في عالم الموسيقى العربية، لا تزال أسماء بعض الفنانين تلمع وتترك أثرًا لا يُمحى رغم مرور السنوات، ومن بين هؤلاء الفنانة التونسية الراحلة ذكرى بنت محمد الدالي، التي وُلدت في 16 سبتمبر 1966، وحققت شهرة واسعة بأدائها الاستثنائي وإحساسها المرهف.
من تونس إلى مصر، مرورًا بسوريا والمغرب وليبيا والخليج، كانت رحلة ذكرى مليئة بالنجاحات والتحديات، ومع كل أغنية قدمتها كانت ترسم بصمة خاصة في قلوب محبيها.
ورغم أن مسيرتها توقفت بشكل مأساوي في 28 نوفمبر 2003، إلا أن إرثها الفني لا يزال حيًا ينبض في ذاكرة الفن العربي. في هذا التقرير، نستعرض حياة ذكرى من بداياتها البسيطة في تونس وصولاً إلى قمة شهرتها، حتى لحظة وفاتها التي شكلت صدمة كبيرة لمحبيها في العالم العربي.
مولد ذكرى
ولدت ذكرى بنت محمد الدالي في 16 سبتمبر 1966 بمدينة المرسى في تونس. ترتيبها السابع بين أشقائها الثمانية، وكانت والدتها في البداية غير متقبلة لفكرة أن تكون ابنتها مغنية، لكن والدها كان يشجعها منذ صغرها. بدأت ذكرى تعليمها في المدرسة الابتدائية في وادي الليل، ثم انتقلت إلى ابتدائية الخازندار. بدأت موهبتها الغنائية بالظهور أثناء فترة الدراسة، ولاحقًا حصلت على دعم والدتها وأشقائها بعد وفاة والدها.
بداية المسيرة الفنية
بدأت ذكرى مشوارها الفني في عام 1980 بمشاركتها في برنامج "بين المعاهد" بأغنية "أسأل عليا" لليلى مراد. لاحقًا، شاركت في برنامج "فن ومواهب" حيث أبهرت الحكام بفوزها بالجائزة الكبرى بأداء أغنية "الرضى والنور" لأم كلثوم. هذا النجاح كان بداية لانطلاقتها الفنية، حيث انتبه لصوتها الملحن التونسي عز الدين العياشي، وبدأت معه أول خطواتها في عالم الغناء الاحترافي.
النجاح في تونس
خلال فترة تواجدها في تونس، سجلت ذكرى العديد من الأغاني التي حققت شهرة واسعة، مثل "لمن يا هوى"، و"حبيبي طمن فؤادي". تعاملت مع العديد من الملحنين والشعراء التونسيين، وكان معظم أعمالها من ألحان عبد الرحمن العيادي. في عام 1987، حصلت على المركز الثالث في مهرجان الأغنية التونسية بأغنية "حبيبي طمن فؤادي".
الانتقال إلى سوريا والمغرب
في عام 1986، سافرت ذكرى إلى سوريا لتعلم أصول الغناء والموسيقى، حيث سجلت أغاني حققت نجاحًا كبيرًا. كما شهدت فترة تواجدها في المغرب تعاونها مع العديد من الملحنين، وغنت في العديد من الحفلات والمهرجانات، مما زاد من شهرتها في الوطن العربي.
الرحلة إلى مصر
انتقلت ذكرى إلى مصر، حيث بدأت شهرتها في الوطن العربي تتوسع بشكل كبير. تعاملت مع كبار الملحنين المصريين مثل صلاح الشرنوبي وحلمي بكر. من أشهر أغانيها باللهجة المصرية: "وحياتي عندك"، و"مش كل حب"، و"الأسامي"، و"الله غالب". أصدرت خلال مسيرتها الفنية في مصر العديد من الألبومات الناجحة مثل "الأسامي" و"يانا" و"يوم ليك ويوم عليك".
النجاح في الخليج
تميزت ذكرى بقدرتها على غناء اللهجات الخليجية، وحققت نجاحًا كبيرًا في دول الخليج العربي. أصدرت العديد من الألبومات الخليجية مثل "التلاقي"، و"ذكرى 1"، و"ذكرى 2"، و"وش مصيري". كما غنت العديد من الديوهات مع فنانين خليجيين مثل طلال مداح وأبو بكر سالم ومحمد عبده وعبد الله الرويشد.
ذكرى - فن - الوطن" src="https://cdn.elwatannews.com/watan/840x473/10220509781537070529.jpg" />
مقتل ذكرى المفاجئ
في 28 نوفمبر 2003، لقيت ذكرى حتفها في حادث مأساوي، حيث أطلق زوجها رجل الأعمال المصري أيمن السويدي النار عليها وعلى ثلاثة أشخاص آخرين قبل أن ينتحر. شكلت وفاتها صدمة كبيرة لمحبيها في العالم العربي.
وكشف فريق الأطباء الذي فحص الجثة أنها أصيبت بـ 26 رصاصة في جميع أنحاء جسدها وبقيت على قيد الحياة لمدة 15 دقيقة فقط. الضحيتان الأخريان للجريمة هما سكرتيرة ذكرى التي أصيبت بـ 22 طلقة بينما تلقى مدير أعمالها 18 رصاصة أدت لمقتله أيضا.
كما ذكر تقرير التشريح أيضاً أن زوج ذكرى الذي انتحر بعد قتل الضحايا الثلاثة أطلق النار على نفسه بوضع البندقية في فمه مما أدى إلى وفاته على الفور.
ذكرى فى يوم وفاتها - اليوم السابع" src="https://img.youm7.com/ArticleImgs/2018/11/28/26521-4.jpg" />
إرثها الفني
بعد وفاتها، أصدرت شركة فنون الجزيرة ألبومًا بعنوان "وتبقى ذكرى"، ضم سبع أغاني سجلتها قبل وفاتها. تركت ذكرى إرثًا فنيًا كبيرًا يتضمن 16 ألبومًا والكثير من الأغاني الفردية التي ما زالت تتردد في أرجاء الوطن العربي.
التعليقات