تحاوره تغريد عبد العال (كاتبة فلسطينية تقيم في لبنان)
السيد ريندون، الشاعر الكولومبي الكبير، المناصر لفلسطين، نحييكم، كأكاديمية بيت الثقافة (المركز الثقافي الفلسطيني في لبنان)، في حركة الشعر العالمية على تضامنكم النبيل والعظيم مع القضية الفلسطينية.
1- أولا، نرى كل الإبادة الجماعية، ونشعر أننا نريد أن نعبر ككتاب أو مثقفين، لذلك كتبنا مقالات وقصائد ونتبرع أيضا لغزة. هل يمكن للكلمات كشاعر أن تؤثر على الناس في العالم لتغيير موقفهم أو هل يمكنها أن تخفف من آلام الفلسطينيين؟
اللغة تخلق وعيا بالعالم وبالطبع تؤثر بشكل مباشر على الناس. هناك قوة تراكمية كبيرة من التضامن مع فلسطين تدعم مقاومة هذا الشعب الشقيق. لقد نمت الطاقة العظيمة للكلمات وهي كلمات صادقة ودقيقة ومحبة تحتضن آلام الشعب الفلسطيني.
2- في هذا العالم حيث الإمبريالية تدمر الإنسان والثقافة، وبصفتك شاعراً كولومبياً، ماذا تستطيع أن تقول للشباب الفلسطيني في المخيمات فيما يتعلق بسلاح المعرفة والوعي؟
فلسطين والعالم ينبضان على الأرض بقوة الغزو الهشة. وهناك معارضة متزايدة من شعوب الأرض للمذبحة ضد شعب الله. وهناك انقسام عميق في إسرائيل. لا يمكن لأي قاتل في تاريخ البشرية أن يقتل البشر كل يوم دون عقاب، ودون أن يتحول إلى جثة. الذاكرة والصبر هما سلاحا المعرفة والضمير. يجب تشحيم هذين السلاحين وتلميعهما كل يوم. من الضروري أن ننمو في النضال من أجل التحرير. الانتظار في النضال من أجل الاستقلال ليس أبديًا. لا شيء أبدي، حتى الموت.
3- كشاعر كولومبي وكما نعلم فإن شعراء وكتاب أميركا اللاتينية كتبوا عن النضال بلغتهم الخاصة، كيف تنظر إلى العلاقة بين الشعر والمقاومة؟
الشعر دليل عظيم على عناد وصمود الروح الإنسانية عبر قرون من الحرب والنهب والجرائم ونسيان الحالة الإنسانية. لقد صبغت الإنسانية طريقها في مقاومة الشَّر بالشِّعر. فالقصائد تبني واقعا بديلا للكابوس البيّن. نحن نقاوم من خلال الشعر الذي يرفع الروح ويقويها وسط متاهة الرعب. لا يمكن للمرء أن يعيش بدون الشعر في هذه الظروف. كتابة القصائد والقتال مسلحين بالشعر وجعل الشعر نصراً هو تعبير عن انتصار المقاومة اليومي.
4- ينتقد الشعراء في العالم أحيانا شعر وأدب المقاومة ويقولون إن هذا الشعر مليء بالقضايا الكبرى والشعر الحديث خاصة في الغرب تخطى ذلك الزمن. ماذا تقول عن شعراء وكتاب فلسطين المناضلين؟
لقد عانى الغرب من حروب مأساوية، وخاصة تلك التي اندلعت ضد هتلر والفاشية قبل ما يقرب من ثمانين عامًا. حمل العديد من الشعراء السلاح ضد النازيين وكتبوا أشعارهم في الخنادق لتشجيع أنفسهم وتعزيز أنفاس القارة الأوروبية. إنهم رمز عظيم لعالم اليوم ولن تفقد قصائدهم أهميتها أبدًا. ومع ذلك، يتجاهل بعض الشعراء عمدًا، ربما من باب الراحة، أن قسوة الحرب اليوم تجرح العديد من شعوب الأرض. كما أنهم يجهلون أن الحرب دائمًا على أبواب أوروبا، كما تحمل أوروبا الحرب دائمًا في كل مكان، وأن الصراع النووي يهدد العالم كل يوم. يجب أن يفهموا معنى ورمزية النضال الحالي للشعراء والكتاب الفلسطينيين، الذين يقاتلون من أجل بلدهم والعالم في هذه اللحظة بالذات. يجب على شعراء وكتاب وفناني العالم أن يحيطوا بفلسطين ويحتضنوها، يجب أن يكتبوا ويبدعوا أعمالهم لتأكيد فكرة أن مصير الكوكب يتقرر في فلسطين.
5- هل الصمت أحياناً تعبير عن الحزن والألم؟
الحزن والألم يقوداننا أحياناً إلى الخَرَس. ليس من السهل الكتابة، أو التعبير عن الذات حين نعاني من الألم. فالحزن يبقى في النفس البشرية حين تعاني، ولكن من الضروري كسر دائرة الألم والصمت هذه. وأتذكر بيتاً لشاعر عظيم من القرن الماضي، وأود أن أذكره: "لا بد من الكلام، لا بد من الكلام، لا بد من الكلام عن المذبحة".
6- بصفتكم المنسق العام لحركة الشعر العالمية، نفخر بأن هذه الحركة تقف مع فلسطين وتناضل للتعاون مع الثقافة الفلسطينية. هل هناك مشاريع لتضامن الشعب الفلسطيني بالتوازي مع عالم الشعر؟ وما هي أنشطتكم فيما يتعلق بالتضامن الشعبي أو ضد التطبيع الثقافي.
عقدت حركة الشعر العالمية مؤخراً المؤتمر العالمي من أجل فلسطين، والذي شارك فيه وزراء دولة وشعراء وكتاب وحقوقيون وصحفيون ومثقفون عرب وغربيون بارزون.
لقد فتح هذا المؤتمر آفاقاً جديدة للقاءات وحوارات جديدة بين أصحاب الفكر المؤثر في المجتمع المعاصر، حول مشاكل مصيرية وعاجلة في العالم. وفي لقائي الأخير مع مراد السوداني، الأمين العام لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، اتفقنا على السعي لبناء جبهة ثقافية دولية لفلسطين بدعم من حركة الشعر العالمية.
7- تقول في قصيدة "إن حديقة الحيوان هذه مدينة أقفاص"، هل تعتقد أن العالم بعد الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة أصبح ضيقاً جداً.
في الوقت الحالي قد يبدو العالم ضيقاً بسبب القمع هنا وهناك، في كل مكان، ولكن هناك ملايين عديدة من الناس يناضلون في العالم من أجل الحلم العظيم للإنسانية.
هذا النضال العظيم يتضاعف ويجب أن ينتصر. حينها سيكون العالم رحبا ويصبح عالمنا نحن.
التعليقات