فى إحدى برامج المواهب التى إنتشرت من عدة سنوات وفى نسختها الأجنبية تقدم أحد المتسابقين لتقديم موهبته كما هو معتاد أمام حشد كبير من الجماهير وعند سؤاله بعض الأسئلة التقليدية من لجنة التحكيم التى تضم مشاهير العالم وأهمهم سايمون المنتج الكبير والمعروف ومنتج النسخة الأصلية من برامج المواهب وأول من أطلقها فى العالم.
أجاب الشاب بكلمات متعثرة (تهتة ) وهنا قام سايمون بإيقاف المتسابق وسأله إذا كانت تلك جزء من الفقرة التى ستقدمها أم تلك طبيعتك؟ وأكمل أنها لو كانت طبيعتك فمرحب بك إنما لو كانت فقرة فلست مرحب بك فى البرنامج .
أكد المتسابق إنه من ذوى الإحتياجات الخاصة وذلك منذ طفولته وتم إستكمال الحلقة مؤكدا سايمون على مبادىء البرنامح بعدم التنمر بكل أشكاله .
نفس الموقف حدث ببرنامج أراب جوت تالنت بالعربى وكان مع الفنان على منذ عدة سنوات وكان المتسابق من ذوى الإحتياجات الخاصة وكان الفنان على رافض العبث فى تلك الأمور فى برامج المواهب وإستغلالها للسخرية .
الموقفان استوقفونى لرؤية مدى تأثيرالإعلام لوقف سيل التنمر والسخرية وكونه أصبح مبادرة عالمية وقومية أيضا وعُدت إلى موقفنا نحن العالم العربى من تلك القضية وهل لنا تاريخ فى محاربة جريمة التنمروتحقير الأخر وإستغلال شكله أو إعاقته أو أفكاره أحيانا كثيرة للنيل منه.
ويؤسفنى أن أذكر أننا نملك باعا طويلا فى التنمر وتحقير الأخروإستخدام كافة السبل قديما وحديثا لتحقيق هذا الهدف الذى صار غاية حتى فى برامجنا الإعلامية والتحجج بالنية الحسنة وخفة الدم .
علما أن واحد من بين 8 شباب حول العالم لديهم سلوكيات انتحارية؛ حيث يرتبط التنمر - بقوة- بمحاولات الانتحار، وذلك وفقا لما جاء في صحيفة "الإندبيندنت" البريطانية.
وأجرى هذه الدراسة الدولية علماء من بريطانيا والصين والولايات المتحدة، واعتمدوا على بيانات 220 ألف مراهق تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 15 عاما، من 83 دولة مختلفة حول العالم.
جوهر الإختلاف بيننا وبين الغرب هى نسب الرفض المجتمعى فالبديهى أننا ضد التنمر ولكن أشكال الرفض المجتمعى ليست قوية، مازالت أعمال الأمس راسخة فى الأذهان كم من الأفلام تمت صياغتها وتسويقها بل ونجاحها على خلفية التنمر والسخرية من أصحاب السمنة على سبيل المثال وليس الحصر وصارت أدوارهم محصورة فى السخرية منهم وأغلبهم هذه وسيلة إعاشته وكم من فنانات وفنانين قاموا بعمليات لنقص أوزانهم حفاظا على حياتهم لا نجدهم الأن على الشاشة فلم يعودوا مرغوبين فيالها من مأساة !
تلك الأفعال البذيئة إنتقلت وإتسعت على مسارحنا وصارت وجبة دسمة للضحك والتندر وإنتقال (الإيفيات) بعد ذلك فى الحياة العامة والشخصية ومع إتساع رقعة التكنولوجية وإنتشار شبكات التواصل الإجتماعى صار الوضع مفزعا وكارثيا .
إعلامنا يشارك فى الجريمة سواء بالدراما أو البرامج بل ويتقدم بمنتهى الجرأة ليقابل هؤلاء المتنمرين ليتصدروا المشهد ويسعى حثيثا نحو الشو لدرجة تقترب من أعمال المرتزقة من لا يملكون مبدأ ويعملون مع الجميع ولصالح لا أحد بل شكلوا فريقا جيداً للعب ونجح فى إصابة أهدافه أكثر من مرة.
إذا لم يقف الإعلام بكافة أنواعه وكل فنانيه ليساهم فى تغيير ثقافة مجتمع نندهش ونستعجب من تدنى أفكاره وتغيير ثقافته للأسوء فما دوره الهام الذى يتشدق به كل يوم ؟ والأعجب أن الفنانين أو لنقل بعضهم يشارك فى تلك المبادرات العالمية ضد التنمر ومع ذلك يقدم فى أفلامه أومسرحياته أو برامجه كافة أشكال التنمر والسخرية وتحقير الأخر !! كيف تفعلونها يا سادة ؟
التعليقات