أنا شاب وسيم ومن عائلة ثرية، وحيد أبي وأمي وأبلع من العمر 27 عاماً.. كل طلباتي تتحقق قبل أن أطلبها.. لا عمل لي إلا قضاء الوقت في أي مكان أحبه ومع أي إنسان أود الجلوس إليه.. أذهب أحياناً إلى أعمال أبي المنتشرة في أماكن كثيرة.. أفعل ما أريد طالما إنني أمتلك المال الذي لا أعرف كميته.. ففي جيبي أكثر من فيزا كارت بالإضافة للأموال السائلة من الجنيه وحتى اليورو، وأحياناً أعود للمنزل متأخراً وأحياناً أقضي ليلتي في أيه شقة من شقق والدي المنتشرة في أحياء القاهرة الفاخرة، بالإضافة لامتلاكي أكثر من سيارة فاخرة.
جربت كل شي في الحياة لدرجة أنني زهدت كل شيء ونظراً لإلحاح أبي وأمي لكي أتزوج لأنهما يريدان أن يفرحا بي ليكونا جدين ولهما أحفاد.. أريد أن أتزوج الآن.. ورغم علاقاتي المتعددة في كل مكان.. ورغم إن الكثيرات يردن الارتباط بي ربما لوسامتي أو لمالي.. إلا أنني لا أريد الزواج بهذه الطريقة ولكنني أريد عروساً جميلة ثرية وبنت ناس وأهم شيء تكون قطة مغمضة ليس لها تجارب عاطفية.. مع العلم إنني ومنذ عامين ليس لي علاقة بأيه امرأة لأنني لم أعد راغباً في النساء وربما لم يعد لدي القدرة على ممارسة رجولتي ولا أدري سببا لذلك.. فهل أجد عروساً حسب المواصفات التي أطلبها وهل تعتقد أنها سوف تعيد إلى رغبتي المفقودة في المرأة؟
تقول إنك جربت كل شيء في الحياة.. وهذا خطأ منك لأنك لم تجرب أن تكون رجلاً ونسيت أن تكون محترماً.. ونسيت أن تكون إنساناً يعرف ربه ودينه وحقوق الآخرين عليه.. ولا أتصور مخلوقاً أياً كان نوعه يعيش حياته بلا هدف ولا عمل إلا إنفاق المال الذي قد يكون الأب استدانه من البنوك أو يمصه من دماء الغلابة.. لأن هذا الأب لو كان يتعب في جمع المال لزرع فيك الحفاظ عليه وترشيد إنفاقه في الضرورات فقط..
فهل تعلم يا صغيري أن النحل والنمل وحتى الكلاب تسعى يومياً لتجمع قوتها وتحافظ عليه، وحتى النباتات تسعى بفروعها وأغصانها بحثاً عن الماء، أما أنت فكائن زائد عن حاجة المجتمع.. مهمتك في الحياة إفسادها كما أفسدك أبوك وأمك..
ولو أنك أدركت أنك رجل لما فعلت ما فعلت من أفعال تقشعر لها الأبدان ويندي له االجبين.. ولو أنك كنت تعرف ألف باء من أمور دينك – أياً كان هذا الدين- ما فعلت شيئاً خارجاً عن الرجولة والقيم والقواعد الدينية.. ولكنك أبن بيئتك زرعوك بصلا فلم تثمر تفاحاً.. وهيهات أن ننتظر العسل من شجرة الصبار..
والمشكلة يا صغيري ليست فيك وحدك بقدر ما هي في أبيك وأمك، وأتحداك أن يكون مال أبيك من حلال.. فهو كما قلت لك من البنوك وربما بدون ضمانات أو من مشاريع يدفع فيها الملاليم ليحصد الملايين بالتحايل والنصب وامتصاص مدخرات الغلابة.. لأن مال أبيك لو كان من حلال لأنفقته في حلال.. ولكان أبوك خائفاً عليه ليس بخلاً ولكنه سيكون مدركاً أنه أمين عليه ويجب عليه أن ينفق هذا المال في مصادره المشروعة التي تستوجب دعوات الناس بالخير ورضا الرب.. ولكن هيهات لأب وأم يغدقان على ابنهما الوحيد بالمال والشقق والسيارات.. أن ينتظرا من هذا الابن الذي يشبه شجرة اللبلاب التي تسفط على الأرض وتدوسها الأقدام إذا لم تجد ما تستند إليه في تسلقها الدائم لتكون جميلة المظهر وهي بلا قيمة إلا في شكلها الذي يعجب قليلي الخبرة ومن تجذبهم المناظر الفارغة.
وسرعان ما يكتشفون أنهم وقعوا فريسة للزيف ولهيكل بشري بلا قيمة ويقول عن نفسه "شاب وسيم وغني"!! يا فرحتي.. وماذا تفعل إذا أصبح أبوك مفلساً أو حجز المدعي الاشتراكي على أمواله وممتلكاته بما فيها ما بين يديك.. هل ستبحث وقتها عن عمل شريف لتكسب منه قوت يومك أم تصرخ وتلطم خديك وبدلاً من الوقوف بجوار أبيك ستقول بأعلى صوتك "أنا مالي إلحقيني يا ماما"
يا خسارة لقد أفسدك أبوك قبل أن تفسدك أمواله.. إن المال يا صغيري يشبه الماء لا نأخذ منه إلا بقدر حاجتنا إليه وإلا لحقنا الموت بأسفكسيا الغرق.
والآن نناقش طلباتك ويحب أن تعلم أنني لست أباك الذي يحقق لك طلباتك قبل أن تطلبها.. ولكنني أرفض كل طلباتك لأنك لا تستحق أياً منها، لأنك بصراحة غيرأمين علي نفسك ومال أبيك فكيف تكون أمينا علي بنات الناس؟.. لأ وإيه عاوزها جميلة وبنت ناس وقطة مغمضة.. شوف إزاي.. ألهذه الدرجة وصلبك الحال واليقين أنك قادرعلى شراء كل شيء وأي شيء.
يا صغيري قد تجدماتريد ولكنها أبدا لن تكون جميلة من داخلها بالرغم مماقد يكون من جمالها الظاهري ولن تجدها بنت ناس محترمين.. قد تجدها قطة مغمضة ولكنها سوف تكون قطة مغمضة بمزاجها بعد ما أكلت السمكة وذيلها.. فأنت تستطيع شراء كل شيء إلا الإحترام مهما بلغت قوة أموالك وليتها أموالك!!
ثم من ضحك عليك وأخبرك أن زواجك من فتاة جميلة و بنت ناس وقطة مغمضة سوف يعيد إليك رجولتك المفقودة؟
يا صغيري الرجولة ليست في الفحولة.. الرجولة أن ترتاح زوجتك برأسها على كتفك وهي فخورة بك وتشعر بالأمان على غد وهي معتقدة أنك أفضل من كل رجال العالم.. وتفتخر بك أمام أهلها وصديقاتها وزملائها ونفسها أولا.. ولا أعتقد أنك شاب تستحق أن تفخر بك فتاه اللهم إلا إذا كانت من طينتك.. وأعتقد أيضاً إنها ستكون كذلك لأن الطيور على أشكالها تقع..
وحتى إذا وجدت تلك الزوجة المزعومة حسب شروطك فلن يدوم زواجك لأن "ابن المال ملول" وسوف تملّ من واحدة كعادتك في الملل من كل شيء.. الشقق والسيارات والنساء.. والحل من وجهة نظري أن تقف أمام المرآة وتسأل من أنا؟ وماذا أساوي بعيداً عن مال أبي؟
وماذا أفعل لو أصبح أبي مفلساً؟ وهذا أمر وارد وماذا فعلت بعمري الماضي.. وإذا مت ماذا سأترك خلفي من عمل طيب وسيرة عطرة وحب بين الناس..؟ إسأل نفسك واسمع إجابتهاوحاول اعادة بناء الذات بعيدا عن الملذات.. حاول أن تكون رجلاً أولاً وسوف تجدكل شيء صحيحا وسهلا فيما بعد.
أما طريقتك في الحياة فهي تافهة وغير محترمة.. وسوف تظل خلالها "ابن أمك ومال أبيك" وحتى لو تزوجت كل يوم فتاه جميلة وبنت ناس وقطة مغمضة فلن تعيد إليك رجولتك الجسدية والمعنوية على حد سواء وصدق الشاعر حين قال:
"والنفس كالطفل إن أهملته شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم"..
فابدأ بنفسك وأنهها عن غيها
فإن انتهت فأنت حكيم..
لا تنهِ عن خلق وتأتي مثله..
عار عليك إذا فعلت عظيم.
التعليقات