الأشياء الجميلة يجب أن أن تكون مقدماتها جميلة.
فتحت "النيش" وأخرجت أفضل فنجان لدي للقهوة ودخلت أطهو ذرات البُن على الماء لصنع القهوة الثانية في اليوم ولكن بطريقة مختلفة.
القهوة السادة والكافيين والمرارة مع قطعة شوكولاتة صغيرة تشبه حياتنا، وكانت بداية مختلفة لأقول لنفسي شكرا لك لأنك تجتهدين لصناعة الإنسان.
تعلمت على مدار أيامي أنه من يضع شكله الخارجي أو نسبه أو اسم عائلته موضع افتخار، سيبقى في نهاية رحلته خال الوفاض عرش قلبه مهزوز.
شكلك وجمالك وعائلتك صنع الله، هو من اختار لك القالب الذي تسري فيه روحك، أنت فقط من يستطيع تجميل القالب ليخرج البهاء من الجسد ويشع النور من الروح.
قد تستغرق اللفيف الأعظم من سنوات عمرك لتقترب من صناعة الذات الرَحِبة، لكن النتيجة تستحق مشقة الطريق.
ما لا يقوله لنا آباءنا أن كل الجهد المبذول في تربيتنا ما هو إلا الخطوة الأولى في طريق شاق علينا أن نمشيه بمفردنا.
مالم نخبر به أبناءنا أن العائلة والأصل الطيب ومنبت الأصول وبيت المودة هو فقط نقطة البداية.
بُنيّ … أمامك أطول الطرق لإعادة زراعة منبتك مرة أخرى حتى يؤت حصاده.
أتعجب من بعض الأشخاص ممن يصرف ببذخ على مظهره الخارجي ويترك الداخل أجوف أسود خالي من كل مصادر الجمال والحياة.
عار عليك أن تفتخر بشيء لم تصنعه يداك!
التجمل من أفضل ما يمكنك أن تكافئ به نفسك شريطة أن يظهر منك الروح الرطبة القادرة على خَبْز أرغفة المودة.
رأيت الكثير من الأشخاص بحسابات زماننا لن يستطيعوا أن يعيشوا قدر ما فات من العمر ولم يعوا بعد حقيقة بسيطة …
أنت مرئي بوضوح فلا تتجمل!
ما لا يدركه بعض الناس أن دور القلب في الحب أهم من دوره في ضخ الحياة بداخلك. في النهاية تختفي أجسادنا وتبقى أرواحنا معلقة بين لونين لا ثالث لهما الأبيض والأسود.
أتعجب من مقدرة الإنسان الكذب على نفسه. التزيين والتدليس وإفك رؤيتك لما أنت عليه بالفعل هم أسباب تعاستك في الدنيا.
المبتلى شخص يصارع في دنياه لكني أرى أنه سعيد فالله سبحانه وتعالى يذكره طوال الوقت بأنه على قائمة أولوياته رغم ما يمر به من فقد وأوجاع.
أما هذا الوغد صاحب الخيلاء في جودة قلبه والذي يطالعك ليل نهار بأنه الملاك المُنَزَّل والمادة الخام للجودة على الأرض، فهنيئا لك أيام مليئة بالخسارات!
العجيب أن أصحاب القلوب الخاوية لا يقرأون، لا يسمعون، ولا يشعرون مثلنا، لذلك كلماتي ليس موجهة إليهم بل موجهة لنفسي لاستمسك بالمزيد من القوة في حب الخير وتمني بقاء النعم عند كل الناس.
الكلمة الطيبة هي الفراش الكريم القادر على إزاحة قصاصات الألم عن جسدك كل ليله.
حتى وقت قريب كنت أرى أني لا أنال من بعض القلوب ما أريد، بل بدائل لا يطمئن إليها قلبي.
أدرك جيدا اليوم أنني يجب أن أكون أنا ما أريد وأنا البديل، ولن اتغير لأن أحدهما لم يكن قادرا على منافسة جودة قلبي.
اكره غرور القلب فهو طريق الروح الجاهلة، لكني استغرقت عمرا في ترويض هذا القلب حتى تكون مخرجاته آمنة الصحبة مريحة الرفقة.
لن اعطيك يوما جوابا سيئا إذا سألتني عن أحدهم، لن أكون يوما شوكة في ظهرك، لن أنسى فضلك وسأرده بأضعاف من كرم ومودة، في شدتك ستجد كتفي يقيمك قبل أن تفكر إلى أين تذهب، سأترك نفسي عندك طالما احتجتني، سأكون قلبك وعقلك في وجعك، والأهم أنني سأعطيك من روحي أفضل مما أتمناه لنفسي.
هكذا دربت روحي على العطاء واحببت الجري وراء قلوب المتعبين، فكان حقا أن أكافئ قلبي بفنجان قهوة يطبطب على قلبي.
أدعوك يا صديقي أن تتعلم كيف تكون لنفسك الحبيب، لا أحد على الأرض سيعطيك كل ما تحتاج فهذا أسوأ ما قد يحدث لك، لأنه يعني خسارة عنيفة لكل ما تحب إذا فقدته.
التوازن الذي يجعلك تلتقط خيوط المودة والدفء من بعض القلوب وتمازجها بإرادة قوية وقلب سليم وعقل يرتجي جودة الحياة، هي التركيبة المثلى التي تطيل عمرك وتضاعف جودة طرح قلبك.
إن أفضل الانتصارات هي تلك الغير معلنة والتي لا يهنئك عليها أحد. أن تشعر أنك شخص عادي لكنك إنسان، أن تتوقف عن الشعور أنك لا تُعَوض، أن تؤمن أنك لم تحصل بعد على أفضل نسخة من نفسك، أن تتمنى لغيرك كل ما تشتهيه لنفسك، وأن توقن أن الخير عند غيرك لن ينقص يوما الخير في بيتك فالوهّاب لا تنقص لديه الأرزاق، وأن يكون نورك المستمر طمأنينة كل من يخاف الظلام، أن تُرَبي الأبناء على القلوب الممتلئة والأنفس الشبعَى، وأن تكون سيرتك في الدنيا قدميها الأصل والاجتهاد .
هذه يا صديقي مكاسب لن يهنئك عليها أحد، لكنها ستكون قائمة الجبر في دنيتك، كلها أشياء شبيهة بالسعادة ستجعل الله ينظر إليك ويصادفك توفيقه وفضله ورضاه.
التعليقات