من يوم لآخر تطل علينا كارثة الكترونية ضحيتها طفل أو شاب، أحدثها لعبة "الحوت الأزرق" التي أودت بحياة شاب مصري خلال الأيام القليلة الماضية، وبلغ ضاحياها أكثر من 200 شاب وطفل في العالم ، هذه ليست الا قمة جبل الجليد، وما خفي كان أعظم.
فقد تسبب «الحوت الأزرق» في حوادث انتحار واسعة بمختلف دول العالم، منها عربيا: الجزائر والكويت ومصر، وكان موطن اللعبة روسيا المتضرر الأكبر، حيث انتحر هناك 130 طفلاً. وتلاها البرازيل (انتحر 40 طفلاً) هذه حوادث التي تقود إليها اللعبة، سلطت الضوء على خطورتها، ولكن هناك ألعاب أخرى لا تقل خطورة وتتطلب مواجهة صارمة.
بدأت لعبة الحوت الأزرق بروسيا عام 2013 مع مجموعة ""F57"بصفتها واحدة من أسماء ما يسمى "مجموعة الموت" من داخل الشبكة الاجتماعية فكونتاكتي، وقال فيليب بوديكين ــ وهو طالب علم النفس السابق الذي طرد من جامعته لابتكارهِ هذه اللعبة ــ أن هدفه هو "تنظيف" المجتمع من خلال دفع الناس إلى الموت. وقد أُلقي القبض على بوديكين وأدين بتهمة دفع ما لا يقل عن 16 فتاة مراهقة للانتحار.
وتتكون اللعبة من 50 مهمة، تستهدف المراهقين بين 12 و16 عاماً.وبعد أن يقوم الشخص بالتسجيل لخوض التحدي، يُطلب منه رسم حوت على ذراعه بأداة حادة.
وتتضمن أوامر اللعبة إذاء النفس بطرق أخرى يشترط ان يقوم بها المشارك حتى يمكنه الاستمرار باللعبة تحت ستار وهمي هو التغلب على الخوف، منها مشاهدة مقطع فيديو به موسيقى مخيفة تترك اللاعب في حالة كئيبة، وقطع الشفاة ، والاستيقاظ فجراً والوقوف على حافة السطح.ثم تتوالى الاوامر حتى تصل إلى"التحدي الرئيسي" وهو الانتحار.
برنامج هذه اللعبة المميتة متاح بلغات عديدة في غالبية دول العام، وفي مصر، رصد عددً من المدرسين في شهر مارس الماضي قيام بعض الطلبة بـ"تشريط أيديهم" بسبب هذه العبة بمحافظتي القاهرة ومطروح، وفقا لمداخلة للدكتور رضا حجازي، رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، مع ببرنامج "صح النوم"، بقناة "ltc"، وبناء على ذلك تم تكليف الأخصائيين الاجتماعيين بمتابعة الطلاب في المدارس (صدى البلد، 7 ابريل 2018).
ومن الألعاب الخطيرة "جنية النار" التي انتشرت في مارس 2017، وتبدو ظاهريا أنها لعبة أطفال تهدف للتسلية لأن تصميمها يشبه لعبة شهيرة ومحبوبة لدى الأطفال تُسمى "نادي الساحرات"، و لكنها في الحقيقة تدفعهم لحرق منازلهم وأنفسهم، لأنها تصدر أوامر للأطفال، تنص على تشغيل موقد الغاز في المطبخ، ثم تكرار بعض الكلمات الساحرة، بهدف التحول إلى "جنية نار"، فعند تحميل اللعبة تظهر رسومات كرتونية تشبه "الجنيات" المنتشرة ببرامج الكرتون، ثم تطلب اللعبة من الأطفال تجهيز "الجنية" وتمشيط شعرها واختيار ما يناسبها من ملابس وهذا ما يجذب الأطفال للعبة، وبعد ذلك تبدأ اللعبة في جذب الأطفال أكثر بطرق أخرى وتظهر لهم بعض التعليمات الخاصة، وتدعوهم الى ترديد عبارات من قبيل "يا ساحرة الملكة ألفي، يا أيتها الجنيات الصغيرة الحلوة، أعطني القوة" ثم تصدر أوامر للطفل أن يذهب إلى المطبخ ، دون أن يشعر به أحد، "وإلا سحر الكلمات سيختفي"، لفتح شعلات موقد الغاز الأربع، دون إشعالها، ثم النوم بعد ذلك. وتقول تعليمات العبة:" الغاز السحري سوف يأتي إليك، ستتنفسيه أثناء نومك، وفي صباح اليوم التالي، عندما تستيقظين رددي: "شكرًا لك ألفي، وبتلك الطريقة سوف تصبح جنية نار" وترتب على تطبيق هذه التعليمات احتراق العديد من المنازل وموت الكثير من الاطفال وأسرهم .
وهناك ألعاب خطيرة أخرى، منها لعبة مريم و تشبه الشبح وتعتمد على إثارة الأطفال،. ولعبتي "تحدى شارلى" و" باندا" و تقودان في نهايتهما للانتحار. وللأسف تنتشر بعض هذه الالعاب بين الكثير من الأطفال المصرين .
ذكرت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب أنها بصدد مناقشة قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، ولكننا تأخرنا كثيرا في سن تشريعات تواجه مثل هذه الجرائم التي يجب أن تتضمن نصوصا لحجب ومواجهة تلك الألعاب الخطرة . ومن حق الدولة بل من واجبها غلق مثل هذه الألعاب والتطبيقات القاتلة على الإنترنت حتى قبل صدور هذه التشريعات،لإنها تمثل خطورة على الأمن القومي. وفي الوقت نفسه من الضروري توفير الانشطة الرياضية والفنية بالمدارس ومراكز الشباب، وتحفيزهم على المشاركة بها، تفاديا لأن يكونوا عرضة لافتراس بعض التقنيات الإلكترونية، ولكن كل ذلك لا يعفي الوالدين من مسؤولية مراقبة سلوك أبنائهم خلال تعاملهم مع الإنترنت، والحوار معهم ومحاولة جذبهم بعيدا عن أتون الشبكة العنكبوتية.
التعليقات