أنا فتاة جميلة في العشرينات من عمري، أعيش مع أبي وأمي وإخوتي الذكور، فأنا البنت الوحيدة في أسرة متوسطة الحال، أبي يعمل موظفاً بسيطاً وأمي كذلك، ولكن الكل في المنزل يجعل من عينيه أسواطاً تلهبني برقابتها في الرايحة والجاية، كنت أخاف من مجرد النظر في عين والدي أو أحد إخوتي الأكبر مني، وكنت أسير في الشوارع أشعر بعيون الشباب تنهش جسدي، فأتعرقل في سيري ،بالرغم من أن تلك المعاكسات كانت الشيء الوحيد الذي يجعل قلبي يتراقص بين ضلوعي.
وحصلت على الثانوية العامة بمجموع متوسط، ودخلت عالماً غريباً يختلط فيه الحابل بالنابل، شباب وبنات وسيارات وتليفونات محمولة وإكسسوارات فاخرة، وأشياء لا أول لها ولا آخر، ومع ذلك كنت أشعر أن عيون أبي وأخوتي تطاردني في كل مكان، إذا تأخرت في الجامعة نصف ساعة أو ساعة يسألونني كنت فين؟
تعرفي مين؟
مين عاكسك النهاردة؟
ولم أكن أرد إلا بدموعي التي كانت تخنقني مثل أسئلتهم، لم أكن أشعر أبداً بيد حانية منهم أو كلمة طيبة، كانوا يعاملونني مثل الطفلة التي تحتاج الرقابة والضرب وليس الحنان والرعاية.
وظللت هكذا لمدة عامين في الجامعة، حتى تعرفت إلي شاب في السنة النهائية بالجامعة، وسيم ،غني،طيب القلب، أو هكذا كنت أعتقد، وبدأ يتقرب إليّ ويعشش في قلبي، ويسبح في دمائي، وعندما لبيت دعوته إلي خروج أول مرة ،كنت أرتعش وأنا أركب بجواره في سيارته الأنيقة، وبعد عدة مرات من الخروج البريء طلب مني أن نلتقي وحدنا، فأصابتني كلماته في مقتل، وعلى رأي المثل "الزن على الودان أقوى من السحر"، ظل يلح في مطلبه حتى وافقته في النهاية، ولكنني اشترطت عليه أن نلتقي وحدنا بعد أن نتزوج عرفيا، فأحضر زميلين وتزوجنا بشهادتهما ولكن دون أن نكتب ورقة بذلك.
وبدلاً من حضور المحاضرات كلها، كنا نسرق الوقت نهاراً لنلتقي في شقته التي اشتراها له والده ليتزوج فيها، وظللنا هكذا حتى عندما انتهى من دراسته والتحق بالخدمة العسكرية، وبينما كنت أستعد لإنهاء دراستي الجامعية، تقدم لي شاب من الحي الذي أسكن فيه لا عيب فيه، ولكني رفضت بحجة استكمال الدراسة، وعندما التقيت بحبيبي أخبرته، وتوقعت أن يتقدم طالباً يدي لنصحح وضعاً نعيشه فيما بيننا دون معرفة الآخرين ،ولكني فوجئت به يضحك قائلاً: "وماله... اتجوزيه"، قلت "إزاي اتجوزه وانا متجوزاك؟ فقال وإيه يعني؟ فقلت خلاص طلقني، فرد غاضباً:لن يحدث،نجوم السما أقرب إليك من الطلاق.. فقلت :خلاص أطلب يدي من أهلي،فقال ليه؟ قلت علشان نتجوز؟ فقال طيب ماإحنا متجوزين.
وظللنا في حوار سفسطائي بلا فائدة، وبدأت علاقته تفتر تجاهي، ولكنه تحول إلى عين رقابية أخرى بالإضافة لعيون أبي وإخوتي.
وفي كل مرة نلتقي كنا نعيد نفس الحوار ونصل إلي نفس النتيجة، ووجدت نفسي في دوامة، لا أنا حرة استطيع الزواج بمن أشاء، ولا أنا متزوجة حتى تسكت الألسنة التي تطالبني بضرورة الزواج!
ووصلت إلي قرار الابتعاد عنه حتى يزهق ويطلقني ،ولكنه لم يفعل، بل يتصل أحياناً بي يهددني بالفضيحة إن لم أستجب للقائه، لأنني زوجته.
ونظراً لضغوط أهلي للزواج وافقت على العريس الذي تقدم لي ،ومما زاد الطين بلة أننا عقدنا القران،وننتظر الزواج خلال شهر، ولا يعلم زميلي الذي تزوجني عرفياً شيئاً عن عقد قراني،فماذا أفعل؟
زوجة الإثنين: م.م.ن - القاهرة
لو كانت علاقتك بأهلك طيبة خاصة أمك ،ماحدث لك ماحدث، وبدلا من أن يعلمك أهلك كيف تحافظين على نفسك، أحاطوك بسياج من الرقابة التي تشبه الغربال ،لا هي قدمت لك الحماية ولا رحمتك من الخوف منهم..
ولأنك ابنة وحيدة فليس هناك حوار بينك وبين أحد في الأسرة،بالإضافة إلى أن أمك موظفة تأتي من عملها ،لتدخل مطبخها ثم تنام خائرة القوى، مكتفية بشدة وحزم الأب والإخوة في حماية الابنة الوحيدة،مع أن هذا غير صحيح،فالشدة والحزم والرقابة الصارمة هي البداية الحقيقية للوقوع في المحظور لأن كل ممنوع مرغوب، وأنا بذلك لست ضد الشدة والحزم وقت اللزوم، ولكني ضدهما عندما يكون الغرض منهما الحصار والشك دون حنان ورعاية واحتواء أسرى.
ويكفى أن الشدة والحزم والرقابة في الأسرة هي التي دفعتك دفعاً لأحضان زميلك الثرى الذي انخدعت فيه معتقدة أنه طيب القلب، ويكفى أنك دخلت العلاقة بسذاجة لأنك لو كنت تدركين من الأمور شيئاً ما وقعت في المحظور فالشاب في المجتمع الشرقي ياصغيرتي يفعل ما يريد مع بنات الناس، ولو علم أن أخته تفعل ذلك لقطع رقبتها،ويتزوج عرفياً ،ويرفض أن يعلن زواجه رسمياً ،ولذلك فأنت من سمحت لنفسها بأن تنزلقي مع شاب مستهتر قد يحول حياتك إلى جحيم.
والحل من وجهة نظري أن تذهبي إلى زميليك اللذين شهدا على زواجكما العرفي ،ليتم الطلاق بهدوء لأنه ليس من المروءة والشهامة أن يرفض الطلاق كما يرفض إشهار الزواج فتظلين كالمعلقة أو البيت الوقف لا أحد يسكنه، ولا أحد يستطيع بيعه، فلا أنت زوجة ولا أنت حرة تستطيعين الزواج.
ولو كان معك ورقة بالزواج لنصحتك برفع الأمر إلى المحكمة لإثبات الزواج، أو الحصول على الطلاق، ولكنك تزوجت على الهواء مما يصعب معه إثبات الزواج، والأمل الوحيد عندك هو شهادة الشاهدين.
وإذا كان زواجك الأول عرفياً من زميلك حلال شرعاً ،وباطل اجتماعياً، فإن زواجك الثاني باطل شرعاً وقانوناً مع أنه مقبول اجتماعياً لأن المجتمع لا يعرف أنك زوجة لزميلك.. وعقابك في هذه الحالة السجن للجمع بين زوجين في وقت واحد وذلك في حالة تقدم زوجك الأول بما يثبت أنه زوجك، وإذا لم يتقدم فزواجك الثاني باطل وحرام ،حتى يتم طلاقك من الأول وتقضين فترة العدة ثم تتزوجين آخر.. وبالتالي فإن عقد قرانك باطل لأنه حدث وأنت زوجة!!
التعليقات