خرجت هائمة على وجهها لا تدري أين تحملها قدميها، تسري بأوصالها سيمفونيةٌ حالمةٌ ترجع معها إلى زمنٍ كانت تعرف فيه نفسها يوم كيف كانت أبيّة.
جلست أمامها زُرقة البحر يلفحها هواؤه ويداعب وجنتيها رذاذه بلا حرج، هنالك نادت عليها من أبعد نقطة تتلاقى عينيها فيها بشاطئ البحر وخرجت عليها في صورتها التي تعرفها، أين كنت جميلتي، لقد مر على لقائنا زمنٌ طويل، أزهدتِ مناجاتي أم هناك بيننا دخيل.
تلاقا بلمسةٍ مخمليةٍ وودٍ قديمٍ ولهفةٍ عفوية، أين أنت حبيبتي، أعن مجالستي وجدتِ البديل، فالتفتت إليها ترمقها بعتبٍ، ألم تعلمي كيف كان قلبي عليل، وقد انفرجت روحي وانشق مني الفؤاد بلا بديل.
ألهذا لي أتيتِ وعن جميع البشر قد اختفيتِ، نعم ولم أجد في غير ودكِ خليل، فانصهرت داخل بوتقة قلبها وتحدثت عن كل ما كان بعقلِها يخيل.
تحدثت فأوجعت وسردت فأبكت كل من مر جانبهما ولو كان طائرٌ جميل، قالت لقد طال فراقك ولم أجد من يشفي قلبي العليل، ردت أو لم أكن لك دومًا نعم الخِلِ ورحابًا وطريقًا منير.
نعم حبيبتي، ولكن من البشر من مر على قلبي فأوجعه ومنهم من مر بعمري فأتعبه ومن غيرهم من تآلف على ألمي فأمتعه، فردت ألم أعلمك يومًا أنك أنتِ لقلبك فقط الخليل وأنتِ له القوة إذا أتى عليكِ دخيل وأنك لنفسكِ الملاذ وأنت لذاتكِ نِعم البديل.
قالت نعم، ولكني لم أكن قوية وأتعبني من مر بي ونكأ عني جراحًا كانت بعيدة ومنسية. إذا لم يكن الحذر ببابك وتركت أوغادًا ينهشون بفؤادك. فطأطأت رأسها بانكسار وبدا عليها أن لم يحن للألم موعد للانحسار.
فاحتضنتها وأفرغت من روحها آلام أنهكتها.. وفعلت ذلك باقتدار، رفعت وجهها إليها ولم يبدُ أن الألم زال من عليها.
ردت.. إذًا فقد نسيت أنت من تكونين وماذا ألَّم بك يومًا وكيف كنت تنجحين، وكم جسرًا عبرتِ ولم تكوني تلتفتين. ردت ما نسيت يومًا من أكون وكيف انتصرت وكيف أن لقلبي يومًا لم أخون.
إذا فأنت عطشى للأمان وتطوق نفسك للاطمئنان، نعم فقد فقدت كثيرًا من الخِلّان فاختل من تحت قدميّ الميزان وانطفأت من روحي الكثير من الألحان، أو لم أكن دومًا لقلبك حبيبة ومن دونِ الناسِ كنت أقرب قريبة.
نعم حبيبتي، ولكن طال لقاؤك وحسبت أن اليوم يوم فراقك، ردت عليها.. منذ متى يومًا لودي ارتجيتِ أو لم أكن دومًا هناك معك حين بدأتِ ويوم انتهيتِ.
نعم حبيبتي، ولكن عافتني روحي في طلبك وانكسر قلبي ينتظر منك ودك.. ولكني ما اختفيت ولا يومًا عن دعمك انتهيت.. ولكنك نسيتِ لقائي وأني يومًا لم أغادر جسدك وظلت روحي تسبح تحت سماكِ.
آسفة حبيبتي أن نسيت دومًا أين تسكنين وكيف كنتِ لقلبي أول المنصتين، إذًا انظري في عيني الآن وقولي من تكونين. أنا.. أنا.. من كنت دومًا بك قوية وعلى كل مصائب الدهر أبيّة وبين أحبائي أسبح كنسمةٍ عفوية.
نعم وأيضًا بما تحلمين، أحلم بأن أظل بذات القلب السليم وأن ألتقي به حبيبي في سماواتٍ وجنانٍ وظلٍ كريم.
إذًا فانظري من تكونين وكيف استندت علي قلبٍ رحيم. نعم عاد لي رشدي وتيقنت اليوم أن في المطامع زهدي، فبات الطريق مرسومًا من نورٍ وعاد إلى قلبي الأمن والسرور.
فهمّت تغادر.. فقلت ابقي معي هنيّهة أرتوي وأمتلئ لأُزهر وفي طريقي من بعدك انطلق، فجلست يدها في يدي ويداعب وجهينا نسيمٌ نديّ.
وقاربت شمس المغيب وما بقيّ من نورها سوى حلمٌ يأتي ويغيب، قالت لي سأعود فأنتِ لروحي بدايةٌ ونهايةٌ وخلود، وآمل أن ألقاكِ غدًا كريمة بنفسٍ تسعى وتهيم لتصبح عظيمة، فأنت لروحي الأملُ وصاحبتي ومن أهداني إياها القدر.
سيري حبيبتي بقلبٍ قوي لا يخشى من خطرٍ ولا ينتزعه من بين ضلوعك بشر.
وتباعدت أيدينا بوعد على لقاءٍ أن أحفظ لها قلبًا يعجز عن قهره يومًا أحدٌ بِشَر ويسري بروحي يومًا لبنة ويومًا حجر.
وداعًا ليومٍ قريب أحكي لها عن قلبي.. كيف أبقيته سالمًا وكيف انتصر.
التعليقات