"الجانب القاتم للقمر".. أو The Dark Side Of Moon، هو الألبوم الثامن لفرقة الروك الإنجليزية Pink Floyd، والذي تم إصداره في مارس ١٩٧٣.
يتناول الألبوم موضوعات عديدة مثل الصراع والجشع والوقت والموت والأمراض العقلية وهو يعد من أكثر التسجيلات شهرة في التاريخ الموسيقي الي يومنا هذا، وقد جلب الثروة والتقدير لجميع أعضاء الفرقة لما سجل من أرقام مبيعات قياسية خلال السبعينيات كما يعتبر من الألبومات الأكثر مبيعاً في جميع أنحاء العالم.
وفي عام ٢٠١٣، تم اختياره للحفظ في سجل التسجيل الوطني للولايات المتحدة من قبل مكتبة الكونجرس لكونه 'مهم ثقافيًا وتاريخيًا وجمالياً'.
بصفتي من عشاق هذه الفرقة فأنا لا أبالغ عندما أقول أنهم يصبغون أغانيهم بصبغة فلسفية لا تخلو من الجدل في بعض الأحيان وخاصة هذا الألبوم والأغنية التي تحمل اسمه.
فهل حقاً هناك وجهاً قاتماً للقمر؟ نعم، العلم يؤكد ذلك وأكثر من ذلك حيث يوجد نظريات كونية تؤكد أن القمر جسم غير منير بذاته فهو في الواقع معتم تماماً وأنه يستمد نوره مما يسقط عليه من ضوء الشمس.
وفي تعبير آخر يقال ان الجانب الآخر (الغير معلوم) من القمر هو نصف الكرة القمري الذي يكون بعيداً عن الأرض وهو في مقابل الجانب القريب الذي نراه.
سؤال وجودي يفرض نفسه: هل للبشر أيضاً وجه آخر كالقمر؟
أعتقد بشكل كبير جداً ان هذا صحيح.
وحين أقول الجانب الآخر للناس لا أعني انه جانب قاتم بقدر ما هو خفي وغير معلوم…من منا ليس لديه وجه آخر لا يعرفه الكثيرين؟
قد يكون وجهاً جميلاً أو غريباً أو مجهولاً أو حتي قبيحاً أو مجرد وجه خفي لا يظهر إلا للأفراد في دائرة خاصة ومعينة، انه أشبه بوجه غير معلوم أو 'شخصية ظل'.
هذه الشخصية عند كل واحد منا وهي في الأساس تعود الي أن الشخص لديه سمات شخصية مخبأة بداخله، يوجد منها ما يرفضها أو يقمعها أو ما يحبها ويتقبلها ولكنها تظل بُعد شخصي جداً غير معلوم للعامة.
يبدو أننا كالقمر فعلاً في شخصياتنا وأن الأجزاء التي يُسلط عليها النور هي أجزاء قليلة جداً بالمقارنة بباقي الشخصية التي نحن عليها.
ففي جوانبنا الخفية يوجد الكثير من التفاصيل الدقيقة عنا وعن ما يجول بأنفسنا وما نعيشه من مشاعر لحظية أو صراعات دائمة ولا نبوح بها علناً، في جوانبنا الخفية توجد الندبات والجروح والدروس المستفادة التي رُسمت من تجاربنا وما مررنا به في الحياة من مواقف وطرائف أحياناً.
الجانب المظلم من القمر هو الجانب الأخر منه وهو الأبعد عن أعين الناس ولكنه بالتأكيد الأقرب منا وهو جزء أساسي نتقبله نحن ونعرفه أكثر من أي شخص أخر، أنه جزء حقيقي غير مُعلن عنه من شخصياتنا وما نحب أو ما لا نحب.
عادة يحكم البشر و يقيمون بعضهم البعض من خلال ما يروه من الشخصية المُعلنة فيصدرون قرارت وينّصبون أنفسهم حكاماً وولاة من ما يروه ظاهرياً في حين أن ما لا يروه هو الأجدي والأجدر بالمعرفة وهو الواقع الحقيقي الخفي عن الناس .
أن ملاحظة ما هو ظاهري فقط دون أدراك ومعرفة الجزء الخفي يذكرني بتعبير أننا نشاهد فقط 'قمة الجبل الجليدي' حيث يري الناس الجزء الصغير من شخصية أو موقف أو مشكلة وفي الحقيقة يكون الجزء الأكبر منها مختفياً تحت سطح الماء، ذلك الجزء المختفي تحت سطح الماء هو الجزء الحقيقي والأكثر تأثيراً في الشخص وفي من حوله ولكنه في الحقيقة مجهول وخفي.
مثالاً صارخ من حياتنا اليومية هو كم من المرات أعتدنا الحكم علي الشخصيات التي وصفناها انها قوية وأنها قادرة علي التعامل مع قسوة الحياة والناس…أكاد ان أجزم أن الجانب الخفي والسيء للقوة يخلق أعتقاد عند الاخرون أن الأنسان القوي ليس بحاجة للمساعدة …في حين أنه كالقمر تماماً له جانب خفي لا يراه العالم وأنه يحتاج للمساعدة ومدّ يد العون آلا أن جانبه الخفي فيه كثير من صفاته التي لا تظهر فتظلمه كثيراً وتضعه في موقف القمر الذي نراه مضيئاً مشعاً بلا أن نفكر أبداً في الوجه الأخر له فرفقاً بالقمر و بالاقوياء … فهم يحملون الكثير في قلوبهم في صمت وشجاعة.
التعليقات