شواطئها الخضراء على بحر البطليق تمتد الى 400 كليو متراً
ريجا.. المدينة الرومانسية الغارقة في الحضارة والتاريخ تبهر زوارها
زرت جمهورية لاتفيا الأسبوع الماضي ضمن وفد اعلامي اماراتي بدعوة من وزارة الخارجية, وأتاح لنا البرنامج المعد لهذه الرحلة التعرف الى ملامح تلك البلاد التي تتميّز بجمالها الذي يجعل منها تحفةً فنية، فما يقارب نصف مساحة لاتفيا تغطيه الغابات الخضراء وخاصة أشجار البلوط والصنوبر، وتتنوع الطبيعة الساحرة هناك بتعدد البحيرات والأنهار، والشواطئ الرملية المطلة على بحر البلطيق، كما انها ذات تاريخ عريق وتنوّع ثقافي واسع، وتمتاز بموقعها بالقرب من الدول الاسكندنافية التي يفصلها عنها بحر البلطيق .
وتجئ دعوتنا لزيارة لاتفيا بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الجمهورية عام 1918 ميلادي , وشهدت الجمهورية منذ ذلك التاريخ العديد من الصراعات بين الألمان والسوفيات انتهت بوقوع لاتفيا تحت الاحتلال السوفياتي .
في عام 1991 ميلادي تمكّنت لاتفيا عبر ثورة شعبية من التخلّص من الاحتلال السوفياتي لتستعيد حريتها ودورها التاريخي كحلقة للوصل بين قارّة أوروبا والشرق الأوسط . وتعتبر لاتفيا دوله صغيرة من حيث المساحة والكثافة السكانية إلا أن ذلك لم يمنعها من التطور لتصبح واحدة من الوجهات السياحية الأشهر في أوروبا .
ولعل اهم ما يميز لاتفيا هو وجود أكثر من 12500 نهر تمتد لمسافة 3الف كيلومتر ،بجانب 2256 بحيرة كما يوجد بها أيضا أوسع شلال مياة في أوربا وهو " فينتا رابيد " في منطقة كولدجيا وهو واحد من أشهر المزارات الطبيعية في لاتفيا وهناك أيضا منحدرات ديفونيان المصنوعة من الحجر الرملي التي توجد في حديقة جوجا الوطنية .
موقع استراتيجي
تقع جمهورية لاتفيا في شمال أوروبا في منطقة البلطيق، وتحدّها من جهة الشمال دولة إستونيا، ومن الشرق روسيا الاتحادية، ومن الجنوب ليتوانيا، من الجنوب الشرقي بيلاروسيا أو روسيا البيضاء، وفي الغرب بحر البلطيق ومن بعده دولة السويد. تتمتع لاتفيا بأرض سهلية منخفضة في معظمها، وتغطي أغلب مساحة البلاد الغابات والمراعي والحقول الخضراء،
وتحتل لاتفيا المركز الرابع على مستوى أوروبا من حيث الدول التي تغطي الغابات النسبة الأكبر من مساحتها، كما يوجد فيها العديد من الأنهار التي تغذي الأراضي الخضراء والحقول والمراعي، ويتميز ساحل بحر البلطيق بأنه مصيد هام لأسماك السلمون.
وتعيش في أراضي لاتفيا ما يزيد عن سبعة وعشرين ألف نوع من أنواع النباتات والحيوانات، وتوجد العديد من المناطق التي تم اعتبارها محميات طبيعية للحفاظ على الكائنات الحية التي تعيش فيها والتي يمثل فقدانها خطراً على سلالتها من العالم لندرة وجودها.
تتميز لاتفيا بمناخ رطب ومعتدل وشبه قاري ،حيث تكون الأجواء دافئة خلال فصل الصيف وشديد البرودة خلال فصل الشتاء وفي كثير من الاحيان تكون هناك مستويات عالية من الرطوبة وهطول الأمطار .
في مدينة الرومانسية !
لقد أقمنا في ريجا العاصمة، وهي المدينة التي تستحوذ على أكبر قدر ممكن من اهتمام السائحين، في فندق " جراند هوتيل كمبنسكي ريجا Grand Hotel kempinski Riga وهو عبارة عن قصر تاريخي ذو خمس نجوم و يقع في قلب العاصمة التي تُلقب بمدينة الرومانسية والإثارة منذ القرون الوسطى. وتتميز بهندستها المعمارية المميزة التي تحاكي النمط القديم للقرون الوسطى، وعلى وجه الخصوص الطريقة القوطية، فضلاً عن أنها تسلب لب من يزورها لأول مرة لروعتها وجمالها.
خدمات راقية
تتمتع لاتفيا بشبكة متطورة من خطوط النقل والمواصلات ، بعضها من بقايا الحقبة الشيوعية مثل خطوط السكك الحديدية والموانئ الموجودة على بحر البلطيق، بالإضافة إلى مطار ريجا الدولي، وقد أضيف إليهم بعد انتهاء الحقبة السوفييتية شبكة متنامية من الطرق البرية التي تعمل على ربط المدن الرئيسية في البلاد ببعضها البعض وبالقرى المجاورة لها من أجل تحسين النقل الداخلي، بالإضافة إلى الربط بين الدولة وبين المدن القريبة منها في الدول المجاورة مثل موسكو وسانت بطرسبرغ ومينسك. أدى وجود مثل تلك البنى التحتية في جمهورية لاتفيا مع التحرر من الاقتصاد السوفييتي وخصخصة أجهزة القطاع العام إلى نمو اقتصادي مبهر بالنسبة للمقاييس الرأسمالية،
جولة على الأقدام
تجولنا على الاقدام في عاصمة لاتفيا للتعرف على ابرز معالمها السياحية , وهي بصراحة مدينة ساحلية جميلة، حيث إنها تطل على سواحل خليج رجيا الذي يتصل ببحر البلطيق. ومدينة ريجا هي منطقة إدارية خاصة ومستقلة، وهي أكبر مدينة في لاتفيا من حيث عدد السكان، حيث يتجاوز عدد السكان فيها 700 ألف نسمة،
تجولنا في المدينة القديمة برفقة مرشدة سياحية , تلك المدينة الغارقة في الحضارة والتاريخ لاحظنا انها عبارة عن حيّ شعبي يقع في المركز التاريخي والجغرافي للعاصمة لاتفيا، ويضم شوارع مرصوفة بالحصى ومباني عائدة للقرون الوسطى هناك، افتح ذراعيك في “روزينا”، الشارع الأضيق في “ ريجا ”، حيث يمكنك لمس الجدران المتقابلة معاً، ولا تفوت فرصة تناول الوجبات في أحد المطاعم الشهيرة.
ببساطة يدرك السائح وهو يتجول في حواريها وازقتها وحدائقها ان ريجا هي أكثر الأماكن جذباً للسياح، والسبب في ذلك يعود لأنها عامرةً بالتراث والأماكن التاريخية المميزة والتي تنقل الزوار للعصور الماضية، وهذه المدينة من المدن التي تمّ ضمّها لمنظّمة اليونيسكو العالمية للتراث، وفي هذه المدينة العديد من الأماكن المميّزة مثل القرية القديمة "أولد تاون" التي تحتوي على العديد من الآثار التاريخية التي تعود لحضارات العالم المختلفة، كما أن المدينة تحتوي على كنيسة القديس بطرس التي تمّ بناؤها منذ عام 1209 ميلادي. تشتهر هذه الكنيسة بتصميمها الفريد؛ فلها برجٌ عالٍ جداً، وبالقرب منها تقع الكاتدرائية التي تُعرف باسم دوم، تعد هذه الكاتدرائية من الأماكن التاريخيّة المميّزة والتي تم بناؤها في عام 1211 ميلادي، وفي المدينة أيضاً يوجد مبنى الرؤوس السوداء والذي تمّ بناؤه في القرن الرابع عشر ولكنّه دمّر في الحرب العالمية الثانية، وقد تمّت إعادة ترميمه وإصلاحه في عام 1999 ميلادي ليصبح المقرّ المؤقت لرئيس الجمهورية.
تمثال الحرية وسنترال بارك !
توقفنا طويلا امام تمثال الحرية وسط ريجا والذي يبلغ ارتفاعه ما يقارب 42 متراً، وهذا التمثال محاط بأشجار حديقة سنترال بارك المميزة، كما أن هذه المدينة تحتوي على دار للأوبرا الوطنية التي بنيت منذ عام 1863 ميلادي، وفي القدم كانت دار الأوبرا تُعرف بالمسرح الروماني حتى تم تجديدها وإصلاحها في عام 1955 ميلادي. تضمّ البلدة القديمة العديد من الأماكن السياحية الجميلة مثل مسرح الدراما الروسي والذي يعدّ الأقدم من نوعه خارج حدود البلاد الروسية، وقد تم بناء هذا المسرح في عام 1883 ميلادي، وفي البلدة القديمة أيضاً العديد من المقاهي والفنادق القديمة والتي تعتبر من الأماكن التاريخية في البلاد والتي تحتوي على بعض التحف واللوحات التي تعود لفترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي،
وممّا يجذب السياح أيضاً جمال شواطئ لاتفيا التي تمتد الى اكثر من 400 كيلومتراً ومناطقها الساحلية المميزة خاصّةً منطقة يورملا التي تعد أكبر المدن على ساحل البلطيق والتي تعد متحفاً متكاملاً .
في منتجع يورملا !
تضمن برنامج رحلتنا الى لاتفيا جولة استغرقت يوما كاملا في منتجع يورملا على بحر البلطيق . يبعد المنتجع 15 كيلومتراً من مطار ريجا الدولي، و25 كيلومتراً من العاصمة , ويشتهر بموارده الطبيعية، ومناخه المعتدل وتجربة العلاج بالطين والمياه المعدنية. ويسمح الشاطئ الأبيض الرملي الممتدّ على نحو 26 كيلومتراً مع غابات الصنوبر الواسعة، خيارات الترفيه المناسبة للفصول الأربعة.
زرنا هناك قرية الصيادين والمتحف التاريخي المفتوح وسط غابات البلوط مع نزهة على شاطئ البحر الملئ بالعنبر ورائحة الطبيعة الساحرة .
غير ان الفقرة الأكثر إثارة في البرنامج هي التجوال في غابات " راغاكابا " والسير على الاقدام لمسافة 13 كليومتراً وسط غابات البلوط الطبيعية والتي لم تطأها اقدام الانسان منذ الازل ! المشى في الغابة هو الأكثر متعة لانها تعزل الانسان عن واقع الحياة المثقل بالهموم وارهاق العمل !
ومن هناك توجهنا الى منتجع " بالتيك بيتش هوتيل Baltic Beach Hotel “ وكانت في استقبالنا المديرة العامة السيدة فرانشيسكا وفريق العمل في الفندق المطل على شاطئ بحر البطليق وبعد جولة في المنتجع والسبا وأماكن الترفيه تناولنا العشاء المكون من الكافيار واسماك السلمون وغيرها من الماكولات البحرية الرائعة في المطعم الإيطالي ذو الواجهة البحرية الجميلة .
جمهورية لاتفيا في سطور:
جمهورية لاتفيا، هي دولة تقع في منطقة بحر البلطيق في أوروبا الشمالية. يحدها من الشمال إستونيا وإلى الجنوب ليتوانيا وإلى الشرق الاتحاد الروسي وإلى الجنوب الشرقي روسيا البيضاء وتشترك بحدود بحرية إلى الغرب مع السويد. يبلغ تعداد سكانها 2,229,641 نسمةومساحتها 64,589 كيلو متر مربع وهي واحدة من أقل الدول من حيث الكثافة السكانية في الاتحاد الأوروبي. عاصمة لاتفيا هي ريجا واللغة اللاتفية هي اللغة الرسمية وعملتها هي اللاتس استبدلت في الأول من يناير 2014 باليورو والشعب اللاتفي بلطيقي وذو صلة ثقافية بالإستونيين والليتوانيين أمما عن اللغة اللاتفية فهي لغة هندوأوروبية حيث تعد إلى جانب الليتوانية اللغتان الوحيدتان الحيتان من الفرع البلطيقي.
يشتهر الشعب اللاتفي بحبه للضيوف والترحاب بهم، رغم أنهم متحفظين ورسميين في تصرفاتهم وشئون حياتهم اليومية. كما يشتهرون بفنهم الفلكلوري التقليدي، خاصة الرقص على أنغام الأغاني الفلكلورية، والذي يعود تاريخه لأكثر من ألف عام. ومن أشهر احتفالات لاتفيا عيد الفصح، عيد العمال، وعيد الاستقلال في الرابع من مايو، وإعلان الجمهورية اللاتفية في 18 نوفمبر، وليلة وعيد الميلاد (25-26 ديسمبر).
التعليقات