توجه وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، بالشكر لجمهورية مصر العربية رئاسةً وحكومة وشعبا وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، على ما يبذلونه من جهود كبيره في خدمة الإسلام والمسلمين، ونشر والسلام والوسطية والاعتدال ومواجهة تيارات الغلو والإرهاب والالحاد والانحلال.
وأضاف "آل الشيخ"، خلال كلمته على هامش مؤتمر الأزهر بعنوان "تجديد الفكر الإسلامي": أن المملكة العربية السعودية حاضنة الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين تشيد وتعتز بالعلاقة المتينة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة في جميع المجالات، وما يحظى به مجال الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد من تعاون وثيق بين وزارتنا وبين المؤسسات الدينية في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف، مثمنًا التنسيق والتكامل بيننا في ملفات الشؤون الإسلامية والتعزيز الوسطية والاعتدال وتجديد الخطاب الديني ومكافحة الغلو والتطرف والإرهاب ونشر ثقافة الحوار والتسامح والتيسير بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية واحكامها ولا يتعارض مع ثوابت الإسلام وقيمه الراسخة ولا مع القيم العربية ذات الأصالة الخالدة وذلك بدعم غير محدود من القيادتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر العالمي، يعقد في وقت مهم تواجه فيه أمتنا تحديات كبيره لها تأثيرها على أمن المنطقة واستقرار دولها وتعايش شعوبها، ويأتي هذا المؤتمر في سياق الجهود الكبيرة التي يبذلها الأزهر الشريف لتحقيق المعاني السابقة بحضور هذا الجمع الكريم من الدول المشاركة من خلال أوراق العمل والبحوث والنقاشات التي سيثريها كبار العلماء والباحثين المتميزين في مختلف محاور المؤتمر وجلساته التي نثق بأذن الله بأنها ستخرج نتائج قيمة وتوصيات نوعية ستنعكس إيجابياً على واقع المسلمين في قضايا التجديد في العلوم الإنسانية المختلف ومواجهة الفكر التكفيري المتطرف وتفعيل المؤسسات الدينية في تطوير الخطاب الديني ورؤية الفكر الإسلامي للتعايش الإنساني بين اتباع الاديان والمعتقدات والمذاهب ومعالجة المشكلات الفكرية واستثمار القوة البشرية في التنمية الاقتصادية والنهضة الحضارية وتوجيه قطاع الشباب إلى الاشتغال ببناء قدراتهم وتوظيفها لخدمة بلدانهم والاسهام في عزها وازدهارها والابتعاد عن مزالق الانحرافات الفكرية وتيارات الغلو والتطرف والإرهاب والتحريض والالحاد والانحلال.
وتابع: "لا شك أن هذه القضايا لها أولويه كبرى لدى القادة والعلماء نظرا للمتغيرات الاستثنائية والتحديات الكبيرة التي يمر بها العالم أجمع ويمر بها العالمان العربي والإسلامي بشكل خاص، والتي أثرت سلبياً على وحدة المسلمين وقتهم وتعاونهم وأمنهم واستقرارهم وعلى التنمية في جميع دولهم وعلى علاقاتهم بغيرهم".
وشدد أن المملكة العربية السعودية تولي هذه القضايا أهمية قصوى وقد حققت نجاحات نوعية في معالجتها، مشيرا إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهم الله جعلت من أولوياتها تجديد الخطاب الديني وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال والتسامح ومواجهة خطابات الغلو والتطرف والأحزاب المنحرفة، وتعزيز ثقافة الحوار على جميع المستويات والتركيز على شريحة الشباب من الجنسين لأنهم يمثلون الأغلبية في المجتمع تأهيلاً وتدريبا ورعاية للموهوبين وتمكين لهم من التأثير في المجتمع.
وأوضح أن تجديد الخطاب الديني ليس ببدع من القول أو الفعل في الإسلام ، فالله تعالى ينسخ ما يشاء ويحكم بما يشاء، مستشهدا بقول الله تعالى :{ ما ننسخ من آيه أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شي قدير }، لافتا إلى أنه لم يزل علماء المسلمين يولون مسألة الاجتهاد عنايتهم لأن بالاجتهاد ينظر العالم في الأدلة ويعملوها حسب الدلات والمتغيرات.
وأشار إلى أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ولكل حال وصلاحيته لهذه الأمور ليس من جموده بل أنما هو من التجديد الذي يفهمه العلماء والله تعالى يقول : { كتاب أنزلناه إليك مباركاً ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب}، وهذا الفعل ليدبروا جاء بصيغة المضارع الدال على الحال والاستقبال مقروناً بلام التعليل ولم يأتي مخصوصاً به زمن معين أو جيل دون جيل، وكم من أمر عرف العلماء المتأخرون دلالة الآيات عليها ما لم يعرفه من تقدمه لأن المتأخر يرى الآية ماثلة بين عينيه بما فتح الله به من تطور في الصناعات والتنمية وغيرها ومن راجع كتب العلماء من المفسرين وشرح الأحاديث والفقهاء والأصولين وجد أمر عجبا حينما ينزلون الآية ويمثلون لها بما وقع في عصرهم كحال علماء المذاهب الأربعة ممن حصوا النوازل بأحكام اجتهدوا فيها وقبلهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم كما قال عمر رضي الله عنه حينما تغير حكم في قضية ( تلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي )، ولم تكن هذه الاحكام تكلم فيها من سبق لأنها لم تكن موجوده أسبابها لديهم ولم تقع لديهم في وقتهم ولا نريد التعداد فليس المقام هنا مقامه وإنما المراد بيان أن في ديننا فسحة للاجتهاد وليس كغيرنا جامدين مقلدين معطلين عقولنا.
ولفت إلى أن الجمود ومجرد التقليد يعطي انطباعا عن المسلمين بأنهم ضد استغلال العلم والخيرات التي مكننا الله تعالى منها والله تعالى يقول : { فمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } , ويقول : { ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات ومافي الأرض وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير } .
وأشار إلى أن تجديد الخطاب الديني ليس كما يفهمه من يفهمه من المنغلقين بأنه تغير للشرع أو هجوم على الثوابت أو تحريف للكلام عن مواضعه وإنما هو أعمال للشرع وتدبر للخطاب وبيان لكون القرآن خطب به آخر الأمة كما خطب به أولها وفهم الخطاب في العصور المتأخرة على سنن فهم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين أتبعهم بإحسان.
وأوضح أن تجديد الخطاب الديني المراد به تجديد فهم الخطاب الديني لأن الخطاب الديني لا يتغير لأنه كلام رب العالمين والمجاز فيه مجاز حذفٍ، متابعا: "فهذا المؤتمر بقضاياه المطروحة يعالج أمور تمس الحاجة إليها وأن استشعار الأزهر الشريف بمشيخته على رأسهم سماحة الامام الأكبر لا يدل دلالة واضحة على أن علماء هذه الأمة لا يألون جهداً في البحث عما ينفع المسلمين بل والأمة جمعا".
ودعا وزارات في الشؤون الإسلامية والأوقاف وهيئات العلمية ومجمعها ومراكز البحث في العالم الإسلامي والجامعات والمعاهد الإسلامية أن تولي هذه الأمور عناية كبرى بل توليها جل عنايتها.
التعليقات