعدم اطمئنان، ولا أدرى لماذا؟ ولذلك قررت عدم الإنجاب في بداية زواجنا، حتى مر على زواجنا الآن عامان ونصف العام، وشعرت خلالها بصدق مخاوفي، بعد ما أخبرتني إحدى الجارات بأنها رأت زوجي ومعه امرأة أخرى، وهو يدخل الي شقتنا، ولم أصدقها ولكن "الفار لعب في عبي"، ولم أفاتحه في الموضوع لأنني أحب بيتي، ولا أتصور أنني أعيش بعيداً عنه، ولكن على ما يبدو أن الأمور لم تكن كما أريد أو أتمنى لأسرتي، فقد اتصلت بي امرأة وقالت إنها تذهب مع زوجي إلى شقتي،وقدمت لي وصفا تفصيليا بكل محتويات شقتي وغرفة نومي، بل وألوان قمصان نومي، وكدت أجن من التفكير والهواجس والصراخ، وعندما فاتحته في الأمر لم يهتز له جفن، ولم ينطق إلا بكلمة "مش صحيح دي واحدة بتطاردني وعاوز تخرب بيتي".
وبلعت مرارتي وحزني وحاولت تصديقه بالرغم من أنني أعلم أنه كاذب، وبالرغم من أنني أصدق أحاسيسي، وبعد مرور أيام أخبرتني جارة أخرى بأنها رأت زوجي مع امرأة غيري وهو يدخل شقتنا، وجن جنوني فأخبرت أبي، فحاول تهدئتي قائلاً: "إن الأمر لا يتعدى الكذب أو اختلاط الأمور وسوف أناقش المشكلة مع زوجك"، وهدأت حتى حين.
وعادت المرأة لاتصالاتها التلفونية بي مرة أخرى، وتهديدي بأنها متزوجة من زوجي عرفياً، فهي مطلقة،وأخبرتني بثقة أنه يحبها هي، ولا يستطيع الاستغناء عنها، وأنه سيطلقني عاجلاً أو آجلاً، وعندما وضعت تليفوني تحت المراقبة لمعرفتها بدأت تتصل بي من تليفونات عامة أو من المحلات.
وعدت لمناقشة زوجي في الأمر،فوجدت أذناً من طين وأخرى من عجين، وعندما سألته لماذا يصر على أن يصطحبني لزيارة أهلي، ثم يتركني عندهم ولا أستطيع العودة إلا بمصاحبته، قال لأنه يخاف علي،وعندما أخبرته أن المرأة الأخرى حدثتني تليفونياً بأنها تكون في شقتي في نفس المواعيد التي أكون فيها عند أهلي، لم يعلق بكلمة.
والآن أنا في حيرة من أمري.. هل أطلب الطلاق وأصر عليه، أم أرضى بالأمر الواقع وأقبل" ضل راجل ولا ضل حيطة"،وماذا أفعل إذا أصبحت مطلقة في مجتمع يعتبر المطلقة مسئولة عما آل إليها حالها،وهل أجد من يقبل الزواج منى مرة أخرى،وهل أستطيع أن أشعر بالأمان مع رجل آخر، بعدما خانني الرجل الذي ملك قلبي وعرفت معه معنى الحب؟
الحائرة
إلهام.م
*يقول المثل الشعبي البليغ: "من شب على شيء شاب عليه"،ولأنه كان داير على حل شعره قبل الزواج،فلم يكفه الزواج من فتاة جامعية وبنت ناس وجميلة ومطيعة،وراح يبحث عن ضالته في الشوارع مثل الكلاب الضالة التي تفتش في صناديق القمامة،حتى قاده حظه السيئ إلى امرأة أقل ما توصف به أنها ساقطة.
وبالرغم من احتمال عدم صدق الجيران في المرتين اللتين عرفت فيهما بأن زوجك اصطحب امرأة أخرى لشقتك، فإن مكالمة تلك المرأة لك وإخبارك بكل تفاصيل شقتك وغرفة نومك وقمصان نومك،كان القشة التي قصمت ظهر البعير،ووضعت زوجك في مرمي النيران مباشرة، وجعلت الهواجس حقائق والاحتمالات واقعاً.
والغريب في الأمر أن زوجك لم يهتز به جفن مما حدث ومن المعلومات التي أخبرتك بها المرأة الأخرى، لأنه على ما يبدو فاقد الإحساس بالمسئولية مما يجعله رابط الجأش في مثل هذه المواقف التي عاشها كثيراً قبل الزواج وبعده.
وبالرغم من وقاحة هذه المرأة التي أشعلت حياتك ناراً،إلا أنها لن ترقى إلى أن تصبح زوجة، وإلا لتزوجها من قبل، ولم يتزوجك أنت، وربما تكون أو كانت نزوة وانتهي الأمر، وفي تلك الحالة لا يمكنك إثبات واقعة الزنا بسهولة لأن الشرع يشترط لذلك شهادة أربعة شهود عدول رأوا الفعل واضحاً ولا التباس فيه.
واصطحاب زوجك لامرأة أخرى ومشاهدة الجيران لذلك لا يعني شرعاً واقعة الزنا،ولكن المشكلة في الشروخ التي حدثت في مشاعرك وعواطفك تجاهه،وهذه الشروخ لن ينصلح أمرها بسهولة بل قد تحتاج إلى ترميم يستمر سنيناً.
وأنت الآن أمامك حل من اثنين:
إما أن تريحي بالك، وتختصري الطريق على نفسك، وتطلبين الطلاق، وتصرين عليه،وقد تحصلين عليه بسهولة إذا طلبت الخلع،
وتخرجين من المولد بلا حمص، وذلك لتريحي نفسك من الهواجس والمكالمات والاحتمالات التي أصبحت حقائق..
وإما أن تعيدي ترتيب أوراقك وتحاصري النيران في بيتك في محاولة أخيرة لإطفائها،
واستعادة زوجك الدونجوان، ولن أقول لك إن ذلك سيحدث لو أنك أنجبت له طفلاً، لأن الطفل لن يحل المشكلة الآن بل سيعطيه الفرصة أكثر ليكون أكثر حرية بعد انشغالك بطفلك وتربيته،ولكن أطلب منك عدم الذهاب لأهلك بمفردك،بل "رجلك على رجله" ولا تتركي شقة الزوجية بناء على رغبته لزيارة أهلك.
أما إذا كنت لا تستطيعين ذلك فاتركي الأمر لوالدك، وأهلاً بضل الحيطة أفضل من ضل راجل مايل، قد يسقط فوق دماغك في أية لحظة فيقتلك جسديا مثلما قتلك معنويا.
وكلمة أخيرة لكل زوج وزوجة: يقول الله تعالي "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
يعني أن تكون الحياة الزوجية بالمعروف ولا خيانة ولا غدر فيها، وإما أن يذهب كل شخص إلى حال سبيله، دون تجريح، وإهانة الطرف الآخر، والإضرار به وبمستقبله،ومن لا يرضى بشيء لأخته أو ابنته، ويرضاه لزوجته فهو ظالم،ومن يرضى بمثل ذلك فليس رجلاً،والأفضل أن يختار له فصيلة أخرى غير بنى البشر.
التعليقات