انتبهت إلى أننى أتكلم بحماس يصل الى درجة الحدة عندما بدأت أتحاور مع صديق لى عن ماتضمنه كتاب اوباما "الأرض الموعودة" من تداعيات الأزمة الأقتصادية العالمية والتى أرخت بظلالها على أمريكا حتى عام 2010 ؛حيث بدأ الاقتصاد يتنفس على الورق ، من خلال إجراءات الطوارئ ؛ مع التدخلات من مجلس الاحتياطي الفيدرالي؛ هكذا وصف أوباما تلك المرحلة ؛وأعتقد أننا فى مصر والشرق الاوسط يجب أن نهتم بهذا الجزء من الكتاب حتى لا نمارس عشقنا الأزلى فى جلد أنفسنا وبلادنا فى ظل الأزمات الأقتصادية الطاحنة التى نمر بها ؛ ويعتقد كل واحد فينا أن هناك تقصير فى أدارة تلك الأزمات ؛ وبالمقارنة بما حدث فى أمريكا فى ذلك الوقت ؛ومايحدث عندنا الأن ؛ نجد أنفسنا فى نسير فى الطريق السليم.
وفى الواقع أن كل شعوب العالم تشترك فى عامل التذمر من آى أدارة للأزمات المالية ؛ويعتقدون أن حكوماتهم لديها عصا سحرية لأدارة الأزمات.
وأوباما يؤكد فى كتابه أنه رغم استقرار مبيعات السيارات الأمريكية الذى بدأ في الصعود؛ بفضل قانون الاسترداد والإنفاق الاستهلاكي والتجاري، وتباطئ الولايات فى تسريحهم العاملين ؛ووجود مشاريع بناء كبرى ؛ مع التخلص من بعض الركود الذي حدث نتيجة انهيار بناء المساكن ؛ إلا أن الوضع بالنسبة لملايين الأمريكيين الذين يتعاملون مع تداعيات الأزمة ، أكثر سوأ ؛و كانوا لا يزالون عرضة لخطر فقدان منازلهم ؛ واستنفاذ مدخراتهم ، إن لم يكن قد تم القضاء عليها بالكامل؛ وكان معدل البطالة 10 في المائة ؛ وهي أعلى نسبة منذ أوائل الثمانينيات؛ رغم أن برنامج الطوارئ قد عمل بشكل أفضل من المتوقع ، ومع ذلك اعتبرت عمليات الإنقاذ المصرفية عملية احتيال سمحت لبارونات المال ارتكابها.
وفى الحقيقة أن المسؤول عن المشاكل الاقتصادية ظل ثريًا بشكل مذهل ؛بل وتجنب الملاحقة القضائية بشكل رئيسي لأن القوانين كما هي مكتوبة تعتبر تهورًا ملحميًا؛ وعدم الأمانة في مجلس الإدارة أو في قاعة التداول أقل أهمية للأسف بالنسبة لتلك القوانين من تصرفات سارق مراهق، لذلك يؤكد أوباما أنه أستشعر فى تلك الأزمة الأقتصادية ،أن كل شيء تفوح منه رائحة الظلم.
وسأل وأوباما نفسه : "أين خطة الإنقاذ الخاصة بي؟" ح؛ويسترد بل وسألني حلاقي:لماذا لم يذهب أي مسؤول تنفيذي للبنك إلى السجن؟ وكذلك فعلت حماتي.
فى ذلك الوقت شكل الكونجرس لجان رقابة متعددة مع الديمقراطيين والجمهوريين ؛وكان يتناوبون على إدانة البنوك ، والتشكيك في قرارات الجهات الرقابية ، الى جانب أن عناوين الصحف هاجمت قرارات أوباما وحكومته بحماس؛كلما زاد أحتمال الانهيار المالي رغم أن العجز الفيدرالي موروث عن إدارة بوش ، وبحلول أوائل عام 2010 ، أظهرت استطلاعات الرأي أن الأمريكيين لايوافقون على إدارة أوباما الاقتصادية ؛وأيضا كانت خسائر الديمقراطيين في سباقات حكام الولايات خارج العام في نيوجيرسي وفيرجينيا ؛ بل أن نانسي بيلوسي وهاري ريد بدآ فى التشكيك في استراتيجية اتصالات البيت الأبيض لشجب "الحزبية المفرطة" و"المصالح الخاصة" في واشنطن بدلا من الذهاب بقوة مع الجمهوريين.
وفى الحقيقة ان وزير الخزينة الأمريكية تيم جيثنر أماط اللثام عن خطته لإعادة ترتيب النظام المصرفي. وحاول إنقاذ المصارف الأمريكية المفلسة بحكم الواقع، والتي تنذر بإسقاط النظام العالمي برمته في طور جديد، أشدّ ضراوة، لتدمير الثروة. وخطة جيثنر، لإعادة العافية لنظام الائتمان، كانت معقدة لضخ مزيد من مئات المليارات مباشرة إلى المصارف الرئيسية وشركات وول ستريت المسؤولة عن الفوضى في أسواق الائتمان الدولية.
وبعيدا عن ماسرده اوباما فى كتابه عن الأزمة وحلها إلا أن هناك من يؤكد أن جيثنر إخفى عن الرأي العام «سره الصغير القذر» المتضمّن أنّ إلغاء قانون جلاس- ستيجال وإقرار قانون تحديث تجارة السلع آجلة التسليم قد سمحا بخلق حفنة من المصارف تحتكر فعلياً قطاعات هامة في إصدار المشتقات.وكانت هناك خمسة مصارف تحوز على 96 بالمائة من مشتقات مصارف الولايات المتحدة على هيئة قروض غير قابلة للتسديد، ونسبةً مذهلة تبلغ 81 بالمائة من صافي التعرض للخطر في الائتمان الكلي في حال العجز عن السداد.ومواصلة ضخ أموال دافعي الضرائب في هذه المصارف الخمسة دون أن تغير نظام تشغيلها يعادل معالجة المدمن الكحولي بمزيد من الخمر المجاني.
وأخيرا هذا الفصل الذى تضمن عبور أوباما من الأزمة الأقتصادية الى حد أنتخابه للمرة الثانية بعد ذلك؛يحتاج الى عدة مقالات لكثرة الأسماء والكواليس.
التعليقات