رغم ندرة اللقاءات مع الأديب والشاعر اليمني الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، إلا أن أجمل الأصبوحات الصنعانية كانت بضيافته، حين أدار ندوة شعرية كنت بين قرائها، مع الشاعرة المبدعة مي مظفر، وبحضور الروائي الصديق علي المقري، وساعتها قدّمني أستاذنا بلقب "السندباد الشاعر"، فالمبدع والناقد الراحل كان لمّاحا وبليغا، واختزل في كلمتين كلّ ما يمثل سيرتي، كما يراها.
أما "أحمد ابن فضلان القرن الحادي والعشرين" فهو اللقب الأثير الذي منحته لي السيدة رئيسة خانوم صفيولينا، عضو المجلس العام في وزارة الثقافة بجمهورية تتارستان، وعضو الاتحاد الدولي للصحفيين، وعضو اتحاد الصحفيين في روسيا وتتارستان، وعضو اتحاد المصورين في روسيا، ومؤسسة ومنسقة النادي الدبلوماسي "الدبلوماسية العامة - حوار الثقافات". وقد زرت قازان مرات، حتى صار أهلها مثل أفراد عائلتي، وحرصت في كل مرة على زيارة قرية البلغار على نهر الفولجا، حيث وصل الرحالة ابن فضلان قبل أكثر من 11 قرنا ليكون تاريخ وصوله اليوم الرسمي لدخول الإسلام إلى أرض الصقالبة، وورثتها، الإمبراطورية الروسية.
هذا الأسبوع، في كوريا مررنا بمعبد ناكسان، على الجبل الذي يحمل الاسم نفسه، كان من الطيب أن يستقبلنا الراهب مومين، ويجهز لنا الشاي التقليدي، بطقوسه، وكنت بصحبة صديقي الإعلامي لي سانج كي، والجنرال الكوري الأشهر مين، واقترح سانج كي أن يمنحني الراهب اسمًا بوذيا، فكان الاسم المختار (شراع البحر)، مستلهما حكاية كنا نتبادلها عن السندباد الكوري. وتحدثنا عن الراهب الراحل تشو أوه هيون، الذي ترجمتُ له ديوان "قديس يحلق بعيدًا"، وصدر في مسقط، وناقشته ورشة الزيتون في القاهرة، فكان من الجميل أن نلتقط الصور التذكارية بالمعبد، وبالتحديد في القاعة التي تحتفظ بلوحات الراهب الراحل.
ولعلي أذكر أحب الألقاب، القط، وهو قط رحّالة يرتبط بكل مدينة يزورها، وتناديني به زوجتي المخرجة التلفزيونية والكاتبة فاطمة الزهراء حسن، عبر الهاتف، فأنا مرة قط ميونخ، وأخرى قط سيول، وحين زرت أمريكا اللاتينية في مهرجاني شعر بميديين الكولومبية، وكاراكاس الفنزويلية؛ كنت مرة قط ميديين، وأخرى قط كاراكاس، في أسبوع واحد!
حين أصدرت ثاني كتبي في أدب الرحلة، ضمن سلسلة (كتاب العربي)، اخترتُ أن أسميه "نهر على سفر"، وقلت إني ذلك النهر، الذي أريد أن أحمل خصاله، أنى يمر يحمل الخصب، ويسعى دوما للحفاظ على نقائه، ويحمل على رأسه من يحبونه، ويغنون له فيفيض كالنيل، ويعبر بهم بين ضفتين من الأمن والطنأنينة، أو يحاول.
الألقاب جميلة، لأنها جسر النوستالجيا، نتذكرها فتمر ابتسامة ما، وتطوف بالعين وجوه، ويتردد في الأذن صداها عابرة للزمن.
التعليقات